| مقـالات
في عصر تتلاطم فيه أمواج المعرفة وتتعالى فيه هامات التقنيات، وتشح الفرص أمام طالبيها، وترتفع حدة التنافس لتبلغ ذروتها، وتزداد الفرص الوظيفية شموخا وتعالي على طالبيها وتضع أمام خاطب ودها شروطا ومواصفات تشبع رغبتها في تنفيذ مهامها ليس بالدرجة المرضية فحسب بل الى حد درجة الإتقان والابتكار. تشير العديد من الدراسات الى أن المتطلبات الوظيفية في أي مجال من المجالات الحياتية لا بد أن يوازيها قدرات واستعدادات شخصية لمن يوكل إليه تنفيذ تلك المهام الوظيفية. وهذه القدرات والاستعدادات لا بد أن تتفق مع أهداف الوظيفة وأهداف المؤسسة التي تنبثق منها الفرص الوظيفية لأن القدرات والاستعدادات لم تعد أمورا ثابتة في ظل عصر المعلومات والاتصالات والمخترعات فمصطلح التأهل أصبح متغيرا بعد أن كان من الثوابت، فالتأهيل اليوم قد لا يكون كذلك بعد عام أو أقل من ذلك. حتى أصبح ما يتندر به هذه الأيام، وقد يكون حقيقة في المستقبل المنظور، أن يضاف الى الشهادة العلمية الجامعية وما فوقها تاريخ انتهاء الصلاحية، فالمهن بحاجة الى إعادة تأهيل، وهذا لم نكن نسمع به كثيرا في الماضي حتى أصبح مطلبا للعديد من الفرص الوظيفية إن لم يكن جميعها، كذلك لم يعد مطلبا من طالب الوظيفة فقط بل تعدى ذلك الى أن أصبح مطلبا لمن هم على رأس العمل، فالخبرة في عصرنا الحاضر لا تنحصر في عدد السنين التي أمضاها الموظف على رأس العمل مهما كانت طبيعة عمله ومدة بقائه عليها بل فيما يمتلكه من مقومات الرقي بإدارته الوظيفة ليبلغ درجة القبول ويبرهن على أحقيته في البقاء على رأس العمل، وطالما أن من متطلبات الوظيفة، أي وظيفة، تبني الأفكار والأساليب والاتجاهات الحديثة والمتغيرة، فمن أولويات هذا التبني وجود أفراد في المؤسسة يؤمنون أولاً بأهمية هذا التبني ويمتلكون القدرة على التعامل مع الأفكار والأساليب والاتجاهات الحديثة لرفع قدراتهم المهنية وبالتالي إتقان ورفع معدلات إنتاجهم. والتربية والتعليم ليستا أقل حظا من المهن الأخرى في النيل من معطيات العصر التقنية التي أدت الى رفع الكفاءة الإنتاجية في تلك المهن بل إن التربية والتعليم تعرضتا الى موجة التغيير والتغير أكثر من غيرها، والتغيير المقصود في الأسلوب وليس في الثوابت والأصول. والمنطق العلمي يقول للإفادة من معطيات العصر التقنية يلزم الفرد حينئذ إعداد نفسه لمثل هذا التغير. وهذا التغير لا يمكن ان يواجه بواسطة النظم التعليمية التقليدية حيث لا يستوعب المنهج التعليمي الجوانب التطبيقية المؤدية الى إكساب المهارات العملية للعديد من المهام الوظيفية، بل النهج السليم إن يكون هناك توازن وإن يكون للتدريب دور فاعل في تطبيق ما يعطى في المنهج التعليمي. وكما للتعليم نظم وقواعد فإن للتدريب نظما وقواعد كذلك، ومفهوم التدريب ينطوي تحت مفهوم التعليم حيث يتم إكساب الفرد قدرات عقلية وعضلية تتمثل في المعرفة والمهارة مع تنمية الاتجاهات نحو حب العمل والإخلاص فيه. والتدريب بأنواعه المختلفة من مقومات التنمية الاجتماعية أصبح مطلبا حضاريا في عصرنا الحاضر. إن التغير في التربية يجبرنا الى أن ننظر الى المستقبل التربوي من خلال عناصر العملية التربوية، فهناك مدرسة ومدرس ومنهج وإدارة، فإذا اعتبرنا أن حركة التطور والنمو تمثل تجديدا وتحديثا فإن التربية ليست نظاما قائما بذاته بل جزء من النظام الاجتماعي يعنى بالرقي بالعملية التعليمية التي يفترض فيها تنمية المهارات والمدارك والمعرفة ومواكبة التطورات العلمية، ويمكن الرفع من كفاءة العملية التعليمية لتقوم بمهامها المناطة بها برفع كفاءة أداء المعلم وذلك بإخضاعه لدورات تدريبية مستمرة التحاقه بها واجتيازه إياها يكون بمثابة ترخيص له في الاستمرار كعنصر من أهم عناصر العملية التعليمية، فالأمر ليس اختياريا بل سيصبح مطلبا من قبل المعلم نفسه قبل إدارته إذا ما وجد البرنامج التدريبي المتطور الذي يرفع من قدراته والحافز المادي أو المعنوي، فتجديد النشاط والحركة في المفهوم العضوي يساعد على التخلص من الترهل.
shaer@anet.net.sa
|
|
|
|
|