| مقـالات
كنا معاشر الكتاب ـ حيث اننا مسكونون بهموم الناس ـ في الماضي نطالب بحسن التعامل والعدالة في معاملة الموظفين من حيث الترقيات والانتدابات وخارج الدوام واللجان ذات المردود المعنوي والمادي وحتى في استقبال المدير العام لهم وإطرائهم عند من هو أعلى منه من عدمه، لكننا اليوم نقول رحم الله ذلك الزمان فقد أتى علينا زمن أمر من سابقه بشيء كثير فقد كنا ولسان حالنا يردد يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه ذلك أننا نعيش خريفا وظيفيا ما اكثر تساقط أوراقه وعواره، بل دهرا ما أقحط أرضه وأجدب وسائله.
إننا اليوم في زمن عزت فيه الوظيفة العادية التي بنينا عليها خططنا وأدت إليها مخرجات تعليمنا لما يزيد عن نصف قرن فلما جاءت الحاجة إلى الوظائف الأخرى فشلت وسائلنا وأدواتنا في الوفاء بها،
وبالطبع يحتاج تعليمنا إلى نصف تلك المدة حتى تفي مخرجاته بها على الرغم من أنه يتربع على قراته مليونا وظيفة ومهنة صالحة لأبناء الوطن غيرهم من خارجه،
وعندئذ طفق العلاج والحلول المؤقتة والبنود تتسارع لتعالج المشكل الوظيفي،
وتكدست أعداده من الرجال والنساء وجانبت بعض تلك الحلول العدالة الوظيفية واستغلت حاجة الخريجين وكثرة أعدادهم فتم تعيين آلاف منهم على مستويات أقل بكثير من تلك التي عين عليها زملاؤهم في المؤهل والتخصص نفسه من قبل عدة سنوات ليست بكثيرة ويفوقهم المتأخرون بحسن الإعداد والتأهيل ومعرفة الحاسب ناهيك عن معاناة هؤلاء من التضخم وغلاء المعيشة وعين آخرون منهم وفق هذا البند أو ذاك وظلوا يخضعون له مدة طويلة ربما لو كانوا في سلم وظيفي طبيعي لنالوا ترقية أو درجة خلال تلك المدة بل حتى الخدمة لا تحسب لمن هم على هذه البنود فكأنها ضائقة من عمرهم الزمني والوظيفي إن هؤلاء الخريجين والخريجات هم من أبناء هذا الوطن الذي تربوا على حبه وغذاهم بلبانه وهم سداه ولحمته وهو وهم منه وإليه ألا يستحقون أن نعدل بينهم وبين زملائهم السابقين من حيث المستوى والدرجة التي عين بها أولئك في البداية والتي تؤهلهم إليها شهاداتهم في الأصل وأن ننأى عن أي تباطؤ أو حلول مؤقتة لمعالجة ظاهرة كثرة الخريجين إن الأحرى أن تقدم لهم فرص التدريب وسنوات الامتياز العلمي على غرار ما تطبقه بنجاح كليات الطب وما أشبهها بمكافآت ريثما يؤهل هؤلاء للكثير من الوظائف في القطاع العام والخاص أما استغلال حاجة تلك الأعداد ومعالجتها بأدنى درجات المستويات أو البنود لا سيما في ظل استحداث الوظائف التعليمية ومرونته والحاجة المستجدة إليه كل عام فهو مناف للعدالة الوظيفية خاصة أمام أثر ذلك التفريق بينهم وبين زملائهم من الناحية التربوية والنفسية الاقتصادية على هؤلاءوسيكون له أثر على عطائهم وليس لهم أي ذنب إلا أنهم الاخيرون وعانوا من عدم نجاح النظام الوظيفي وشفافيته في استيعابهم وقصور نظرته الشمولية في أن الكل مواطنون وأن أي إنفاق واحتواء وظيفي لهم هو تنمية بشرية وطنية لا تقدر بثمن وأن أي خير لهم هو خير لهذا الوطن ومزيد من العطاء له.
|
|
|
|
|