| العالم اليوم
* تونس خاص ب«الجزيرة»:
^^^^^^^^^^^^
أعرب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن ثقته من ان الاتحاد المغاربي على طريق استعادة عافيته بالكامل مع امكانية انعقاد قمة مغاربية في الفترة.
وقال ابن علي في حديث مطول خص به جريدتي «الصباح» و«الشروق» التونسيتين نقتطف أجزاءً منه، ان ايمانه العميق بوحدة الشعوب المغاربية يجعله على قناعة راسخة بأن المغرب العربي خيار استراتيجي لابد منه مشيرا الى ان الاتحاد ضرورة اقتصادية وسياسية لا غنى عنها وحتمية لا يفرضها الماضي والتاريخ المشترك فحسب وانما تمليها التحولات العالمية الراهنة مما سيترتب عليها ضغوطات في المستقبل وهو بالتالي مشروع حضاري مستقبلي لكافة شعوب المنطقة.
وأوضح ابن علي عن ان قادة الدول المغاربية يعملون معا بكل ثبات وإيمان على تجاوز الصعاب الظرفية التي تحول دون استكمال هذا البناء.
^^^^^^^^^^^^
ودلل الرئيس التونسي على هذا الجهد بقوله: ان الحركية التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة وتواتر الاجتماعات المغاربية على مستويات مختلفة، توجت باجتماع الدورة 18 لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد وما أقرته من مواعيد جديدة من شأنها ان تكرس انتظام دورية العمل المغاربي المشترك، وتعيد هياكل اتحاد المغرب العربي ومؤسساته نشاطاتها وتضعها على المسار الصحيح المنشود من قبل كل الشعوب المغاربية.
ان هذه التطورات الايجابية تجعلني على ثقة من ان الاتحاد المغاربي على طريق استعادة عافيته بالكامل، كما انها تزيدني أملا بامكانية انعقاد قمة مغاربية في الفترة القادمة سوف تشكل انطلاقة جديدة وموفقة لمسيرة مغربنا العربي التي يعمل من أجلها جميع قادة الاتحاد بعزم صادق وايمان ثابت بوحدة المصير.
ودعا الرئيس التونسي من جانب آخر الى ترجمة مبادىء التضامن العربي الى مواقف عملية تنجز وتنفذ وتتابع، وذلك مع التصعيد الحاصل منذ تولي شارون رئاسة الحكومة الاسرائيلية مجددا دعوته الى مزيد من توفير الدعم المادي والمعنوي لأبناء الشعب الفلسطيني لتمكينهم من أسباب الصمود ومواجهة احتمالات المستقبل، كما دعا الى الاسراع بتمويل المساهمة العربية في صندوقي الأقصى والانتفاضة لتمكين الشعب الفلسطيني من أسباب الصمود.
ويذكر ان صندوقي الأقصى والانتفاضة تم اقرارهما في القمة العربية بالقاهرة العام الماضي 2000م باقتراح من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني.
ودعا الرئيس التونسي الى إشباع مرونة أكبر بالنسبة للتصرف في اعتمادات هذين الصندوقين من خلال آلية تنسيق بين السلطة الفلسطينية والبنك الاسلامي للتنمية. وأكد وقوف بلاده الدائم الى جانب الحق الفلسطيني، وقال: «ان تونس ستبقى دائما سندا ثابتا وقويا للقضايا العربية ونصيرا لا تفتر عزيمته للشعب الفلسطيني، وقد قمنا الى جانب المساعدات العينية بتحويل مساهمة مالية مباشرة لمساعدة ضحايا الانتفاضة. كما ان تونس حرصت من خلال عضويتها حاليا في مجلس الأمن على الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة وحمايته».
وحدد الرئيس التونسي رؤية بلاده فيما يتصل بالمصالحات العربية بما في ذلك ما اصطلح على تسميته بالحالة الكويتية العراقية بقوله:«أدعو مجددا الى ضرورة مواصلة الجهود ومضاعفتها من أجل التوصل الى صيغة تصالحية، على أساس الثقة المتبادلة وعدم التدخل في شؤون الغير والتعهد باحترام السيادة والحدود لكل الدول، وحل المشاكل العالقة وكذلك ترسيخ نظرة استراتيجية بعيدة المدى تجسم آمال الأمة العربية وتطلعاتها، والتسامي عن الاعتبارات الظرفية الراهنة.
وستواصل تونس مساهمتها بكل جد وايمان من أجل تحقيق مصالحة عربية أعمق وأشمل، تتجاوز آثار القطيعة والانقسام، وتعيد للصف العربي وحدته، خدمة للمصالح المشتركة وتعزيزا لموقع الأمة العربية على الساحة الدولية التي هي جديرة به».
