| مقـالات
..«الرفع للملك بنظام، يفك احتكار شركة الاتصالات السعودية».
.. كان هذا، هو العنوان الرئيسي للصفحة الأولى من جريدة )الاقتصادية( الصادرة يوم الاثنين الموافق للرابع عشر من شهر مايو 2001م.
.. إن في العنوان أعلاه، فأل حسن، وفي النبأ إياه، بشرى سارة. وفيهما معاً، ما يشير إلى ثمار أخذت تنضج في مجلس الشورى الموقر، فبدأت تؤتي أكلها لكافة المواطنين، وللمستهلكين منهم من ذوي الدخل المحدود على وجه الخصوص.
.. ففي شأن شركة الاتصالات السعودية، موضوع الخبر السار، قال الدكتور حمود البدر، الأمين العام لمجلس الشورى، بأن هذا النظام، يقع في )41( مادة. وأنه )يشكل خيطاً تنتظم فيه مكونات الاتصالات، بحيث يكون واضحاً أمام مقدم الخدمة متطلبات ذلك، وأمام مستهلك الخدمة، ما يوقعه من مقدمها، ودور الأجهزة ذات العلاقة حيال الطرفين(.
.. ثم جاء توضيح مهم من عضو في مجلس الشورى أنذاك، هو الدكتور عبدالعزيز الصويغ، حيث قال: )إن النظام، يستهدف بالدرجة الأولى، فك احتكار خدمة الاتصالات من قبل جهة واحدة، إذ يجيز تأسيس شركة مساهمة، لتقديم الخدمة جنباً إلى جنب مع شركات الاتصالات السعودية، ويشترط النظام، أن تكون مساهمة دون أن يضع حداً لرأس مالها، ولا يمنع في الوقت ذاته، وجود شراكة أجنبية لدخول السوق، استفادة من نظام الاستثمار الأجنبي(.
.. إن هذا النظام إذا صدر بهذا المفهوم الذي بدا لنا من كلام أمين عام المجلس، ومن توضيح عضو المجلس بوجه خاص، سوف يرسي قاعدة تنظيمية، متطورة ومتقدمة للغاية، تصب في المقام الأول، في خدمة كافة المستهلكين والمستفيدين من خدمة شركة الاتصالات، وتعود بالنفع العام على الوطن ومواطنيه، والأمر لا يختص بشركة واحدة هي شركة الاتصالات السعودية، ولكني أنظر من زاوية أعم، هي تفكيك الاحتكار الذي تفرضه عدة شركات كبيرة على السوق السعودية من تلك الشركات التي ولدت وترعرعت ونمت فكبرت، على حساب المستهلكين. أو لنقل، أولئك المضطرين الذين ليس أمامهم إلا شركة واحدة في مجال الخدمة الواحدة. فليس في الميدان إلا حميدان واحد لهذه الشرة أو تلك، فهي تمارس هيمنة مطلقة في السوق، مستفيدة من التسهيلات الكبيرة، التي تمنحها الدولة لكافة المستثمرين على التراب الوطني. والدولة بطبيعة الحال، تسعى إلى أن تعود هذه التسهيلات الكبيرة، بالنفع على كافة الواطنين، وأن تساهم في الدفع عن كاهل محدودي الدخل، بل ومتوسطيه، أولئك الذين يكدحون ليلاً ونهاراً، وهم بين همين أعظمين، هم أسرهم ونفقات أولادهم وبناتهم وتحسين مستوى المعيشة لهم، وهم الفواتير الشهرية من شركة الكهرباء والاتصالات والغاز والماء، وما جر وكر في السبحة الطويلة للفوترة...!
.. إن المستهليكن بصورة أوضح، هم الذين كانوا قبل ظهور هذه الشركات الكبيرة، بل هم الذين كانوا سبباً في وجودها، وهم الذين جعلوها تنمو وتكبر وتتضخم مدخراتها النقدية والعينية، ولولاهم، لما نمت ولا كبرت ولا كانت من البداية. وإذا أردنا الرجوع إلى القواعد المنظمة لقيام هذه الشركات، وتراخيص عملها منذ البداية، لوجدناها تؤكد على أحقية المستهلك في خدمة ميسرة ممتازة بأقل ما يمكن من التكاليف.. تكاليف غير مرهقة ولا مؤذية. لكن بعض هذه الشركات ولا أقول كلها، كلما طالت قاماتها وارتفعت هاماتها، لم يعد في مقدورها النظر إلى أسفل..!
.. نحن لسنا ضد نجاح الشركات، ولا ضد كسبها، ولكنا نعتقد، بأن ما يطلب من المستهلكين )اليوم(، لا يتناسب والوضع المعيشي للمواطنين، ولا يتوافق مع )مستوى الخدمة( المقدمة فعلياً، وحبذا لو جرب مدير عام لشركة من الشركات الكبيرة، من أولئك الذين يتقاضون رواتب شهرية تصل إلى مئات الآلاف من الريالات، مع ما يصاحبها من مزايا وحوافز أخرى، لو جرب أن يكون رب أسرة مكونة من سبع أنفس، ويعيش بدخل شهري في حدود ثلاثة آلاف ريال فقط ـ هذا في المتوسط ـ ثم يجد نفسه مضطراً لتلبية حاجات أسرته الكبيرة هذه، في التمتع بخدمات هاتفية وكهربية وغازية وغيرها، ثم يصعق آخر الشهر بمجموعة من الفواتير لهاتف ثابت، وآخر جوال، وكهرباء وماء وصرف، ورسوم سيارة ورخص قيادة وغيرها.. هل يكفي هذا المرتب الشهري الضئيل لدفع التهديد بوقف حرارة الهاتف والنور والماء وغيرها..؟! أو هل يحول دون فقد هذه الخدمات التي أضحت من مستلزمات الحياة في هذا العصر..؟!
.. إن ما توصل إليه مجلس الشورى، من صيغة موفقة بشأن تفكيك احتكار شركة الاتصالات السعودية، وتفتيت هيمنتها في المستقبل، إذا ما وضع التنظيم موضع التنفيذ، فإنه بذلك يرسي مبدءاً اقتصادياً مهماً، يقوم على المنافسة السوقية الحقيقية، المبنية على عنصرين أساسين هما: )الأفضل والأدنى سعراً(، الأمر الذي سوف يصب ليس في مصلحة المستهلكين والمستفيدين فحسب، ولكن أيضاً، في مصلحة الشركات مقدمة الخدمة، تلك التي سوف تسعى بكل جهد وطاقة، للتسابق والتنافس من أجل الفوز بحصة أكبر من السوق السعودية الكبيرة.
.. إننا نرجو ألا يتوقف الأمر عند حد شركة الاتصالات، بل يكون عاماً وشاملاً لكافة الشركات التي تتوحد )اليوم(، بالسوق في المملكة، وتهيمن على كافة الفرص الاستثمارية، ومع ذلك كله، فهي ما زالت تغالي في الطلب من عملائها، الذين يعانون من هذه المغالاة، ويعانون أكثر من تواضع الخدمة المقدمة، ومن سوئها في أحيان أخرى.
assahm2001@maktoob.com
fax :027361552
|
|
|
|
|