| مقـالات
البدايات.. كانت قاسية.. ومع ذلك فقد كان انسان هذه البلاد.. فوق تلك القسوة.. يحدوه إيمانه بربه.. ورجاؤه فيه وأريد هنا أن أتحدث عن الكثيرين.. الذين واجهوا قسوة البدايات، معظم الذين يمرُّون بمنتصف أعمارهم او يتخطون الستين بقليل يعرفون تلك البدايات وكيفية الحياة آنذاك.. وشظف العيش ونوعية المعيشة.. وكيفية التعامل مع تلك الأيام. ويعرفون قصصاً كثيرة عن أولئك المحاربين المجهولين الذين مشوا على أقدامهم مسافات طويلة بحثاً عن لقمة العيش الكريمة.. ولو أنك سألت واحداً عن أهل قريته. أو بلدته، لحدَّثك بأشياء كثيرة عن أولئك الذين تركوا أولادهم وديارهم وسافروا عبر الصحارى والبحار بحثاً عن الرزق.. فمنهم من وفِّق، ومنهم من لم يكتب له التوفيق ولكنه بحث عن الرزق في أماكن أخرى.. وكانت عزائم الرجال مثار الإعجاب والغرابة.. وخصوصا الذين تركوا نجد وذهبوا للخليج والعراق والشام ومصر وتركيا.. لقد كان الأمل شديد الإشعاع لدى هؤلاء. ولذلك لم تضعف عزائمهم ولم تخر قواهم.. ولذلك نجد أسماء أسرية متناثرة في مختلف دول الخليج وغيرها من البلدان .. لها جذورها الأصيلة هنا. هذه الظاهرة القديمة لم تسجل، وبقيت في عقول الرجال وقد تزول وتذهب فلا يعرف القادمون من أبناء هذه البلاد فيما بعد شيئاً عنها. إنها عصاميات متنوعة. يجب ان تسجل لتكون نبراساً للقادمين وهذا في اعتقادي الجازم تاريخ مهمل.
وقد ينطمس كما قلت إذا لم يسجل ويثبت في الكتب. لقد عانى إنسان هذه البلاد في بداياته.. لكنه تجاهل كل قسوة.. وكل عناء في سبيل أن يصنع للأجيال القادمة قصصاً مثيرة للعصامية الصادقة.. حبذا لو اهتم بهذا الجانب المهمل من حياتنا أهل التاريخ لدينا والمهتمون بهذا العلم..
لقد كانت أقدامهم وسيلة السعي في الأرض..للبحث عن رزق الله.. لقد كان الأوروبيون يسافرون عبر البحار ويكتشفون جزراً وسواحل وأماكن تسجل بأسمائهم .. وقد بقيت تقرأ الآن.. أفلا نستطيع تسجيل قصص الأوائل لدينا، الذين سافروا وساهموا ولو بالقليل في نظرية الاقتصاد آنذاك وانتفاع الآخرين منهم؟!
|
|
|
|
|