| الاخيــرة
* اختارت بلادنا منذ اشراقة شمس هذا الكيان.. المنهج القرآني سبيلا قويما للادارة والحكم، فطبَّقت مبدأ الشورى تطبيقا يجسد ارادة أولي الامر في تطوير صناعة القرار التنموي، وأنشأت لهذا الغرض مجلس شورى يكون بعد الله عونا لصانع القرار، ورافدا له. وكان المؤسس الخالد الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه البادىء بهذا النهج السديد منذ اكثر من ستين عاما.
***
* واليوم وبعد ثماني سنوات من العمر المديد لهذه المؤسسة الحضارية الجليلة، نتذكر كيف بدأت اول الأمر مع اطلالة هذا العهد الزاهر.. ثم كيف استأنفت مشوارها التاريخي الطويل بتوفيق من الله، ثم بعزم قيادة البلاد ومواهب ابنائها.
***
* ولقد شهدت التجربة الشورية نقلة طموحة وجسورة استقطبت الدولةُ من اجلها، عبر آلية اختيار دقيقة ومحكمة، ثلةً خيرةً من الكفاءات الوطنية المؤهلة، أكاديميا ومهنيا، ليشاطروا صانع القرار مهمة انتقال هذه البلاد الى حال أفضل بإذن الله. وبدأ مجلس الشورى الجديد.. سباقا هاما مع نفسه، ومع طموح التنمية وقضاياها.. واستطاع عبر السنين، ان يقهر تيار الشك والتشكيك في قدرته على استيعاب الكثير من هواجس الشأن العام وان يحولها الى مبادرات ومواقف وقرارات تخدم النفع العام.
***
* وقد قيل ذات يوم.. ان القيادة السعودية تراهن على كفاءة وولاء مثقف هذا البلد، باشراكه في صناعة القرار التنموي ليخوض معها تجربة الشورى، ويصدق الظن بفضل الله وينجح الرهان نجاحا يفوق ما توقعه الكثيرون داخل البلاد وخارجها.
***
* ثم تنتهي الدورة الاولى من العمل الشوري بنجاح.. وتجدد القيادة الرشيدة ثقتها في مثقف هذا البلد.. فتزيد قدرة المجلس.. عُدَّةً وعددا ليصبح رصيده تسعين عضوا، ينتمون الى حقول علمية وعملية متفرقة.
***
* وقريبا باذن الله يبدأ مجلس الشورى دورة ثالثة تستمر أربعة أعوام أخرى بعُدّة وعدد جديدين وليبدأ بذلك مشواره التنموي القادم من حيث انتهى نظيره السابق.
***
* وبتجدد الثقة في تجربة الشورى السعودية، يتأكد الرهان على مثقف هذا البلد، بلاءً وولاءً وكلنا في هذه البلاد على موعد باذن الله مع قطوف النجاح لهذا الرهان الجميل كما شاهدناها أول مرة.
***
* وأود ان اختم هذه المداخلة بخواطر خمس:
الأولى: ان تجربة الشورى في المملكة العربية السعودية فريدة الملامح والصياغة والأداء، فنزاهتُها من فتنة المزايدات وحصانتُها من تجارة الذمم ونأيُها عن مزالق الشعارات، كل ذلك جعلها تدين بالولاء والوفاء لله وحده ثم لهذا البلد، قيادة وشعبا، فتكرس نفسها لخدمته قولا وعملا.
***
الثانية: أتمنى على المجلس القادم ان يكون أكثر شفافية وأغدق حلما، وأجمل صبرا في تلمس هموم الناس، وان يواصل ترجمة مشاهداته وقراءاته المسموعة والمكتوبة لتلك الهموم الى مبادرات عقلانية مدروسة ومتكاملة الأبعاد تعريفا وتشخيصا وعلاجا وآلية تنفيذ.
***
الثالثة: أتمنى ان يضاعف المجلس القادم احتكاكه وتفاعله المباشرين مع شرائح مختارة من مثقفي البلاد ومهنييها ذكورا واناثا، عبر آلية ثابتة وفاعلة، املا في تعريفهم بدوره وآلية ادائه من جهة، ثم التعرف من خلالهم على هموم الناس وآرائهم ومواقفهم ازاء ما يطرح على المجلس الموقر، من جهة أخرى.
صحيح ان المجلس يستقبل )عرائض( من المواطنين ويوليها اهتماما لكن هذا لا يكفي لتحقيق نصيب أوفر من التلاحم المنشود مع قاعدة اوسع من الناس.
***
الرابعة: تكثيف الانفتاح على وسائل الاعلام المحلية، والصحافة خاصة لتكون جسرا يربط المجلس بالناس: هموما وقضايا.
واتمنى ايجاد صفحة اسبوعية للشورى في اكثر من صحيفة لهذا الغرض.
***
الخامسة: النظر في احداث برنامج تلفزيوني اسبوعي يعنى بأمرين:
أ بث جزء أو اجزاء من أهم وقائع الجلسات الاسبوعية لمجلس الشورى مما يمكن بثه.
ب تسجيل لقاءات مع بعض أعضاء المجلس للتعليق على موضوع أو أكثر مما جاء عبر البث الاسبوعي.
|
|
|
|
|