أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 23rd May,2001 العدد:10464الطبعةالاولـي الاربعاء 29 ,صفر 1422

مقـالات

في الأفق التربوي
مهنة التعليم
أ.د. عبدالرحمن بن إبراهيم الشاعر
ورد في إعلان مكتب التربية العربي لدول الخليج لأخلاقيات مهنة التعليم فقرتان غاية في الأهمية تبرزان الدور الفاعل للمعلم كمربٍ في المقام الأول، وتنص هاتان الفقرتان على ما يلي:
«المعلم قدوة لطلابه خاصة، وللمجتمع عامة، وهو حريص على أن يكون أثره في الناس حميداً باقيا، لذلك فهو مستمسك بالقيم الخلقية، والمثل العليا، يدعو إليها ويبثها بين طلابه والناس كافة، ويعمل على شيوعها واحترامها ما استطاع».
«المعلم أحرص الناس على نفع طلابه، يبذل جهده كله في تعليمهم، وتربيتهم، وتوجيههم، يدلهم بكل طريق إلى الخير ويرغبهم فيه، ويبين لهم الشر ويذودهم عنه، في إدراك كامل ومتجدد أن أعظم الخير ما أمر الله أو رسوله به، وأن أسوأ الشر هو ما نهى الله أو رسوله عنه».
والمعنى في هاتين الفقرتين واضح وجلي ولو أردنا ربط مضامين هاتين الفقرتين بالأهداف التعليمية لوجدنا أنها تفسرالمجالات الثلاثة للأهداف التعليمية والمتمثلة في المجال المعرفي والمجال المهاري والمجال الوجداني، وفي الغالب يتم التركيز في مدارسنا على المجالين المعرفي والمهاري وإهمال المجال الوجداني، في حين أن الربط بين المجالات الثلاثة من متطلبات التكامل التعليمي التربوي، والمعلم المسلم أكثر قدرة ودراية وحرصا على توظيف المجال الوجداني لخدمة الجوانب الأخرى، بل أكثر قدرة على الربط الموضوعي بين الحقائق العلمية ومواطن تفسيرها وتحليلها وتطبيقها، فهو على مقدرة لربطها بالعقيدة، فالقرآن الكريم لم يدع صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها ومن هنا تنبع أهمية الثقافة الإسلامية في إعداد المعلم الناجح.
إن ربط تلك الحقائق ببراهين علمية من القرآن الكريم والسنّة الشريفة ادعى إلى الإيمان بها ورسوخها في أذهان الطلاب. أذكر أن الدكتور الذي كان يحاضر لنا في كلية العلوم عندما كنا طلابا فيها وكانت المحاضر في مادة الأحياء وبالتحديدانقسام الخلايا، كان المحاضر يربط بين الحقائق في انقسام الخلية وترابط وتزامن وظائف الأعضاء ويذكرنا بين الفينة والأخرى بالآيات الكريمة: «وفي أنفسكم أفلا تبصرون». «وفي السماء رزقكم وما توعدون». إنها منطلقات اليقين والإدراك والقناعة والرضى والإيمان المطلق والسلوك السوي، والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن الكريم والسنّة الشريفة، بل انه في تحليل مضامين نظريات التعليم والتعلم نجد أن التربية الإسلامية تناولت تلك المضامين قبل النظريات، فعلى سبيل المثال أشار ابن الجوزي إلى اهتماماته التربوية عندما بيّن التشريف للإنسان بحمل الأمانة وقد منحه الله عقلاً يميز به، وجعل الله سبحانه وتعالى العقل مناط التكليف حيث تتمثل حياة العقل في صحة الإدراك وقوة الفهم وجودته، وبالعقل يمكن إدراك العلاقات بين الأشياء وبين أسبابها ومسبباتها. ويضيف ابن القيم أن المعرفة الصحيحة هي روح العلم، والعلم الصحيح هو روح العمل المستقيم، وما جاء به العلم لا يناقض ما جاءت به المعرفة، بل المعرفة روح العلم ولبه وكماله. وللتربية الإسلامية مفاهيم ومعايير أساسية يبنى عليها المنهج التربوي الإسلامي، كما أن لها قيما ومبادئ نابعة من القيم والمبادئ الإسلامية المتمثلة في الصبر والصدق والمراقبة والتعاون على البر والتقوى والأمانة وحسن الخلق والحلم والإيثار والرفق وأدب الطعام وحق الجار واحترام الكبير والعطف على الصغير والصدق في المعاملة ومكارم الأخلاق، ولنا في تراثنا الإسلامي الأمثلة والمواقف التي يمكن من خلالها يقتبس المعلم الأفكار الجيدة لغرس هذه القيم والمبادئ في نفوس النشء وتشكيل سلوكهم وفق التعاليم الإسلامية، فالانتماء للإسلام لا يكون بالهوية الإسلامية فحسب بل بالسلوك الإسلامي، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتمثلون القرآن الكريم في جميع تصرفاتهم وسلوكهم اليومي، وكان الواحد منهم قرآنا يدب على الأرض، فالتربية الإسلامية أمانة في أعناق الآباء والمعلمين، وعلى المعلم أن يعي دوره في غرس هذه القيم.
Shaer@anet.net.sa.


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved