| مقـالات
نظمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض يوم الاثنين الماضي 27/2/1422ه ندوة عن الإنترنت في المملكة: الواقع وآفاق المستقبل واحتوت على عرض عام للتجربة السعودية في استخدام الشبكة في مختلف المجالات، وتحديد أبرز ملامح المستقبل ودورها في مساندة خطط التنمية الوطنية، وقد اتسم حوار المتحاورين من مشاركين ومداخلين بالوضوح والصدق والايجاز ويأتي ذلك بسبب اقتصار الدعوة للحضور على نخبة من الباحثين والمتخصصين والمدعوين الذين بدت موضوعيتهم وحرصهم على الوصول الى توصيات مفيدة من خلال الطرح الجيد الموضوعي، بعيداً عن المبالغة أو التهوين من شأن الإنترنت وأثرها في الاجيال.
كنت واحداً ممن حضر هذه الندوة التي حدد لها زمن ساعة ونصف نوقش فيها عرض عام لتجربة المملكة ومدى الإفاد ة منها في مجال المكتبات والمعلومات والتربية والتعليم والتجارة والاقتصاد وخطط التنمية المستقبلية، ثم طرح على الجمهور موضوع التأثير الاجتماعي، وهنا كانت مشاركتي في هذا الجانب الذي أرى أهميته، لأن كل الاهتمام الآن منصب على تقنيات الإنترنت، وما وفرته من معلومات ما كانت تصل الى الجمهور العام قبلها، ولم يول تأثير ذلك في الحياة العامة للمجتمع الاهتمام المطلوب.
قبل أن يبدأ الفضاء يمطر الأرض بوابل البث الفضائي التلفزيوني كثرت الندوات والمؤتمرات والدراسات عن الآثار الاجتماعية والثقافية المؤثرة في المجتمع من هذا الوافد الذي يسقط على البيوت من كل مكان، واستوى في شره الغريب الاجنبي والقريب العربي، فكان التفسخ والتحلل الذي أثر على العادات والأخلاق، ولم توجد خطة عربية تواجه هذا الداء، وذهبت كل الدراسات والندوات أدراج الرياح، بعد أن تحدثت كثيراً عن الحصانة الذاتية دون وضع ضوابط رقابية ومالية على المنتجين الذين أغراهم المال، دون رعاية لحرام أو حلال.
وأخشى أن يتكرر الموضوع نفسه مع الإنترنت فحتى هذه اللحظة كل الاهتمام منصب على استقبال الانترنت مع الانبهار بما فيها من معلومات كثيرة مفيدة، ولكن العالم العربي - بكل صدق - لم يستفد كثيراً من ذلك، فأكثر الداخلين عليها يذهبون الى المواقع الرديئة بل انتقل إليها داء الإعلام فأصبحت مكانا للشتائم والخداع والكذب.
ركز الاهتمام أيضا على حجب كثير من المواقع السيئة، ولكن تلك المواقع تفوق طاقة من يتصدى لذلك، فقد ذكر أحد المتحدثين أنه يدخل يومياً أكثر من )300( موقع جديد، وغاب حتى الآن التنوير بما لها من آثار اجتماعية سواء بالتوعية الفاعلة أو بوجود دراسات اجتماعية تم وضع خطط لمواجهة آثارها قبل أن تفتك بالبنى الاجتماعية.
شاهدت في إحدى الفضائيات العربية مقابلةمع طبيب نفسي عن الآثار الاجتماعية للانترنت خلال سنتين من دخولها في ذلك البلد، فذكر من آثارها التي يعالجها المستشفى الجامعي الذي يعمل به الامراض النفسية والطلاق، وتفكك الارتباط الاسري بحيث لا يجلس الرجل مع زوجته وأولاده، والزوجة والابناء كذلك، وذكر أيضا تقلص الزيارات العائلية، فكل منصرف للانترنت لدرجة الإدمان والانقطاع عن المجتمع، بحيث أصبح الفرد المدمن في عزلة، تزداد بسبب الإدمان على الإنترنت.
الإنترنت تقنية جذابة ومفيدة، ولكنها مثل غيرها ما لم يرشد استخدامها فستكون معول هدم وبخاصة في العلاقات الانسانية، فهي أكبر حاجب للإنسان عن الآخرين، ومؤثر قوي في عزلته وانحسار العلاقات الانسانية في نفسه، ولئن بدأت مكتبة الملك عبدالعزيز المشوار، فالأمل أن يتواصل الحوار ليثمر نتائج تحمي المجتمع من الآثار السلبية وتساوي في الاستفادة منها بين الكبار والصغار لا أن ينجذب إليها الصغار ويعرض عنها الكبار فيكون عندنا فئتان في المجتمع كلاهما غائب عن الآخر.
للتواصل: ص.ب: 45209 الرياض: 11512
فاكس: 4012691
|
|
|
|
|