| مقـالات
قطار العمر هو قطار الحياة يتوقف هنا شيخوخة ويغذ السير هناك طفولة وشباباً وكهولة، فشيخوخة مرة أخرى وأخرى وأخرى . إنها عملية مألوفة والمألوف مبتذل كما يقال، لهذا تعجبني أيما اعجاب مقولة الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه التي نصها: «لا ترغموا أبناءكم على عاداتكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم». إنها مقولة استقرائية لمألوف مبتذل وذلك في أنها تبحث فيما يجب ان تكون عليه سياسة التعامل مع حتميات الزمن ذات العلاقة بأوضاع الشباب وشؤونهم،إنها أيضا مقولة استشرافية لما قد يحدث في حال أُخذ بالإرغام منهجا، استدلالاً بسياقات ما ورد فيها من نهي وتحذير.
إنه على الرغم من أن الشباب هم العنصر الأساس الفاعل في عملية التغير الاجتماعي، فإننا نادراً ما نأخذ هذه الحقيقة مأخذ الجد لأسباب متفرقة من ضمنها عدم ادراك «اللاوعي» منا لجوهر الأشياء خصوصا حينما تتكرر هذه الأشياء تكرر الأيام ولياليها فنتعامل مع «العمر» اقتصارا على أبعاده الزمنية المجردة المكرورة بطريقة تلقائية: فهذا كبير في السن رحل به قطار العمر، وذاك قطع به القطار نصف المسافة، وآخر صغير لتوه ركب القطار!. في خضم ذلك ننسى هنا أن ثمة قطاراً آخر يمخر عباب المراهقة لفئة تمثل الفئة الاجتماعية الغالبة عددا، وأعني هنا الشباب.
وذلك لأننا ، كما ذكرت، نتعامل مع ظاهرة العمر الإنساني بتجريد يفصله عن الواقع المعاش وأحداث هذا الواقع، فالعمر لدينا مرحلة زمنية مألوفة مكرورة ابتداء بمرحلة الطفولة مروراً بمرحلتي الشباب والكهولة، وصولا وصول انتهاء الى مرحلة الشيخوخة .
إنه من المفترض ردم ما هنالك من فجوة بين برامجنا التنموية ومتطلبات الشباب كفئة عمرية حيوية فاعلة تؤثر في الثقافة وتتأثر بها الثقافة في آن واحد، فللزمن متطلبات كما ان له حتميات وسياقات، وفي تباين الأعمار تباين في الظروف، والقيم، وطرائق التفكير، والسلوكات، والحاجات، وخلافها إنه من الواجب التعامل تخطيطا وبحثا وتنفيذا مع كل فئة عمرية انطلاقا من موقعها الاجتماعي زمنيا وعلى ضوء طبيعة علاقتها مع الفئات العمرية الأخرى في المجتمع.
جدير بالتنويه ما توصلنا اليه من استقراء منطقي خلال العقد الأخير من وجودنا، كما هو واضح فيما استجد لدينا من اهتمام ملحوظ بكبار السن وبما تفرضه الشيخوخة من متطلبات ومستلزمات،
وما مركز الأمير سلمان الاجتماعي إلا دليل على هذه الحقيقة. بالمناسبة ما هي الأسباب التي جعلتنا ندرك أن لكبار السن رعاية خاصة وبغض النظر عن الإجابة ما هي الأسباب التي تحول دون ادراكنا لأهمية توفير ما يخص الشباب من «حاجات» حسب مفهوم الحاجة الاجتماعي الواسع، خصوصا في ظل الحقيقة المتمثلة في أن الشباب يمثلون ديموغرافيا الأغلبية في مجتمعنا الأمر الذي يعني انهم سوف يتسنمون مواقع المسؤولية في المنظور القريب من مستقبلنا القادم أمنا ورغدا ان شاء الله.
إننا بشر ولدينا كبقية البشر مشكلات تتعلق بالشباب، بيد ان ما لدينا من المشكلات أقل حدة مما لدى غيرنا غير ان غيرنا يعيرون ما لديهم من مشكلات شبابية اهتمامات أكثر مما نفعل بحثا وتخطيطا بل إنهم يدرجون مسألة الشباب في الحسبان ضمن سياسات التخطيط التنموية لديهم.
في المقالة القادمة )من هذه السلسلة القادمة( ، تجيب شدو ان شاء الله عن التالي: «هل نحن شعب قديم أم جديد أم يا ترى إننا قديم/جديد..؟ وما هي العلاقة بين هذا السؤال وموضوع الشباب.
ص ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|