| مقـالات
في عدد مجلة اليمامة الصادر يوم 17/1/1397ه كتبت قصيميات، جاء منها: «الصباخ يقع في جنوب مدينة بريدة، هو غابة من النخيل أتمنى أن أرى فيه شارعاً يخترقه من الشمال إلى الجنوب، إنها أمنية فهل يا ترى تصبح حقيقة»!
في الأسبوع الماضي، شاهدت هذا الشارع على الطبيعة، وقد اخترق غابات النخيل المعمرة، وهو واحد من الطرق الهامة التي أنجزتها بلدية مدينة بريدة بصمت! ولا شك أن البلدية كانت تتمنى لو تحقق هذا الإنجاز في وقت مبكر، لكننا لا نشك أن كثيراً من العقبات حالت دون التبكير في ذلك، نظراً لتعدد ملاك المزارع واختلاف رأيهم في أهمية مثل هذا الشارع الذي كشف المنطقة الزراعية الأولى لمدينة بريدة، التي على مدى ما يزيد على قرنين موَّنت القصيم بإنتاجها الوفير من التمور، وشهد )الصباخ( خلال القرنين الماضيين من الغناء والازدهار حتى أن أهل بريدة سموه )فيحان( وشبهه زوارها ب«غوطة دمشق»!
هذه المنطقة أصبحت اليوم مفتوحة لزوارها ببركة هذا الشارع الذي كشف جمالها وخيراتها وخضرتها، ورغم أن النخيل تجاوز عمرها مائة سنة، إلا أنها تدخل المئوية الثانية لتعيش العصر الجديد بكل معطياته.
ومن معطياته أن هذه المنطقة يجب أن ينظر إليها اليوم كأجمل مناطق المدينة، وكرئة يجب أن تصان وتهذب وتنظف وترتب لتُدخل على مدينة بريدة روح البهجة والجمال!
إن البلدية تُنفق الكثير لتأسيس الحدائق ولكن )الصباخ( حديقة أزلية معمرة، يجب التعاون مع أهلها لإدخالها العصر الحديث بتقديم كافة الخدمات الحديثة لها مما يكفل نظافة المنطقة وعصرنتها! المشاريع السكنية ذات الطابع الاستثماري ستنجح نجاحاً باهراً على ضفاف الصباخ وفي نفوده الغربي، وستكون من أجمل المشاريع التي تستقطب الساكن ليجد فيها المواطن الباحث عن الراحة شيئا من التميز، ملاك الصباخ هم أول المستفيدين من هذا النجاح وتعاونهم وتشجيعهم لهذه الأفكار سيعود عليهم بالمنافع المادية، وهذا الاهتمام بمنطقة الصباخ هو فكرة يحسن تعميمها على كثير من المزارع التي دخلت في مدينة بريدة فإنها بجميعها جزء من الجمال والتشجير وجزء من الرئة التي تتنفس بها المدينة، والعناية بهذه المزارع والعون لملاكها تنسيقاً بين البلدية والزراعة يعود بمنافع كثيرة لصالح المدينة حيث إن الخضرة طرف ضعيف أمام الاسمنت لا بد من حمايته وإلا هلك بطواحين الاسمنت وغباره، وبطفح المجاري ورائحته!
لقد أكل عمران بريدة الحديث على مدى نصف قرن بساتين بل ضواحي النخيل الغناء التي كانت تُطوِّق بريدة من جهاتها الأربع، وكانت من أفضل ميزاتها وأروع صفاتها، التي بهرت زوارها من الرحالة، لقد انقرضت من الشرق نخيل الشماس، والعجيبة، والبوطة، والشقيري، والرويبة، مروراً على الصباخ الذي ندعو اليوم إلى حمايته وصيانته وإعادة شباب الحياة إليه!
وإن من الأفكار التي يحسن التنويه عنها وتخدم منطقة )الصباخ( أن تتعاون الشؤون الزراعية مع بلدية بريدة ومع الجهات المختصة الأخرى في تسهيل خدمات حفر الآبار، واستقدام العمال، والإرشاد الزراعي والبيطري، وتسهيل مهمات المستثمرين الزراعيين داخل الصباخ لمنحهم تسهيلات ترفع عنهم قيود الروتين الإداري، وتُشجعهم على النجاح وتتيح لهم فرصة الكسب حتى تزدهر المنطقة زراعياً وبيئياً وجمالياً، مع المحافظة على النظافة والتخلص من جذوع النخيل والأثل اليابسة التي تقع بسببها الحرائق، وكذا حماية المزارع من العمران الجائر الذي سيأكل المزارع إن لم نحمها منه!
ومن المستحسن التقدم بالشارع الجديد الذي انتصف الصباخ ليمتد جنوبا فيخترق )رواق( وهو غابة من النخيل مماثلة، حتى يتصل الشارع بطريق بريدة/ عنيزة، لتكتمل فائدة هذا الشارع الذي يُشجع أصحاب الحيازات الزراعية الممتدة عليه في إقامة أكشاك على حدوده تنظمها البلدية بطريقة هندسية جمالية مرخصة ليبيع فيها المزارعون بأنفسهم منتجاتهم من الألبان والخضراوات والتمور وقد تنجح مشاريع تسويق أخرى للعسل وكافة المفردات الغذائية الأخرى ذات العلاقة بالزراعة، فيوفر المزارع لنفسه مصاريف النقل والتكاليف الأخرى حال جلب إنتاجه للسوق الكبير، ومن الجميل إعادة )السواني( لبعض المزارع الواقعة على هذا الشارع جذباً للزوار والمتسوقين وتخيلا للواقع الذي كان عليه )الصباخ( قبل عصر الزيت الحديث! كما يحسن إقامة أكثر من مسجد لخدمة العابرين على هذا الشارع، إنها جميعها أفكار ذات نفع تشجع المزارعين والزائرين وتعطي صورة عصرية جميلة لموقع هو من تراث الزراعة القديم بمنطقة القصيم، وهذه الأفكار تفتح الطريق لأفكار أخرى نستغل بها هذه الحديقة الطبيعية الكبرى استغلالاً ممتازاً ونؤهلها لعصر حضاري، يتأسس جماله وتميزه على تراث من الماضي عريق!
رجال في الذاكرة
* واصل الأستاذ عبدالله بن زايد الطويان إصدار سلسلة )رجال في الذاكرة(، حيث صدر له مؤخراً، الجزء الرابع في طبعته الأولى، اشتمل هذا الجزء على تراجم لخمس وأربعين شخصية وعتها ذاكرة المؤلف، ومن الشخصيات علماء ووجهاء وعسكريون وإداريون وشعراء من مختلف مناطق بلادنا، وتميز هذا الإصدار الأخير بترجمات وافية تضمنت معلومات أوسع عن المترجم له، كما تضمن قصائد نادرة للشخص المترجم له، حال كونه شاعراً، أو في مدحه حال كونه شخصية عامة استحقت ذلك، كما اشتمل على صور نادرة للمترجم له حصل عليها المؤلف من المحفوظات الخاصة بأصحابها، المؤلف يعد بالإصدار الخامس ونتطلع إلى استمراره في مواصلة التعريف بالشخصيات ذات الاستحقاق، وأن يتواصل مع قرائه الذين ينتظرون الجديد المفيد.
بريدة ص.ب 10278
asbt2hotmail.com
|
|
|
|
|