|
| القرية الالكترونية
* ادم تانر رويترز:
في الدور الاخير بمبنى عتيق يعمل الرجل الذي ساعد في انطلاق ثورة موسيقى الانترنت من خلال اكتشاف لم يكسبه شهرة ولا ثروة في عصر يظهر فيه اصحاب الملايين بين عشية وضحاها.
فمن هذا المكان طور كارل هاينز براندنبرج )46 عاما( برنامجا جديدا يعرف باسم MP3 يضغط على نحو مثير حجم الملفات الموسيقية الرقمية الى حجم صغير يسمح بتحميل الاغاني من خلال الانترنت بسهولة.
وتصغير الحجم هذا نتيجة سنوات من البحث. وادى الى ظهور خدمات لنقل الموسيقى من خلال الانترنت مثل نابستر التي تحمل ملايين الاغنيات مجانا والى شكوى شركات الموسيقى من خسائر في العائد تقدر بمليارات الدولارات. ويلوم براندنبرج شركات الموسيقى على القرصنة على الموسيقى الناتجة عن ذلك لفشلها في ادراك امكانية موسيقى الانترنت في منتصف التسعينات.
وقال «حاولنا ان نقول لشركات الموسيقى ذلك )في عام 1955( لكننا لم نستطع الحصول على اي اجابة اخرى غير )هذا حسن سنبحث الامر(». وبدأ براندنبرج طريقه نحو برنامج «ام بي 3» الجديد عندما كان طالبا يدرس هندسة الكهرباء في عام 1980. وكانت ثورة الموسيقى الرقمية بعيدة انذاك وبدأت شركة اي.بي.ام تبيع اول كمبيوتر شخصيا من انتاجها في عام 1981 وبعد عامين ظهرت الاسطوانات الموسيقية المدمجة.
وفي الايام الاولى كان فك شفرة دقيقة واحدة من الموسيقى الرقمية يتطلب من الباحثين عشر ساعات وهو امر ينجز الان في الحال.
وبعد سنوات من العمل الشاق اصبح براندنبرج باحثا كبيرا في معهد فراون هوفر للدوائر المتكاملة بالقرب من ميونيخ وحصل على درجة الدكتوراه عن عمله في مجال تصغير الحجم.
وفي عام 1990 اصبحت هيئة كريستيان ساينس مونيتور للانباء ومقرها بوسطن بالولايات المتحدة اول من يستخدم الادوات السمعية الرقمية المضغوطة لتزويدمحطات الاذاعة بالصوت.
وكان المهندس واحدا من مئات المهندسين بالمانيا وامريكا واماكن اخرى يجرون ابحاثا على تصغير الحجم. لكن براندنبرج عمل في مجال مجموعة خبراء الصور المتحركة من الفئة الثالثة التي عرفت فيما بعد باسم ام بي 3 التي ظهرت باعتبارها تعميما بعد ان اصبح جيل جديد من اجهزة الكمبيوتر الاسرع قادرا على فك شفرة الموسيقى الرقمية في الزمن الفعلي في عام 1995 .
ومن يزور مكتبه في «هاوس ام» عليه ان يصعد ستة ادوار على قدميه وكان مكتبه في الاصل غرفة نوم في الجامعة المحلية.
والغرفة صغيرة. ويزين الجدار ملصق للمغنية الشعبية سوزان فيجا ومفكرة مدون عليها الساعات العديدة التي امضاها في اتمام التسلسل المنهجي لخطوات تصغير حجم ملفات الموسيقى.
ويقلص البرنامج حجم ملف الموسيقى الى العشر فيما يحافظ على جودة الاسطوانة واحتاج براندنبرج لموسيقى ذات نظاق ديناميكي عريض لاختبار هذا الاسلوب واستقرفي عام 1987 على اغنية «تومس دينر» للمغنية فيجا.
واستمع براندنبرج لاغنية فيجا مرات ومرات بينما كان برنامج ام بي 3 يولد. وجرى تعميمه في عام 1991، وبحلول عام 1995 رأى براندنبرج والمتعاونون معه امكان تصميم برنامج ام بي 3 لتعميم الوسائل السمعية من خلال الانترنت واعتقدوا ان تحميل البرنامج مجانا من خلال شبكة الانترنت سيساعد على تثبيت اقدامهم.
وولد عالم سري لتبادل الملفات الموسيقية.
وفي بعض البلدان النامية فان برنامج ام بي 3 يعني ان كل اغنيات فريق البيتلز يمكن ان تحمل على اسطوانة مدمجة واحدة وتباع في اسواق القرصنة مقابل حفنة دولارات.
وفي عام 1999 بدأت نابستر تغير طريقة حصول ملايين الاشخاص على الموسيقى وطبقا لشركة سيرشتيرم دوت كوم كان عدد مستخدمي الانترنت الذين بحثوا عن برنامج «ام بي3» يفوق عدد من بحثوا عن «الجنس».
واصيب المعجبون بهوس برنامج ام بي 3 وازداد سخط شركات الموسيقى.
وفي عام 1999 شنت شركات الموسيقى هجوما مضادا عندما اقامت كبريات الشركات دعوى قضائية ضد نابستر قائلة انها توفر ملاذا امنا للقرصنة التي تكبدهم خسائر تقدر بمليارات الدولارات.
في مارس اذار الماضي قضت محكمة اتحادية بان تمنع نابستر تبادل ملفات تتمتع بحقوق الملكية الفكرية ويرى براندنبرج ان قتالا ضد قرصنة الانترنت سيستمر مع احتمال ان تصبح اسطوانات فيديو مدمجة هي المعركة القادمة.
ولم يغتن براندنبرج كثيرا من تصاعد شعبية ام بي 3 رغم ان معهده الذي لا يهدف الى الربح الذي اسسته الحكومة يمتلك العلامة التجارية ومن حقه ان يحصل على حق المؤلف.
وفي بلد الروح الاستثمارية فيه اقل شيوعا من امريكا ظل المهندس في معهد فراون هوفر الذي يربط بين باحثي الجامعة والشركات.
ويقول براندنبرج انه يشعر بالرضا لحصته المتنامية من حقوق المؤلف التي تدفعها شركات برمجيات كبرى مثل مايكروسوفت مقابل استغلال ام بي 3.
وكافأه المعهد بان سمح له بانشاء فرع جديد في ايلمناو وهي بلدة يقطنها 300 الف نسمة في المانيا الشرقية.
وما زال العمل جاريا لتطوير اساليب جديدة لضعط الحجم من بينها برنامج ام بي 7 لبيانات الوسائط المتعددة الذي قد يسمح ببحث اكثر كفاءة في ملفات الفيديو والملفات السمعية والنصوص على الانترنت.
وتعد اساليب حماية حقوق الملكية مجالا اخر للبحث.
|
|
|
|
|
