| الاقتصادية
يعد الإعلان من الأساليب التي تتبعها المنشآت الاقتصادية لتحقيق أهدافها، ويأخذ الإعلان العديد من الأشكال والصور بعضها تقليدي معروف وبعضها غير ذلك، والأشكال الأخيرة للإعلان والدعاية في ظاهرها لا تعطي دلالة واضحة على أنها عمل دعائي، ويظهر هذا جليا في أوقات الأزمات عندما يزداد الطلب بشكل كبير ومفاجئ على بعض السلع الأمر الذي يوفر لهذه المنشآت إمكانية زيادة الأسعار وربما مضاعفتها عدة مرات لكنها لا تفعل ذلك وتبقى على نفس المستويات الأسعار السابقة بل وتقوم بتوفير السلع بالكميات التي يحتاجها السوق، وتعلل ذلك بأنها لا تستطيع استغلال الأزمات وأن هذا التصرف لا يليق بها بل إن ما تقوم به هو ما يجب أن يكون خلال الأزمات، وهذا التبرير وإن كان صحيحا إلا أن استخدامه في هذا الموضع قد لا يكون دقيقا، ذلك أن هذه الشركات والمنشآت بعملها هذا تقوم بعمل دعائي بطريق غير مباشر تجتذب بواسطته العديد من الزبائن والعملاء، فهذا الأسلوب الدعائي غير المباشر المقصود يعمل على بناء سمعة حسنة للمنشأة وعلى زرع الثقة والمصداقية لدى أفراد المجتمع في كل ما تقوم به لاحقا، فالأفراد سيقارنون بين من استغل الوضع وقام بزيادة الأسعار وبين من لم يفعل ذلك بل حاول المساهمة في التخفيف من الأزمة بتوفير السلع والخدمات بنفس أسعارها السابقة وبكميات كبيرة تتناسب مع الزيادة في الطلب والنتيجة المتوقعة هو تعاطفهم مع من حاول التخفيف من أزمتهم ورد الجميل له وقت الرخاء، وهذه النتيجة الإيجابية لا يمكن الوصول اليها إلا عن طريق الإعلان سواء كان مباشرا أو غير مباشر وكلا النوعين له تكلفته، لذا فإن الشركات والمنشآت عندما تقدم على هذا النوع من الإعلان تدرك مسبقا أن تكلفته أقل من تكلفة الإعلان المباشر، هذا أمر والأمر الآخر أن الشركات التي تختار هذا الأسلوب الإعلاني عندما يكون متاحا هي تلك التي تخطط للبقاء في نشاطها الاقتصادي الحالي لفترة زمنية طويلة، لذا فإنه يصبح طبيعيا أن يكون من ضمن أهدافها بناء جسور الثقة والمصداقية مع زبائنها الحاليين وتكوين سمعة جيدة تستطيع من خلالها اجتذاب زبائن جدد، وعليه فإنه لا يتوقع من الشركات الصغيرة أو تلك التي لا ترى في هذا النشاط الاقتصادي نشاطا دائما أن تقوم بنفس الشيء بل العكس فإن المتوقع أن تعمل على زيادة الأسعار بشكل كبير والاستفادة الى أقصى حد من الأزمات لأنها لن تبقى في السوق لفترة طويلة وبالتالي فإن الاستثمار في جوانب بناء الثقة والمصداقية والسمعة الجيدة أمر غير وارد ويعد الانفاق عليها دعائيا تكلفة ليس لها عائد بالنسبة لها، ومن هذا الباب فإن تصرف هذه المنشآت منطقي ومبرر ويتفق الى حد كبير مع الاعتبارات الاقتصادية لكن ما يصعب تبريره هو تصرف بعض المنشآت التي أصبحت من أعمدة النشاط الاقتصادي الذي تزاوله عندما تتصرف بأسلوب ينم عن استغلالها للأزمات سواء الفردية أو الجماعية فلا ترى سبيلا لزيادة أرباحها إلا عن طريق واحد فقط هو زيادة الأسعار خلال أوقات الأزمات وعندما تصبح السلع والخدمات التي تقدمها ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المجتمع، مثل هذا السلوك من المؤكد أنه ضار بالمنشأة على المدى الطويل ويكون ضرره أشد عندما توجد منشآت منافسة تستغل الأزمات بشكل أكثر ذكاء وتتعامل معها بأسلوب يوفر دعاية لمنتجاتها وإعلانا لا يفصح عن وجود استغلال بل يدل على العناية والحرص بالزبائن والعملاء، ولعل هذا الأسلوب أكثر فائدة للطرفين،
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|