| القرية الالكترونية
خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، شهدت تقنية المعلومات نموا وازدهارا لم تشهده من قبل، حتى إن أحذق المحللين لم يكن ليتنبأ بالطفرات التنموية التي حظيت بها شركات تقنية المعلومات في التسعينات من القرن المنصرم.
وعلى العكس من ذلك فإن كثيراً من المحللين والاقتصاديين كانوا قد تنبؤوا ببطء وحتى كساد اقتصادي لعقد التسعينات في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن ما حدث هو العكس حيث شهد الاقتصاد الأمريكي نموا لم يشهده منذ فترة طويلة وذلك يعود بفضل الله ثم بفضل ثورة تقنية المعلومات الجديدة إن صح تسميتها بهذا الاسم.
لقد هبت عاصفة الإنترنت في أواخر الثمانينات من القرن الماضي وأوائل التسعينات بعد بقائها «الإنترنت» ساكنة في المعامل وداخل أسوار الجامعات ولمدة عشرين عاما، لقد هبت لتأتي المنقذ الوحيد لاقتصاديات الدول المتقدمة من الكساد وبخاصة الاقتصاد الأمريكي.
ومن الكتاب الذين تنبؤوا بانهيار الاقتصاد الأمريكي في التسعينات هاري فيجي وجيرالد سوانسون في كتابهما «الإفلاس».
شهد عقد التسعينات انقلابا هائلا في كثير من أمور حياتنا، ومن ذلك: التحول من التركيز على الاقتصاد الصناعي التقليدي إلى اقتصاد صناعة المعلومات والخدمات،ويعود الفضل في ذلك بعد الله إلى تقنية المعلومات والاتصالات وعلى رأس ذلك تأتي الإنترنت.
لقد غمر طوفان شركات ما يعرف «بالدوت كوم» المعمورة، وأصبحنا نرى كثيراً من نجوم تلك الشركات تتلألأ في سماء البورصات العالمية وقد تحول كثير من رؤوس أموال المستثمرين من الاستثمار في شركات الاقتصاد التقليدي إلى الاستثمار في صناعة المعلوماتية وتقنيتها.
وقد وصلت طفرة نمو أسهم شركات تقنية المعلومات ذروتها في ثلاثة الأعوام الأخيرة من عقد التسعينات ويعود ذلك بسبب التخوف من مشكلة 2000، حيث كانت هذه المشكلة السبب في تحديث معظم تقنيات المعلومات في جميع أنحاء العالم، والعائد المادي لذلك صب في اقتصاد الدول المتقدمة وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من تشكيك كثير من المحللين في طبيعة نمو أسهم شركات تقنية المعلومات والاتصالات وكانت توصف بالفقاعة إلا أن ذلك لم يحد من تدفق أموال المستثمرين في الاستثمار في ذلك القطاع.
وما أن تنفس العالم الصعداء بعد زوال مشكلة 2000، حتى تفاجأ بانفجار الفقاعة وبدأت تشهد سوق أسهم تقنية المعلومات هبوطا شديداً، فمنذ شهر مارس عام 2000 حتى اليوم وتلك السوق تعاني من انتكاسات، حتى إن كثيراً من شركات تلك السوق قد فقد أكثر من 50% من قيمتها، فهل ذلك يعني أننا مقبلون على سنوات عجاف لتقنية المعلومات تأكل السنوات السمان السابقة؟ وهل تقنية المعلومات آيلة إلى التراجع؟ وللإجابة عن السؤالين السابقين، وبناء على معطيات السوق، وكذلك على التوجهات العالمية، ومن وجهة نظر شخصية، فإن النمو في تقنية المعلومات لم يتغير عنه في التسعينات بل هو في اطراد مستمر، وعندما نتكلم عن النمو فنحن نتكلم عن النمو الطبيعي الذي يأتي بناء على حاجة السوق الفعلية، فالطلب على تقنيات المعلومات في ازدياد وكذلك توجهات السوق هي إلى مزيد من توظيف هذه التقنية، وقد شاهدنا ذلك في دعوات كثير من قادة الدول، ومن ذلك دعوة مجموعة قادة الدول الصناعية أو ما يعرف ب G8 حيث دعوا في اجتماعهم الأخير في «أوكوناوا» في اليابان إلى تسخير تقنية المعلومات في تطوير اقتصاديات الدول النامية.
وفي قمة دول الخليج الأخيرة كانت إحدى التوصيات هي إعطاء تقنية المعلومات مزيد من الأهمية لتعزيز النمو الاقتصادي.
وكذلك من المؤشرات على النمو لتقنية المعلومات ما نشهده من التقدم العلمي المذهل وما تشهده هذه التقنية من الأبحاث والاختراعات الجديدة التي نسمع ونقرأ عنها كل يوم.
أما ما شهده عقد التسعينات من نمو غير طبيعي فكان سببه ما صاحب تقنية الإنترنت من خروج شركات ال«دوت كوم» وكذلك ما صاحب مشكلة 2000 من تحديثات للأجهزة وللبنى التحتية لمعظم الشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم التي أصابت السوق بتخمة لم يشف منها حتى الآن إلا أن ذلك عارض سيزول في القريب العاجل وتتعافى السوق وترجع إلى الوضع الطبيعي.
mmshuhri@yahoo.com
|
|
|
|
|