| مقـالات
تطالعنا الصحف بين صباح وآخر بأخبار مفادها ان القيادات بالشأن المروري يعكفون على دراسة امور من شأنها تطوير بعض الجزئيات في الهم المروري كالتفكير في تقليص وتحجيم مقاس الاستمارة «رخصة السير» وجعلها بحجم رخصة القيادة ونحو ذلك من الافكار الجميلة لا شك وهي ذات فائدة وتعكس مدى حرص المسؤولين في هذا القطاع الهام جداً على التجديد والتطوير وراحة المواطن فيما يخصهم ويدخل ضمن دائرة مسؤولياتهم.. ولكن من وجهة نظري وغيري كثير ممن يعلقون على تلك الاخبار فإن هناك ايضاً أساسيات في الهم المروري تطغى وتعلو على تلك الجزئيات مع أهميتها وأحقيتها بالدراسة، فمستخدم الطريق قائد السيارة او من يستقلها دون أن يقودها بنفسه يعتريه هم وقلق يومي ويكون هذا الهم مضاعفاً ومؤرقاً للنفس والأعصاب اذا آمنا في قرارة أنفسنا بأن الآمال ضعيفة بإيجاد ما يزيل هذا القلق في الوقت المقبل القريب، بل إننا كلما قرأنا مثل تلك الأخبار المحلية عن حجم الاستمارة والرخصة ركض اليأس بين مشاعرنا وتمطى على أعصابنا مؤكداً وباصماً بالعشرين ان مشكلات المرور الأساسية مازالت داخل ملف الموضوعات المؤجلة لجلسات أخرى ولربما الى حين قدوم مسؤول آخر يفتش عن هذا الملف ويستعرض كل مؤجل وربما أيضاً انه حينما يشاهد كثافة المؤجلات يدب في نفسه اليأس هو الآخر ويأمر بإعادة غبار الملف اليه وايداعه في خانته وفي المكان نفسه والى موعد مؤجل لن يتم تحديده.. المواطن يقرأ صحيفته مع شاي الصباح المنعش لينعش نفسه كذلك بخبر يلامس احاسيسه ويلتقي مع همه وقضيته اليومية المتكررة في شتى مناحي حياته وكل له قضية وهم وهاجس ومن ذلك زحام المرور وضيق المسارات واختناق الاشارات والأخطاء الهندسية الفنية في التقاطعات والمنعطفات والاشتباك والتداخل والتناطح داخل الدوارات بالميادين، والمضحك المبكي ما يحدث عند مداخل ومخارج الطرق السريعة وغير السريعة داخل المدن وغير ذلك من الأمور التي مازالت تنتظر الحلول العاجلة الناجعة للتخفيف من معاناة مستخدمي الطرق التي تبدأ معهم قبل التوجه لمخادعهم ليلاً وربما أثناء النوم فهناك من يحلمون بمفاجآت الطريق من المخارج للمداخل للدوارات وما يدور في محيطها الى زحمة كوبري الخليج بالرياض وطريق الملك فهد ذي المسارات القليلة وهو الشريان الرئيسي كما يقولون فكان يجب ان يكون بأكثر من هذا العدد من المسارات وبهندسة مدروسة بشكل اوفى وحسب الممكن، فالطالب والطالبة والموظف أياً كانت فئته يبدأ من الساعات التي تسبق موعد نومه بترتيب أمور التوجه للدراسة والعمل لأنه يدرك بسابق تجاربه مع الطريق مدى الشحن النفسي والذهني والمتاعب التي تترصد له ذهاباً واياباً وكله أمل ويردد داخل نفسه متمنياً حلولاً لو هبطت بقدرة قادر لتنهي كل هذا العناء والصداع على مدار الساعة تقريباً خاصة في المدن الكبرى، نعم على القيادات المسؤولة بجهاز المرور مهام جسام ندركها ونقدرها ونثمنها وندعو لهم بالعون والتوفيق خاصة فيما يتعلق بجانب التوعية المرورية والتعامل مع معطيات ومناخات الطرق بشكل حضاري يتفق مع وضعنا هنا في المملكة ومكتسباتنا الحضارية وموقعنا الذي جعلنا محط أنظار من حولنا وضيوفنا من الاخوة المقيمين لنرسم صورة حسنة لنا ونريها الآخرين لنثبت لهم بأننا نستحق هذه المنجزات ونجيد التعامل معها بدقة، ومع كل هذا التقدير للمرور إلا ان علامات استفهام باهتة أحياناً ولا بأس بذلك ترسم نفسها أمام اعيننا لتلفت الى ما هيئ لرجال المرور من امكانات تدريبية اعدادية على كافة الصعد والمستويات داخلياً وخارجياً وما يصاحب ذلك من امكانات تجهيزية ليبقى المجال مفتوحاً بعد هذا كله للملكات الابداعية المدربة من عقول قيادية مرورية وما حولها لتتفتق وتتدفق حلولاً ابداعية تنهي ولو على مراحل مشاكلنا المرورية المستعصية كما يعتقد البعض وهي غير ذلك في ظني لو اجلنا مسألة حجم رخصة السير «الاستمارة» والتفتنا للأهم من الأمور.
|
|
|
|
|