رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 22nd May,2001 العدد:10463الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,صفر 1422

مقـالات

وماذا بعد القبول في الجامعة؟
احمد بن محمد المانع
بعد أسابيع ستبدأ اختبارات شهادة الثانوية العامة وبعد ذلك يتم الإعلان عن النتائج لتبدأ بعدها الجامعات والكليات والمعاهد في استقبال طلبات الالتحاق، ولن أتطرق في حديثي هذا إلى موضوع القبول ومشكلاته نظرا لكون هذا الموضوع أُشبع طرحا إذ سبق للكثير من أولياء الأمور والكتاب أن تناولوه من خلال مقالات متعددة علما بأن عملية القبول تحكمها عوامل كثيرة لعل أبرزها الطاقة الإستيعابية المرتبطة بتوفر القاعات الدراسية وفوق ذلك توفر العدد الكافي من الأساتذة. إلا أنني اليوم سأحاول الإجابة علي تساؤل عريض لم أجد له إجابة، وتساؤلي هذا هو: ماذا عسى الطلاب أن يفعلوا بعد أن وجدوا أنفسهم من المقبولين منهم من نبغ وتفوق وحصل علي أعلي الدرجات ومنهم من تعثر وكان مصيره التوقف والرسوب وبالتالي عدم مواصلة الدراسة ليبدأ مرة أخري في البحث والتقصي ثم الدخول في معمعة القبول مرة أخرى.
ولكن ماهي أسباب التعثر من خلال عدم استطاعة الطالب الاستمرار إما بالانسحاب أو الاستبعاد في ذهني عدة إجابات وافتراضات من خلال معايشة ومشاهدة لحالات كثير من الطلاب ومن تلكم الأسباب:
أولاً عدم التوافق بين رغبة الطالب مع القسم الذي تم قبوله فيه فقد يرغب الخريج في قسم معين إلا أن النسبة لم تساعده مما يدفعه إلى البحث عن أي قسم يوافق على قبوله بغض النظر عن مدى مناسبته لرغباته إذ أن المهم بالنسبة له في هذه الحالة أن يقبل، فبعض الطلاب يهوى المواد العلمية لكنه يجد نفسه في قسم يركز على الجانب النظري.
ثانيا عدم معرفة الطالب ماذا يريد أن يكون في المستقبل فقد قرأت دراسة لجامعة بيل الأمريكية الشهيرة عن مدى معرفة تصورات الطلاب لمستقبلهم وتوصلت إلى أن 4% فقط من الطلاب يضعون لهم أهدافا مستقبلية ويسعون إلى تحقيقها! وأن 1% فقط يدونون هذه الأهداف!
ثالثا نظرة بعض الطلاب للقبول على أنه هو الغاية وما دام أنها أجتاز هذه العقبة فقد قام بكل ما هو مطلوب منه تجاه أسرته والمحيط الذي حوله من أقارب وأصدقاء.
رابعاً بعض أولياء أمور الطلاب يصر على ابنه ويجبره على الالتحاق بقسم برع فيه الأب فقد يكون والد الطالب طبيبا بارعا إلا أن الابن يرى نفسه في الهندسة أو علوم الحاسب الآلي هذا من جانب، الجانب الآخر قد يفشل الأب في تحقيق هدف طالما راوده لذا فهو يرى أن تعويض ذلك يكون بتوجه الابن إلى تحقيق تلكم الأهداف وقديما قيل ابن الوز عوام لكن ليس في كل الأحوال أن يعوم وقد قيل أيضا من الحب ما قتل.
خامسا تغير الجو الدراسي إذ أن الاختلاف كبير بين جو وبيئة التعليم العام وبين جو وبيئة التعليم فوق الثانوي فالأخير قد لا يتأقلم بعض الطلاب مع هذا التغير فيحدث لديهم نوع من عدم التوازن مما يتطلب من الطالب أن يكيف نفسه مع هذه البيئة الجديدة تدريجيا وقد يتسرع البعض في ذلك.
