| مقـالات
لا يجد المحللون السياسيون في مجال العلاقات الدولية أية صعوبات أو معاناة لتفسير السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية وذلك لوضوحها الذي يصل إلى درجة المكاشفة، واتزانها وتوازنها الذي يستند على مبادئ راسخة مستمدة من تعاليم الدين الحنيف الذي أشرق بنوره من فوق أرضنا المباركة، ولذلك فان التوجه الإسلامي السديد هو الذي يحكم سياسة المملكة في الداخل والخارج. وسياسة المملكة الخارجية وهي تقوم على تعاليم الإسلام الحنيف سياسة متميزة في عالمنا المعاصر في مساندة قضايا المسلمين ودعمها ومؤازرتها، وفي الحفاظ على العهود والمواثيق التي تكون المملكة طرفاً فيها، وفي احترام الجار والمحافظة على حقوقه، وفي تحقيق صالح الوطن وأبنائه. ومنذ قيام هذا الصرح الكبير وتأسيسه بفضل الله ثم بجهود المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله وبتعاون الأوفياء من أبناء الوطن، أصبحت المملكة بسياستها الخارجية موضع احترام وتقدير من كافة أنحاء العالم.
أردت أن أقدم لمقالتي هذه عن الزيارة المباركة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني إلى الأشقاء في الجمهورية اليمنية تلبية لدعوة كريمة من رئيسها مترئساً وفداً عالي المستوى للمشاركة في احتفالات اشقائنا باليوم الوطني الحادي عشر لوطنهم الشقيق الذي تحفظ له بلادنا كل محبة وتقدير. فهذه الزيارة للمشاركة في تلك المناسبة تأتي من المنطلقات الراسخة لوطننا في سياسته وتعامله مع الأشقاء العرب وبخاصة في الجمهورية اليمنية الذين عبَّر صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين عن أسس العلاقات معهم على أنها علاقات حب وتقدير لان هذا الشعب أخونا وجارنا وتجمعنا معه العقيدة الواحدة والدم الواحد والمصلحة الواحدة وعقيدة الاسلام التي تربطنا باخوتنا في اليمن الشقيق. تربطنا أيضاً بحوالي مليار ومائتي مليون مسلم في العالم، وبمثل هذا الوضوح فان العلاقات التي تربط بين الشعبين الشقيقين هي علاقات لا تنفصم عراها بل تتأكد وتتعمق مع الزمن الذي يزيدها قوة ورسوخاً وثباتاً.
ولقد تزامنت زيارة ولي العهد الأمين ومشاركته يحفظه الله لليمن الشقيق احتفاله بيومه الوطني مع مرور عام على تلك المعاهدة التاريخية بين البلدين الشقيقين لترسيم الحدود البرية والبحرية التي كان للحكمة والعقل والحرص على العلاقات المتميزة بين البلدين أكبر الأثر في انجازها في وقت يعزُّ فيه على كثير من دول العالم التوصل فيه الى أسلوب حضاري للتعامل مع ما يعتري علاقاتها من مشكلات.
وهكذا تجيء هذه الزيارة وتلك المشاركة علامة مضيئة في مسيرة العلاقات بين المملكة والجمهورية اليمنية وتشكل منعطفاً تاريخياً شاهداً على عمق العلاقات ورسوخها بين البلدين الشقيقين، ذلك لأنها تحمل مدلولات عميقة على صعيد العلاقات المتميزة وتدفع بمسيرة العمل التعاوني الى مجالات أرحب وأخصب بين البلدين اللذين تحرص القيادة في كل منهما على مصلحة شعبيهما وتوطيد أواصر العلاقات بينهما وهذا ما عبّر عنه فخامة الرئيس اليمني حين قال مخاطباً سمو ولي العهد الأمين وهو يسلمه أعلى وسام يمني الى خادم الحرمين الشريفين وسموه الكريم يحفظه الله قائلاً: «لقد كانت زيارتكم أيها الأخ العزيز في العام الماضي هي التي أذابت الجليد وأنهت الشكوك وعمّقت الثقة، وإن شاء الله سيكون اليمن العمق الاستراتيجي والظهر الدافئ لاشقائه في المملكة...».
وبمثل هذا الوضوح أيضاً يكون تعبير القيادة في اليمن الشقيق تجاه مسار العلاقات ذات الطبيعة المتميزة مع المملكة العربية السعودية. إخوة في العقيدة والدم والجوار والمصير والمصالح المشتركة واعترافاً بجهود المملكة في دعم هذه العلاقات المصيرية الراسخة، وهذا في حد ذاته يفسر لنا وللجميع حفاوة الاستقبال من أبناء الشعب اليمني الشقيق الذي خرج للترحيب بسمو ولي العهد الأمين تعبيراً نابعاً من القلب الذي يحتفظ للمملكة قيادة وشعباً بكل مشاعر الود والمحبة والاخاء وهي مشاعر ترقى فوق الكلمات والعبارات البليغة.
وهكذا تزداد العلاقات الأخوية المتميزة قوة ورسوخاً وتميزاً ونمواً وسوف يكون لها ثمارها التي تحفظ خصوصية هذه العلاقات على مدى الزمن، تلك الخصوصية التي تجد قوتها في قوة السياسة الخارجية السعودية التي تستند على دعائم قوية مستمدة من ديننا الحنيف الذي نعتز بانه الدستور الذي تنظم به كافة شؤون الحياة على أرض هذا الوطن المعطاء.
وبالله التوفيق
|
|
|
|
|