| مقـالات
في الربيع الماضي اخذت زوجتي وبعض ابنائي في رحلة قصيرة الى المنطقة الشرقية، ورغم ان رحلاتي الى الشرقية غالباً ما تكون قصيرة، الا أنني كعادتي في الوسوسة أثناء السفر، قررت ان نعقد اجتماعاً عائلياً، لكي نستقر على الوسيلة التي تأخذنا في رحلة الاربعمائة كم، خاصة وانني لا أتهيب ركوب الطائرت فقط ولكنني أضفت إليها البر والبحر، ومع ذلك فإنني دائماً ما اركب الصعاب، فأمتطي جميع الوسائل السابقة، وكلي قلق وألم وانتظار للوقوف على رجليّ في البر التالي!!
ولأن اجتماعنا العائلي، لابد ان يكون على طريقة الاجتماعات العربية المكوكية، فقد أخذنا عدة ايام نتداول مميزات ومساوىء كل وسيلة مواصلات وللحق كنت انا المماطل الاكبر في هذه الاجتماعات، فرحلة الطائرة معرضة للمطبات الجوية والتأخير والغاء الحجوزات وبُعد مطار الملك فهد عن وسط المدينة، اما الباص فهو يبعد عن بيتنا مسافة نصف ساعة بسيارتنا، وهو أيضاً خشن ومقلق، وسائقه غالباً من هواة اختراق الضاحية، فلا تهمه الاشارات المرورية او السرعة المحددة، انه باختصار طائش، ووسيلة مواصلات بهكذا سائقين دواؤها الترك! لذلك صرفنا النظر عن الباص، كما صرفنا النظر عن الطائرة، ولم تبق سوى سيارة العائلة، وهي لحسن الحظ لم تكن مؤهلة لذلك، من ناحيتين: الأولى هي أنني كسائق اذا خرجت بسيارتي من الرياض.، اصاب بحالة يتهيأ لي معها أنني سوف ارتكب حادثاً، واذا لم أرتكب حادثاً فإن ضغطي سوف يرتفع، والسبب الرئيسي في هذه العيوب الشخصية هي الهيصة التي سوف يحدثها الابناء، ما يمنعني من التركيز في القيادة، فأنا اخوض معركة يومياً في شوارع الرياض، فكيف اذا نقلتها الى البر والطرق الطويلة، حيث لا مرور ولا اشارات؟
ولما لم يبق على موعد السفر الا ايام استقر القرار العائلي، على السفر بالقطار، ولابد ان يكون نهاراً، حتى نتمكن من الوصول في وقت مناسب، وقبل ذلك نمتع أعيننا من نوافذ القطار، بمشاهدة القرى والمدن الصغيرة المنتشرة على الطريق، وكلها لم يرها الأبناء ولم ترها أمهم، ولأكسر حاجز السفر المسائي الى المنطقة الشرقية، وقد صدر قرار السفر بواسطة القطار بإجماع الآراء، خاصة وأننا نقرأ دائماً عن رقيّ الخدمات ورخص الاسعار والالتزام بالسفر والعودة، لذلك فقد حجزنا في احسن مكان، مستفيدين من التخفيضات المدرسية، ومن قلة المسافرين في ذلك اليوم، وعند السفر حضرنا في الوقت المناسب وأقلعنا أيضاً في الوقت المناسب، وقد استغرقت رحلتنا اكثر من اربع ساعات وهو وقت اكبر من الذي تقطعه السيارة وربما الباص، ورغم الضجيج وعدم نظافة دورات المياه القليلة الا ان رحلة السفر مرت بسلام!!
اما في العودة، فلا تدري ما الذي حصل، فالمكان نفس المكان، والدرجة نفسها، لكن الخدمة كانت سيئة، والأسوأ منها كان القطار، حتى تهيأ لنا أننا سوف نسقط الى القاع، ولم اكن اتخيل حقيقة ان هذا هو حال القطار الوحيد في بلادنا، والذي تديره هيئة كاملة، قطار بطيء ومزعج، فهل ركبنا فوق العجل، ام ان هناك اتجاهاً مريحاً واتجاهاً مزعجاً؟ القطارت في الدول الراقية تمر فوق القضبان كما يمر النسيم، فلماذا قطار الرياض/ الدمام/ يبدو وكأنه يمر فوق اكوام من الحصى؟!
لقد سافرت في قطارات كثيرة، لكنني حقيقة كنت اتوقع ان يكون، قطار الرياض/ الشرقية/ الرياض، أفضل وأكثر راحة من ذلك، والا فكيف سيكون حالنا مع ما نزمع القيام به من شبكة سكة حديد في العديد من مناطق بلادنا! ان مرور أكثر من نصف قرن على خدمات السكة الحديد في بلادنا، من المفروض ان تجعلنا نتحسس مشاكل الخط الوحيد أولاً بأول، ليكون اكثر متعة لا قطعة من العذاب او المعاناة، كما لمست ولمس العديد من المتعاملين مع القطار.
فاكس 4533173
|
|
|
|
|