| مقـالات
فيما مضى من عهد وفي بداية تعليم الفتاة السعودية كانت الرئاسة العامة لتعليم البنات في سباق مع الزمن فمن جانب كان التوسع الكبير في افتتاح المرافق التعليمية.. يقابل ذلك نقص كبير في إيجاد مواطنة مؤهلة للتدريس وتمضي السنوات لتقوم الرئاسة بإنشاء معاهد المعلمات، وقد كان لهذه المعاهد دور كبير في سد حاجة الرئاسة من المعلمات فلقد استطاعت هذه المعاهد تخريج اعداد كبيرة من المعلمات وبعد نجاح الرئاسة العامة لتعليم البنات في تأهيل المعلمات عن طريق معاهد المعلمات المختلفة تحقق لكثير من المدن والارياف الاكتفاء خصوصاً معلمات المرحلة الابتدائية، من هنا جاءت فكرة تطوير معاهد المعلمات من خلال رفع مستوى تأهيل المعلمات وكان ذلك من خلال افتتاح الكليات المتوسطة لتأهيل المعلمات للتدريس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة.
نشأت الكليات المتوسطة بقرار من اللجنة العليا لسياسة التعليم رقم 71 في 28/4/1399هـ المتضمن افتتاح الكليات المتوسطة وتمت الموافقة السامية عليه بموجب خطاب صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 3/م/1674 في 25/5/1399هـ وفي عام 1399هـ/1400هـ تم افتتاح اربع كليات في كل من المدينة المنورة، عنيزة وتوالى بعد ذلك افتتاح الكليات المتوسطة في كافة مناطق المملكة.
وبعد أن تحقق الاكتفاء الذاتي من خريجات الكليات المتوسطة بادرت الرئاسة العامة لتعليم البنات لعمل خطة للرفع من مستوى تلكم الكليات الى كليات جامعية فوفقا لما جاء في صحيفة الوطن 10/11/1421هـ «أعلن الرئيس العام لتعليم البنات د. علي المرشد بأنه قد تقرر تطوير جميع الكليات المتوسطة الى كليات جامعية».
إلا أن الملاحظ أن الرئاسة لم تشر الى وضع خريجات الكليات المتوسطة بل ضُرب عنهن صفحا! ولعله من المستغرب انه لم يسبق لاحد ان تطرق الى معاناة هؤلاء الخريجات حاملات دبلوم الكلية المتوسطة فهؤلاء الخريجات ما ان تلوح بارقة أمل لهن حتى تدفن في لحدها فعند الإعلان عن الوظائف النسوية التعليمية تفاجأ هؤلاء الخريجات ان لا مكان لهن فالوظائف لخريجات البكالوريوس أما خريجات الكليات المتوسطة فلن يظفرن بوظيفة، ويدعم ذلك ويؤكده ما بين يدي من شروط تم تحديدها للتوظيف ولعلي اعرض شيئاً من ذلك «تكون أولوية الترشيح للمدارس المتوسطة والثانوية للخريجات الجامعيات التربويات المقيمات في مقر الوظيفة ثم غير التربويات من ذوات التخصصات التي تدرس في مواد التعليم العام، وإذا تعذر شغل الاحتياج من الجامعيات المقيمات يرشح من خريجات كليات إعداد المعلمات والتأهيل التربوي، ثم خريجات الكليات المتوسطة» هذا عن المرحلة الابتدائية أما شروط المرحلة الابتدائية «يكون الترشيح في المرحلة الابتدائية لخريجات كليات إعداد المعلمات للمرحلة الابتدائية والتأهيل التربوي، ثم الجامعيات التربويات الزائدات عن حاجة المدارس المتوسطة، ثم لخريجات الكليات المتوسطة»أي انه وفي ظل هذه الشروط فلقد باتت فرصة التوظيف لهؤلاء الخريجات صعبة ان لم تكن مستحيلة ففرصة الظفر بالوظيفة باتت تتضاءل عاماً بعد عام حتى تلاشى الأمل الان تماماً ما دام ان جميع الخريجات حاليا يحملن درجة البكالوريوس.
حديثي سيكون عن خريجة قسم الاقتصاد المنزلي، أما لماذا هذا القسم بالذات؟ ولانه من التخصصات التي مازال الطلب عليها قائماً ففي جلسة مجلس الوزراء الموقر والتي عقدت في 10/3/1421هـ اتخذ المجلس عدة قرارات منها «جواز الحاق زوجة المبتعث للدراسة خارج المملكة او زوجة الموظف الموفد للعمل بالخارج بعضوية البعثة التعليمية وكان من ضمن الشروط أن تدفع الرسوم الدراسية فقط عن زوجات المبتعثين للدراسة وزوجات الموظفين الموفدين للعمل في الخارج الملتحقات بمعاهد اللغة او مراحل التعليم العام او التدبير المنزلي والاشغال النسوية أو أي تخصصات أخرى ملائمة للمرأة السعودية يصدر بها قرار من وزير التعليم العالي» صحيفة الرياض الثلاثاء 11/3/1421هـ، إن قرار مجلس الوزراء الموقر ليدل دلالة كبيرة على ان الحاجة مازالت قائمة لهذا التخصص، ولعلي اعرض الخطة الدراسية الخاصة بقسم الاقتصاد المنزلي إذ ان الطالبة وخلال عامين من الدراسة تتلقى ما مجموعه 95 ساعة موزعة كالتالي:
منهجية قسم الاقتصاد المنزلي «الدبلوم»
المتطلبات عدد الساعات
الثقافة العامة 18 ساعة
المواد التخصصية 54 ساعة
المواد التربوية 23 ساعة
الاجمالي 95 ساعة
ولعل أبرز ما يلاحظ على تلكم المتطلبات تنوع المواد والمتطلبات بين مواد عامة وتخصصية فضلا عن وجود مواد تربوية تقتضي قيام الطالبة بالتطبيق الميداني وهذا يعني ان الطالبة لم تتخرج من هذا القسم ولم تحصل على شهادة إلا بعد ان اجتازت مراحل الدراسة المختلفة ولعل أهمها مرحلة التطبيق.