سادسا قدوم بعض الطلاب من ثانويات تقع خارج مدينة الرياض مما يجعل الطالب يشعر بتغير من خلال «البعد عن الأهل تغير المسكن.. الخ» فضلا عن تغير الجو الدراسي وكون البعض من أولئك قد يعاني من مشكلات مادية نظرا لوجود التزامات استجدت عليه ومن تلكم التكاليف عدم وجود الأهل أو بعبارة أدق أن يكون الطالب متعودا على قيام والده بالإنفاق والصرف عليه كأي فرد من أفراد الأسرة وفجأة يجد الطالب نفسه مسئولا عن توفير««المأكل والمشرب والمسكن» علما بأن المشكلة ليست في المسكن وإنما في درجة الاعتمادية على النفس.
سابعاً هناك عدم مبالاة واستهتار كبير من قبل بعض الطلاب ويمكن قياس ذلك من خلال:
1 التغيب المستمر عن المحاضرات دونما سبب.
2» الإهمال وعدم متابعة المواد فضلا عن التكاسل وعدم المبالاة.
3 عدم القيام بأداء ما يطلب منه من واجبات أو مهام.
4 السهر فقد يتغيب الطالب بسببه أو يجبر نفسه على الحضور لكنه يتراقص من النعاس ذات اليمين وذات الشمال وبالتالي لا يدري ماذا يقال مهما حاول أستاذ المادة التنويع في عرض المعلومات.
ثامنا قد يكون هنالك تساو وتوافق بين الطلاب في قدراتهم العقلية ومستوى الذكاء لكننا قد نجد بعض الطلاب متقناً للغة الإنجليزية أو بارعاً في الحاسب الآلي وقد يكون سبب ذلك كون هذا الطالب قد تلقى تعليمه في مدرسة أهلية وهذا يعني أن الطالب قد درس هذه المواد طوال سنوات دراسته وربما قبل المرحلة الابتدائية علاوة على أن بعض الطلاب قد حظي بوجود معلم متمكن في المدارس الحكومية استطاع أن يدفعه إلى التفوق وبالمقابل قد نجد طالبا كان لديه معلم لم يستطع أن يقدم المادة بالشكل المطلوب، لذلك قد لا يلتفت وربما لا يعير البعض من الأساتذة هذه الفوارق اهتماما ليقوم بمعاملة الطلاب معاملة واحدة مما يكون سببا في إخفاق البعض نظرا لصعوبة اللحاق والوصول إلى مستوى أقرانهم.
تاسعا عدم رغبة بعض الطلاب في مواصلة الدراسة إلا أنهم يقابلون ضغطا وإلحاحا أسريا كبيرا وكثيرا ما سمعت من مجموعة من الطلاب أنه لا يجد نفسه في الدراسة إطلاقا وإنما تلبية واستجابة لرغبة الأهل فمن الطلاب من يرى نفسه في التجارة ويفضل عدم مواصلة الدراسة لكنه لا يستطيع نظرا لما عليه من ضغوط.
عاشرا قد تواجه الطالب ظروفا صعبة لا يستطيع معها الاستمرار في الدراسة ومنها الظروف الصحية كمرض أو حادث مفاجئ.
أما النتاذج المترتبة على تعثر هؤلاء الطلاب فهي:
1 ضياع سنوات من عمر الطالب من الصعب تعويضها.
2 فرصة القبول قد تسنح للطالب مرة واحدة لكن ليس بالضرورة أن تتاح له مرة أخرى وذلك يعني أن الطالب قد أدخل نفسه متاهة قد لا يستطيع الخروج منها.
3 قبول هذا الطالب بالتأكيد أنه قد فوت الفرصة على طالب آخر، فالقبول محكوم بالطاقة الاستيعابية وهذا يعني أن هذا الطالب قد أضاع الفرصة على آخرين.
4 ماهي التكلفة المادية المترتبة على بقاء الطالب ثم تعثره بعد ذلك، وهذا يمثل هدرا لما أنفق على تعليمه.
