| الفنيــة
* قراءة وتحليل/ محمد المصطفى الجيلي:
تماماً وكما كان متوقعاً من قبل النقاد والمهتمين بمجال السينما فقد أثبت الفيلم الرائع «غرفة الابن» للمخرج الإيطالي الأروع «ناني موريتي» بأنه أكثر الأفلام استحقاقاً للسعفة الذهبية من ضمن كوكبة جيدة كانت قد شاركت مؤخراً في مهرجان كان الأخير.
فالفيلم «غرفة الابن» الذي يعد ثورة جديدة في عالم الإنتاج السينمائي يعتبر أكثر أفلام «موريتي» نضوجاً من حيث الرؤية الدرامية الراقية التي انتهجها فيه ورغبته الجادة في إضفاء لون آخر من أفلامه أكثر جدية وتميزاً من سائر ما أنتجه من قبل.
واحتوت قصة الفيلم على أحداث دراماتيكية ذات نبرات مأساوية غلفت طابع مشاهده وخلفت وراءها دموعاً بللت مرتادي هذا الإنتاج الفخم في منشأة بإيطاليا قبل أن يسوقه لهذا الإنجاز الكبير الذي حققه في كان.
إذاً فموريتي لم يكن للطليان سوى ذلك الملهم ذي اللمسات السحرية التي جعلتهم رغم أنوفهم يندسون وراء أكفهم وكأنهم يحجبون واقع الأحداث التي حوت الفيلم دون مشاعرهم المتضجرة.
موريتي قدم عبر فيلمه تداعيات حزن نبيل وطقوس آلام لعائلة تفجع لفقد ابنها المراهق باسلوب واقعي بسيط تاركاً فيه لغة المأساة تدور بشكل تلقائي بعيداً عن «ميكنة» السيناريو وتفعيل آلية الأحداث فجعله «عبارة عن ترصد لردود فعل العائلة على الحادثة وتكيفها مع الفقدان».
أما الدهشة الكبرى التي خلفها موريتي على هذا الفيلم فهي تخليه خلال تصوير أحداث الفيلم عن نزعته الساخرة التي تضمنت كل إنتاجه السابق.
عازفة البيانو
أما الخطوة الكبري فتلقاها الفيلم الذي لا يخلو من الجراءة والتعقيد «عازفة البيانو» للمخرج النمساوي مخائيل هانيكيه كونه حمل ثلاث جوائز دفعة واحدة، جائزة لجنة التحكيم، جائزة أفضل ممثل للممثل الفرنسي الشاب «بينوا ماجيميل»، جائزة أفضل ممثلة
جائزة أفضل إخراج
فيلم آخر يتناول بصورة ساخرة حبكة بوليسية تدور أحداثها في فترة الأربعينيات الميلادية وكيفية سير العدالة في تلك المرحلة بعنوان «الرجل الذي يعرف ما يريد» من إخراج جويل كوين الذي فاز بجائزة أفضل إخراج مناصفة مع ديفيد لينش صاحب الفيلم المشوق «ميللولاند درايف» المليء بالأحداث والمشاهد المؤثرة الذي يحكي قصة فتاة تفقد ذاكرتها بعد تعرضها لحادث سير وإن كان النقاد قد اعابوا على هذا الفيلم «ميللولاند درايف» الضعف الواضح في بعض نواحي السيناريو، إلا أنهم أجمعوا على الحس الراقي الذي قدمه «ديفيد لينش» في اخراجه لهذا الفيلم كما أجمعوا على اختلافه من الناحية التقنية والفنية والإحساس العام من الفيلم الذي أخرجه «لينش» قبل عامين «سترايت ستوري» «قصة واقعية».
السيناريو
ولم تختلف آراء النقاد كثيراً حول أفضل سيناريو في المهرجان الذي فاز به عن جدارة واستحقاق اليوغسلافي «دينس تانوفيتش» عن فيلمه الراقي «نومانز لاند» )رجال دون أرض( الذي جاء غاية في الروعة ومزج فيه السيناريست «تانو فيتش» الكوميديا بالواقع المليودرامي من خلال سرده لتصور الحرب عبر وجهة نظر بوسنية وأخرى صربية بتدخل من الأمم المتحدة وعجزها عن حل النزاع أو حتى تقريب وجهات النظر بين الكتلتين وكل هذه الأحداث أفردها «تانوفيتش» في بساط السيناريو بذكاء كبير أهَّله لينال هذه الجائزة التي استحقها بالإجماع المطلق من قبل اللجنة المحكمة.
بقي أن نقول إن جوائز هذا المهرجان جاءت في محصلتها لمن استحقوها بجدارة واجمع كل النقاد الذين تابعوا هذا العرس السينمائي الكبير على أحقية الفائزين لهذه الجوائز عدا الشك الوحيد الذي واجه كتلة من النقاد حول جائزة أحسن ممثل «بينوا ما جيميل» حيث رأوا أنها ظلمت ممثلين آخرين لا تقل براعتهم عن «ماجيميل».
|
|
|
|
|