| العالم اليوم
* رام الله نائل نخلة:
^^^^^^^^^^^^
بكاء ... وآهات تعبر عن آلم يعتصر القلوب ... وقطرات الدمع تتزاحم للخروج ... وبريق لامع من العيون .. والحزن هو سيد الموقف بين كل الزائرين لمعرض «مائة شهيد .. مائة حياة» والذي تحول مع الساعات الأولى لافتتاحه في مركز خليل السكاكيني برام الله إلى ذكريات ثقيلة أثارت حنق الأطفال والشيوخ والنساء زوار المكان.
^^^^^^^^^^^^
نزار عيده «14 عاماً» أول شهيد في انتفاضة الأقصى من رام الله كان أول الشهداء في معرض الشهداء، لقد كان نزاز مميزاً في حياته وأصر القائمون على المعرض أن يكون مميزاً في الحاجات الخاصة التي عرضت.
عصافير نزار هي التي كانت «اعز ما كان يملكه هذا الولد» يقول الوالد: لقد كان يقضي أوقاتاً طويلة وهو يحدق ويلهو مع هذين العصفورين اللذين أصبحا كل عالمه، ولم يكن ليتركهما لولا رصاص الاحتلال الذي غيبه عن الحياة إلى الأبد.
قصة غريبة مع محتويات هذا المعرض: عماد العناتي، ملازم أول في الأمن الوطني، صلاح الفقيه أحد نشطاء الانتفاضة، محمد نبيل الطفل كويتي المولد فلسطيني الانتماء، هؤلاء الثلاثة لا يعرف أحدهم الآخر قبل ذلك الموعد عندما سقطوا جميعاً في يوم واحد ومكان واحد، وساعة واحدة، وفي المعرض حاجاتهم الخاصة هي أول ما تصطدم بها تم تجميعها. الشهيد محمد نبيل حقيبته المدرسية ما زالت هناك، «بطاقته الخاصة التي حملها في جيبه عندما توجه إلى ساحة المواجهات في البالوع لكي يتعرف عليه أحدهم عندما يستشهد،أحضرت هنا إلى المعرض كإحدى ادواته الخاصة التي بقيت معه إلى آخر لحظة من حياته». هذا ما يقوله والد محمد نبيل الذي قدم من الكويت إلى رام الله ويحمل معه حلم الاستقرار في الوطن والعيش فيه بعد غربة طويلة لم يكن يعلم أن قناصة الاحتلال بالمرصاد لولده محمد.
يتبعه فوراً ميدالية صلاح الفقيه ابن قرية قطنة شمالي رام الله والذي أصيب أكثر من ثلاث مرات في انتفاضة 87 وكان من أبرز نشطاء الانتفاضة كما يقول أصدقاؤه الذين يتذكرون تماماً حادثة استشهاده: «لقد كان يقف بجوار أحد رجال الأمن الوطني بالقرب من مبنى الحكم المحلي عندما أطلق عليه الجنود المتمركزون في معسكر بيت إيل وابلا من الرصاص لتقتل )عماد( ويتقدم صلاح لينقذه ولكن يبدو أن القناص كان لهما بالمرصاد فأطلق العنان لسلاحه ليصيب )صلاح( في رأسه».
سمير سلامة فنان فلسطيني أضفى كثيرا من الرونق والجمال على تصميمه للمعرض الذي كما يقول بذل جهداً كبيراً قبل افتتاحه وانعكس احترامه للشهداء على تصميمه الذي اعتبره احتراماً وهيبة لخصوصيتهم.
المعرض هذه المرة اقتصر على الشهداء وحاجياتهم الخاصة من أدوات العمل والملابس، وأقلام ودفاتر وملابس وأدوات رياضية والعديد من التحف الصغيرة والذي تميز بالإبداع بأسلوب وضع الصور والمقتنيات مع استخدام فني للإضاءة.
عادلة العايدي مديرة المعرض تقول: هذه الأشياء البسيطة تعبر عن دلالات عميقة في ذهن كل شهيد، فهي تنطلق من الجانب الإنساني العادي جداً وحب الحياة لهؤلاء الشهداء، فلكل واحد منهم قصة، وأثار، وحاجات أَحبَّها وتعامل معها، انهم مثل كل البشر يحبون الحياة كانت لهم طموحات وآمال في مستقبل كبير ولكن ...
ويضيف الفنان سمير سلامة: «بعد شهور من رحيلهم يعودون مجدداً إلينا في كل صباح ومساء هنا في رام الله يتجمع هؤلاء الشهداء من جديد على أبواب القدس التي لا تبعد عن المكان سوى أمتار فقط».
عصافير نزار الذي أبى إلاّ أن يمنحها الحرية يوم استشهاده وصلاح الفقيه الذي كان دوما يحمل ميداليته الرياضية وعلاء البرغوثي الذي استفاق على جرائم المستوطنين في قريته عابود أحضر غطاء رأسه، وبسام البلبيسي بعدة الإسعاف، وعصام جودة بمصحفه وعدة الدهان التي كانت بجواره يوم أن وجد مقتولاً على بوابة مقبرة القرية التي طلاها باللون الأبيض ليعود بعد ساعات إلى المقبرة نفسها ويدخل من البوابة هي نفسها ولكن محمولاً على الأكتاف، وعمر عكاوي بصورة عبدالناصر الذي كان محباً له، ومحمد العمواسي بصورة زفافه وعروسه إلى جانبه، وغسان عوايصة بمصحفه، كل هؤلاء سيتجولون في ثماني مدن فلسطينية في الضفة الغربية والقطاع ومدن الداخل والخارج إن أمكن كما تقول عايدة العايدي يحملون معهم حاجياتهم لينقلوا لنا رسائل كثيرة منها أن نحب أشياءنا، ووطننا، وبعضنا بعضاً...
|
|
|
|
|