قرأت قبل سنوات نتائج دراسة أجريت على إحدى الجامعات السعودية توصلت تلكم الدراسة إلى أن أكثر من 10% من الطلاب تم استبعادهم، ولكن ماهي الحلول حيال ذلك.
ولعلي أعرض شيئا لما جاء في إحدى الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع ففي دراسة ميدانية لمعرفة آراء الطلاب والمسئولين حسب أسباب تسرب الطلاب من الجامعة التي تساهم في تسرب الطلاب من الجامعة مرتبة حسب رأي )المسئولين والطلاب( د. سالم القحطاني مجلة الإدارة العامة، رجب 1419ه توصلت إلى مجموعة من الأسباب أهمها الآتي:
أولا: الأسباب من وجهة نظر الطلاب:
1 قيام الجامعة بتحديد التخصص للطالب دون التقيد برغبته.
2 ضعف الإرشاد الأكاديمي.
3 عدم رغبة الطالب في التخصص.
4 الاعتقاد بصعوبة الحصول على وظيفة.
ثانياً الأسباب من وجهة نظر مسئولي الجامعة.
1 عدم جدية الطالب.
2 ضعف الإرشاد الأكاديمي.
3 الظروف الاجتماعية.
4 تدخل الجامعة لتحديد التخصص دون الالتزام برغبته.
لقد استطاعت وزارة المعارف أن تقوم بإرشاد الطلاب وتوجيههم فوفقا لإحصائية عن أعداد الطلاب المنتقلين الى الصف الثاني ثانوي لعام )1420 1421ه( لجميع مدارس المملكة كانت النسب كالتالي:
الطلاب المنتقلون إلى الصف الثاني ثانوي
لجميع مدارس المملكة لعام 1420 1421ه
النسبة التخصص
65% علوم طبيعية
32% دراسات شرعية وعربية
3% إدارية اجتماعية تقنية
وهؤلاء الطلاب هم خريجو الثانوية لهذا العام، كما ان وزارة المعارف قد قامت بطباعة وتوزيع دليل شامل وضحت ورسمت من خلاله مستقبل الطلاب من خلال عرض شامل للتخصصات وماهية الفرص الوظيفية بعد التخرج، كما آن الجامعات قد قامت بتوزيع الطلاب على أعضاء هيئة التدريس لكي يقوم الأساتذة بإرشاد هؤلاء الطلاب لكني أتذكر أن عملية الإرشاد الأكاديمي تكاد تكون مقتصرة على التأكد من عدم تسجيل مواد لها متطلبات سابقة وليس من لوم على اعضاء هيئة التدريس لأن لديهم ما يشغلهم.
لعلي أقترح بعضا من الحلول التي يمكن ان يكون لها إسهام لحل تلكم المشكلات وقد يكون ذلك في تفعيل الإرشاد الأكاديمي وذلك يقتضي ضرورة إنشاء مركز إرشاد أكاديمي لكي يقوم بمتابعة ومعرفة ما لدى الطلاب من مشكلات لكي يتم العمل على تذليل تلكم العقبات، كما اقترح البعض انه وعندما يتعثر الطالب في دراسته الجامعية يمنح درجة الدبلوم.
ختاما كلي أمل من المختصين مناقشة هذه المشكلة فمن الطلبة من أمضى سنوات لتكون النتيجة بعد ذلك الفشل، وأحصر نقاشي حول عامل الإهمال والتسيب فهذه المشكلة موجودة في مراحل التعليم العام وقد أثبتت ذلك دراسات مختلفة لكن التساؤل لماذا يهمل ويتسيب طالب قد بلغ من العمر أشده في وقت يفترض فيه ان يجد ويجتهد لأن ما زرع طوال سني عمره قد قارب على الاستواء وعما قريب سيحصد ما زرع، وقد يرى البعض أن الطالب وفي هذه المرحلة من المفترض ان يعتمد على نفسه وأتفق مع هذه النظرة لكن المثير للدهشة والاستغراب هو عدم مبالاة البعض من الطلاب في وقت يستوجب ويستلزم أن يكون الطالب أكثر حرصا لكونه هو الأعرف والأقدر على تحديد مستقبله.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved