| الاقتصادية
ما الفائدة من المال والمباني الفخمة والامكانات المادية الاخرى اذا لم توجد ادارة كفء قادرة على استغلال هذه المعطيات الثلاث وغيرها الاستغلال الامثل وتطويعها لخدمة المستفيدين منها؟ هذا السؤال ليس مقصورا على اجهزة القطاع العام فقط بل هو يمتد ليشمل كافة الاجهزة ذات الارتباط بالمواطن سواء كانت عامة او خاصة، فالقضية الاولى والاخيرة هي كيف تدار هذه الاجهزة كي تستطيع فعلاً ان تقدم الدور المنشود منها في خدمة المجتمع، وبالذات اذا علمنا ان هذه الاجهزة باموالها ومبانيها وامكاناتها ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لتقديم خدمة او منتج لمن يبحث عن اي منهما، فالشخص لا يهمه شكل المبنى او ما يحتويه ذلك المبنى من اثاث وفرش بقدر ما يهمه تحقيق بغيته حينما تسوقه الاقدار لزيارة هذا المبنى او ذاك، فالعملية كلها ادارة في ادارة ومتى ما احسنا الادارة استطعنا ان نتحكم اكثر في بقية العناصر الاخرى التابعة،
كنت اظن ان هذا الامر مسلمة لا تحتاج التأكيد او الكتابة عنها حتى اطلعت اخيراً على اعلان مؤتمر مجموعة «البلدان الاقل نمواً في العالم» الذي عقدته الاسبوع الماضي هيئة الامم المتحدة في مقر البرلمان الاوروبي في بروكسل الذي نشرت عنه جريدة الشرق الاوسط في عددها الصادر يوم 22 صفر، حيث جاء فيه ان الحل الحقيقي والجذري لاخراج الدول المصنفة اكثر فقراً في العالم من محنتها الحالية يتمثل بالدرجة الاولى في تحسن الادارة في تلك الدول وان تلك الدول لا تحتاج فقط للمساعدات المالية من الدول الغنية ولكن الاهم هو الرفع من المستوى الاداري وقدرة الاجهزة في تلك الدول على ادارة شؤونها بطريقة افضل،
فالمال وحده، كما يتضح من توصية هيئة الامم المتحدة، لا يكفي اذا لم تكن هناك ادارة سليمة قادرة على استغلال ذلك المال والاستفادة منه في تهيئة كافة العناصر التي تصب محصلتها النهائية في خدمة المواطن، ان هذا الاستنتاج الذي توصل اليه المؤتمر ليس جديداً، بل الشيء الغريب ان يتأخر اكتشافه الى هذا الوقت، وبالذات من منظمة دولية فيها الكثير من المتخصصين ذوي الكفاءة العالية، ولكن ذلك يؤكد ما ينادي به المهتمون والمعنيون بامور الادارة وشؤونها، فحسن الادارة يأتي في المرتبة الاولى وبقية العناصر تتبع، وهذا يعني ان الاهتمام بهذا الجانب في الدول النامية، التي يصنف بلدنا واحداً منها، امر يزداد اهمية يوماً بعد يوم، بل ان الاهتمام بالانسان الذي هو الجانب الاساس والفاعل في الادارة امر يقفز في المقدمة، اذ ان تهيئة الانسان والرفع من قدراته من خلال التعليم والتدريب المستمرين امران تفرضهما طبيعة الحياة، اذا كنا فعلاً جادين ان نحجز لنا مقعداً ولو صغيراً في قطار الحياة الذي يزداد سرعة يوماً بعد يوم وتزداد المنافسة بين الجميع للانضمام اليه ولو واقفين بين الصفوف،
Kathiri@zajoul، com
|
|
|
|
|