| مقـالات
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
وعناهم من شأنه ما عنانا
)المتنبي(
تمضي الأيام والسنون وتبقى بعض العادات متأصلة في الكثير من الناس لا تغيب رغم التغير والتطور السريع الذي يجتاح العالم، الا ان أولئك يبقون دائما في عالم غريب.. عالم سفلي.. وحين اقول العالم السفلي، فأنا أقصد اولئك الذين يتميزون بضيق الأفق فلا يرون أبعد من أنوفهم.. ولا أوسع من تلك الدائرة التي يسكنونها.. ولا أعلى من ذلك السقف الذي يظلهم..
فعلى سبيل المثال يمر الناس بك مرور الكرام حين لا تملك شيئا لا منصب ولا مال ولا جاه ولا حسب ولا نسب الا من رحم ربي..
ذلك الذي يحتويك بنظرة انسانية ويمطرك بمشاعر دافئة حانية فقط لأنك إنسان تملك قلباً أبيض وروحاً شفافة مرهفة تتدفق حبا وعطاء..
ولكن حين تجتهد وتعمل وتكافح ومن ثم تبدأ بالصعود الى أعلى شيئا فشيئا وتصبح ذا حضور مميز واعمال مشهودة عندها تتغير الاشياء ويتبدل كل ما حولك..!!
لا تنتظر ان يحبك ويقدرك الجميع.. ليس لأنك أسأت الى أحد وإنما لأن ثمة فئة من الناس يتعبها ويؤرقها كثيرا نجاح الآخرين.. وعندها تضعه تحت مجهر الرقابة بإحصاء خطواته وحركاته وسكناته ولفتاته، تمهيدا لما هو اكبر.. ذلكم هم الحاسدون الذين لا يشغلهم العمل والعطاء والنجاح بقدر ما يشغلهم ترصد الآخرين.. ماذا فعلوا؟!
مصيبة عظمى أن يتفوقوا عليهم وأن يشيدوا نجاحهم بدمائهم وأنفاسهم حجراً حجراً.. وخطوة خطوة!!
ومن أجمل ما قرأت حول ذلك ما ذكره الدكتور غازي القصيبي في كتابه الرائع )العصفورية(.. حيث يقول: )في تراثنا قصة عن رجل حسده جيرانه عندما ادَّعى أمامهم أنه سيُصلب مع عدد من الأكابر(!!
ثم يذكر حكاية على لسان البطل المتحدث يقول فيها:
)أعرف مؤذناً في الحي الذي أقطنه يعمل بالاضافة إلى عمله مؤذنا خفيراً في محكمة.. حسده أهل الحي على تقاضي راتبين، راتب الخفير وراتب المؤذن، رفعوا أمره إلى الجهات المختصة.. قطعت الجهات المختصة راتب المؤذن.. فاستمر الرجل يؤذن مجاناً، لوجه الله تعالى.. حسده أهل الحي على الثواب وطالبوا بمنعه من الأذان.. تصور حسدوه على الثواب(!
تلك حكاية من حكايات كثيرة..
والحديث عن الحسد والحاسدين حديث ذو شجون جميلة ومثيرة.. ولابد لنا من عودة إليه في لقاءات قادمة باذن الله.
E-mail:Fowzj@hotmail.com
ص. ب 61905
الرياض: الرمز البريدي 11575
|
|
|
|
|