وفيما يتصل بالوضع الدولي انطلاقا من الدور الذي يلعبه مجلس الأمن الدولي جدد الرئيس ابن علي دعوة بلاده اصلاح الهيكل الأممي المتمثل في الأمم المتحدة. وقال:«تأمينا لحق الدول النامية في ان تكون شريكا في تحديد ملامح النظام العالمي الناشىء نرى ضرورة اضفاء طابع تمثيلي على مجلس الأمن، وأخذ مصالح الدول النامية في الاعتبار من خلال توسيع تركيبته لتشمل كافة المجموعات الاقليمية. وفي هذا السياق تؤيد تونس مطلب المجموعة الافريقية اسناد مقعدين قارين لأفريقيا، تشغلهما دول القارة بالتناوب وبنفس امتيازات المقاعد الدائمة الحالية، كما تدعم تمكين ألمانيا واليابان من مقعدين دائمين بما يتلاءم مع وزنهما على الساحة الدولية».
الحوار الشامل مع الرئيس التونسي تناول أيضا الشأن التونسي الداخلي بما في ذلك ما أثارته صحيفة أجنبية مؤخرا عن صراع أجنحة داخل السلطة بما يوحي بوجود تباين في الوعي في طريقة التعامل في الشأن السياسي خاصة. وقد دحض ابن علي هذا التحليل واصفا أصحابه بالجهل التام بحقيقة الأوضاع في تونس.. وقال:«ان هذه الأصوات تسعى من خلال هذا الطرح الى إلهائنا في صراعات جانبية وهمية والى استعادة شبح الماضي القريب للحياة السياسية في تونس والتي جاء التغيير درءا لمخاطرها، وانقاذا للبلاد من بذور الفتنة الساكنة فيها وقتها، وأعني بذلك الصراع الذي عاشته البلاد في السنوات الأخيرة قبل التغيير. إلا أن أصحاب هذا الطرح تناسوا ان ذلك الزمن قد ولى، وان مفردات صراعات القصر والأجنحة والنفوذ قد رحلت الى غير رجعة.
فتونس اليوم دولة مؤسسات وقانون وذات نظام رئاسي يستمد شرعيته من الدستور ومن ارادة الشعب، سمتها الانسجام، والمؤسسة هي المرجع والأساس، أما الأشخاص فكل يقوم بواجبه في نطاق ما يعود اليه من مسؤولية، وفي اطار خطط وبرامج وأهداف وطنية مضبوطة سواء كان ذلك في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية وجميع عناصر العمل السياسي تصب في سبيل بلوغ تلك الأهداف وانجاحها، ولا علاقة لها بأي نوازع ذاتية أو مزاجية».
وفي اجابة له حول مغزى لقائه مؤخرا مع قيادات أحزاب المعارضة أوضح ابن علي انه ليس من أنصار ديمقراطية الواجهات مشيرا الى حرصه دوما على تكريس التشاور المستمر في كل المسائل الكبرى مع جميع الأطراف السياسية وكذلك تشريكها في وضع التصورات وصياغة المخططات من أجل الارتقاء بالبناء السياسي.. وأوضح ابن علي :«وقد كان من الطبيعي ان التقي بمسؤولي الأحزاب حيث استمعت الى وجهات نظرهم في مسائل وطنية مختلفة وخصوصا حول آفاق المرحلة القادمة، وقد طلبت منهم تقديم تصوراتهم وأفكارهم لتطوير الحياة السياسية واتصلنا بعد بمقترحاتهم التي ستجد عندنا كل الاهتمام».
وبالنسبة للاعلام دعا الرئيس التونسيين الصحفيين والاعلاميين الى كتابة كل ما يعن لهم مشيرا الى انه ليس هناك محرمات إلا ما يمنعه القانون واحتراف المهنة الصحفية. وقال عن الاعلام الذي يتطلع اليه:«انني أريد اعلاما في حجم تطلعاتنا الوطنية وفي مستوى نضج الرأي العام التونسي، يعكس كفاءة مواردنا البشرية في هذا القطاع، وحجم الامكانات والاعتمادات المرصودة له، ولم يعد مقبولا أي تبرير مستقبلا في هذا المجال. ولئن أذكر بأن الاعلام مسؤولية جميع الأطراف فإن المسؤولية الأساسية فيه تعود الى أصحاب القطاع، وعلى الصحافيين ان يدركوا وبكل وضوح كذلك ان حرية التعبير هي المبدأ، وعلى أهل المهنة في اطار المقاصد النبيلة لهذالمبدأ ومراعاة المصلحة العليا للوطن وعدم التعرض لأعراض الناس، ان يتبينوا الخطوط التي يجدر بهم احترامها، مع العلم أني كنت أكدت في العديد من المرات ان حريةالصحافة بالمعنى النزيه والنبيل تعد من ثوابت خياراتنا. كما ان الدولة قامت بواجبها من حيث تطوير التشريع وتوسيع قاعدة المطبوعات وفضاءات التعبير السمعية والبصرية ووفرت الحوافز وآليات التكوين والرسكلة.