ولكن ماذا بعد 95 ساعة دراسة وما هي النتائج والآثار بعد ذلك لعل أبرز أثر هو استحالة وظيفة لهذه الخريجة وهذا الامر له نتائج وآثار كثيرة فمن جانب هنالك التكاليف المادية التي تكبدتها الدولة للصرف على الكليات المتوسطة دون ان يستفاد من هؤلاء الخريجات علاوة على ما في ذلك من هدر للموارد البشرية فمن بين هؤلاء الخريجات من حصلت على أعلى درجات التفوق والنبوغ وذلك خلال دراستها النظرية والميدانية.
ما من سبيل أمام هؤلاء الخريجات بعد ان صرن حبيسات للمنازل بلا وظيفة سوى ان يحملن في انفسهن الاسى والشجن كمداً وكآبة وجزعاً وحسرة وحرقة ولوعة، فإن فكرن بالدراسة قيل لهن عليكن نسيان ما مضى والعودة لمقاعد الدراسة كأي طالبة مستجدة، أما الوظيفة ففي ظل استمرار تخريج دفعات البكالوريوس فإن الحصول عليها بات اشق من حمل الجبال الرواسي.
ان السؤال الذي لم اجد له أي اجابة ما هي خطط الرئاسة حيال هؤلاء الخريجات فقد بادرت الرئاسة الى تطوير جميع الكليات المتوسطة الى كليات جامعية لكنها تركت هؤلاء الخريجات دون حلول مما يتطلب ضرورة التدخل السريع لاجل العمل على رفع مستوى تأهيل الخريجات خاصة عندما نعلم المبالغ الكبيرة التي صرفت لأجل اعدادهن وتأهيلهن التأهيل المناسب، أليس من الهدر ألا يتم الاستفادة منهن خاصة عندما نعلم ان كل طالبة منهن كان يصرف لها مكافأة شهرية تصل الى الألف ريال شهرياً وهذا يعني ان تكلفة الطالبة الواحدة وصلت الى 24 ألف ريال وهي مدة الدراسة فضلاً عن النفقات الأخرى.
والسؤال الملح ما هي خطط الرئاسة وتصوراتها لوضع هؤلاء الخريجات، لقد بادر معالي الرئيس العام لتعليم البنات وكعادته دائماً في سرعة الاستجابة لمطالبات أولياء الأمور حول جدول اختبارات الثانوية العامة لهذا العام فأمر معاليه بتشكيل لجنة لمعرفة الملاحظات والمشكلات التي عرضها أولياء الأمور وقد اتخذت اللجنة بعد ذلك توصية بتعديل الجدول بناء على تلكم المطالبات، وقد تم الاخذ بها لذا نأمل من معالي الرئيس العام تشكيل لجنة لدراسة مشكلة خريجات الكليات المتوسطة والعمل على وضع خطة للرفع من مستواهن عن طريق فتح المجال أمامهن لمواصلة الدراسة مع احتساب ومعادلة المواد التي درسنها بالكلية المتوسطة فهؤلاء الخريجات تلقين الدراسة في كليات تابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات والرئاسة هي من قام بتصميم وتنفيذ ما قمن بدراسته من مواد فهل تعجز الرئاسة بعد ذلك عن حل ينهي معاناة هؤلاء الخريجات اللواتي اصطدمن ببلاءات كثيرة لا وظيفة ولا دراسة!! فعندما لم يجدن الوظيفة لم يجدن فرصة الدراسة.. كلي أمل من معالي الدكتور علي المرشد بحث هذه المشكلة من خلال ايجاد برنامج يساعد هؤلاء الخريجات للحصول على درجة البكالوريوس ولعل من بينهن من تستطيع ان تكون في المستقبل استاذة في إحدى كليات الرئاسة.
أضع هذه المشكلة أمام معالي الرئيس العام لتعليم البنات لعلمي الأكيد بأن معاليه سباق دائماً لكل ما يخدم الوطن والمواطن. وكلي أمل ان يبادر معاليه لتشكيل لجنة عاجلة لحصر مشكلة هؤلاء الخريجات ثم العمل على تصميم برنامج تأهيلي يمكنهن من مواصلة الدراسة في كلية الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية.
|
|
|
|
|