ورغم ما سجله القطاع في الآونة الأخيرة من تطور فنحن ما زلنا ننتظر ترجمة الاعلاميين لهذه التطلعات».
وفي اجابة على سؤال اعتبر غياب صحافة الأحزاب ثغرة في المشهد الاعلامي قال ابن علي:«قبل كل شيء يجب ان تعلم ان قناعتي الراسخة في ألا ديموقراطية ولا تعددية بدون صحافة أحزاب متطورة ومتنوعة في كنف حرية التعبير وممارسة حق الاختلاف، وهو ما سنعمل على مزيد دعمه ودفعه.
الدولة قامت بواجبها، وخصصت منحة للغرض رفعنا في قيمتها في الآونة الأخيرة لمساعدة الأحزاب على القيام بدورها الاعلامي، واقرار بأهمية وجود صحافة معارضة بالنسبة الى مستقبل الديموقراطية وتطور الحياة التعددية في تونس.
وفي المقابل فإنه على هذه الأحزاب ايضا تنمية قدراتها ومواردها الذاتية لتأمين استمرارية صدور منابرها الاعلامية، وتوسيع قاعدة توزيعها، وضمانا لاستقلاليتها.
وإذا أدرك الصعوبات التي تواجهها صحافة الأحزاب وعدم قدرتها على انتظام الصدور وتحقيق الرواج الكافي، فإنني قد قررت وبصورة استثنائية مزيد دعمها بما يمكنها من الانطلاق في ظروف أحسن».
وحول مدى قدرة الاقتصاد التونسي على مواجهة افرازات الخصخصة والعولمة ومتطلبات اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي يقترب من دخول طوره الأخير:«أعتقد ان الاجابة واضحة، العولمة الاقتصادية حقيقة قائمة وكان لابد ان نتعامل معها.. فنحن في تونس نرفض توخي سياسة النعامة في مواجهة التحديات مهما كان حجمها، لذلك اخترنا استباق «الطوفان» والاعداد لمواجهته على الانتظار.. واعتقد بأننا اخترنا الطريق الأسلم، لقد فضلنا الاقدام على الانتظار وكانت النتائج على قدر التحدي وعلى قدر الرهان.
فعندما اقدمنا على الاصلاح الاقتصادي وعلى ابرام عقد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وهو الأول في محيطنا الاقليمي، كانت ثقتي كبيرة في قدرة بلادنا على الاندماج في الأسواق العالمية وكسب رهان المنافسة مع الوعي بجسامة المرحلة الدقيقة ومقتضياتها المستقبلية.
فالمسألة لم تكن قفزة في المجهول وانما كانت استراتيجية محسوبة، وانا أنظر بعين التفاؤل الى فتح حدودنا التجارية والاقتصادية ولا خوف من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.فالبداية وفق المؤشرات الموجودة كانت ايجابية فقد حققنا نسبة نمو في حدود 5% خلال العشرية الماضية، وتراجع عجز الميزانية الي حدود 3% كما تراجع عجز الميزان الخارجي الى حوالي 3% ايضا، وهي نسبة تطمح اليها بلدان عديدة صاعدة كما ان نسبة التضخم انخفضت الى أقل من 3% سنويا. وهذه مؤشرات تضعنا في مقدمة الدول الصاعدة من حيث صحة التوازنات الكبرى للاقتصاد باعتبار المقاييس المعتمدة عالميا. كما تراجع التداين الخارجي، وارتفع نسق التصدير ليبلغ 9.6% سنويا، وانخفضت نسبة الدين الى 17% وارتفع حجم الاستثمارات الخارجية الى 750 مليون دولار عام 2000، علما ان المرحلة الجارية مع برنامج التخصيص ستدعم الاستثمار والانتاج والتصدير».وأضاف:«ان هذا التفاؤل لا يحجب عنا تحديات المرحلة الجديدة، وسنواجهها بما يلزم من العزم والحزم معولين على ذكاء شعبنا، والتبصر في وضع مخططاتنا، ونحن ننتظر الكثير من أصحاب الأعمال والباعثين وكافة العاملين في المؤسسات الاقتصادية لمواجهة المنافسة داخل السوق الوطنية وخارجها، ولا سبيل الي مغالبة تلك التحديات وكسب رهان تلك المنافسة إلا بالجودة في انتاجنا وتحسين الانتاجية، وهذه مسؤولية كل الأطراف وليس الدولة وحدها، بما في ذلك المواطن .
|
|
|
|
|