| مقـالات
قد يُمَلُّ الكلام إذا كان مكرورًا، ويستثقل، وذلك إذا لم يقدم التكرار لطيفة من اللطائف، أو يضيف بُعداً فنياً، يسهم في تلوين العمل الفني، وقد يُمَلُّ الكلام أيضاً لفجاجته وَخُفوت جرسه وانطفاء صوره ومعانيه، أو لكونه لم يحقق أهدافه ولم يصل إلى مراميه، ورغم أن حديثي المتتابع معكم حول أماديح الحمار وأهاجيه، ومناسباته المختلفة التي تحولت إلى أمثال عديدة ضمَّنها أصحابها معاني شتى، وأسبغوا عليها من الإيحاءات والدلالات الكثير، فإني خشيت أن أكون قد وصلت إلى الإملال والإكلال، لكن عدت لأستميحكم العذر لأشرككم معي في الاستمتاع بالحديث عن الحمير، وبخاصةٍ إذا وجدنا أنفسنا مضطرين لمعايشتهم ومداخلتهم، وزعمت أن من المناسب أن أجمع ما كتبته وأكتبه عنهم في كتاب مستقل تحت عنوان:
(قراءة في ملفات بعض الحمير)، وما كان (حديث الأربعاء) لطه حسين إلا مقالات مكتوبة في صحيفة ينتظرها الناس كل أسبوع.. فتهيأوا معي لمتابعة الكتابة في الموضوع:
63 (الحمارُ السُّوءُ دَبَرُه أحب إليك من مكُّوك شعير):
* الدّبَر: اسم جنس جمعي مفرده دَبرة وهي: قَرحة الدابة. المكّوك: هو هنا عبارة عن مكيال كان يستعمله القدماء، يختلف باختلاف ما يصطلح الناس عليه في البلاد.
ومعناه: أن وقوع الدبَر عليه أمر لا يسيء، وذلك لسوئه.
* مضربه: يضرب في التعبير عن عدم الاكتراث بما يصيب المسيئين.
64 (الحمير نعتُ الأكّافين):
الأكّاف: صانع الأُكُف، جمع إكاف، وهو البرذعة، ويقال: أَكَّفَ فلان الحمارَ والبغلَ، إذا شدّ عليهما الإكاف.
ومعنى المثل: أن الأَكَّافين هم أعلم الناس بالحمير وأوصافها.
* مضربه: يضرب في الدلالة على دقة خبرة المتخصصين.
65 (الحمّار على كراه يموت):
معناه أن أصحاب الحمير حريصون على تحصيل أجرتهم من مستأجري حميرهم.
* مضربه: يضرب في كل حريص.
66 (ذهب الحمار يطلب قرنين، فعاد مصلوم الأذنين)
القرنان: مثنّى قرن، وهو المعروق في الحيوانات. والصَّلم: القطع.
* مضربه: يضرب في الدعوة إلى القناعة، ولبيان أن الطمع يضر ولا ينفع.
67 (زلَق الحمار، وكان من سَهوة المُكاري):
زلقت القدم: زلَّت ولم تثبت. المُكاري: أجير الدواب، ويغلب على الحمَّار والبغّال، ويجمع على مُكارين.
* مضربه: يضرب في توافق الرغبة مع المصادفة.
68 (زلّ حمارك في الطين):
* مضربه: يضرب للعجز وانعدام الوسيلة..
69 (دون ذا ويَنفُق الحمار):
يَنفُق: يَرُوج. وأصله أن إنساناً أراد بيع حمارٍ له فقال لمشوِّرٍ: أطِر حماري ولك عليّ جُعل.
فلما دخل به السوق قال له المَشوِّر: أهذا حمارك الذي كنت تصيد عليه الوحش؟ قال الرجل: (دون ذا ويَنفُق الحمار) أي لا تبالغ في ترويجك للحمار، وقل قولاً معقولاً مقبولاً، يباع به الحمار.
والواو في (وينفق) واو الحال.
الجُعل: ما يجعل على العمل من أجر أو رشوة. ومثله الجَعالة.
المشوِّر: اسم فاعل من قولهم: شوَّر الدابة أي اختبرها وجرّبها لينظر كيف مِشوارُها؟ أي سَيرُها.
ويسمى المكان الذي تُسَوَّر فيه الدواب وتعرض: الِمشوار. ومن هنا جاء قولهم: (إياك والخطب فإنها مشوار، كثير العثار)، ومنه جاءت كلمة (مِشوار) المعروفة اليوم.
* مضربه: يضرب عند المبالغة في المدح، إذا كان يقع الاكتفاء بدونه.
70 (فِصفِصةٌ حمارُها لا يقمُصُ):
* الفِصفِصة: وجمعها فصافص، واسم الجنس الجمعي: الفِصفِص، وفي لغة أهل الشام: الفِصة: هي نبات. عشبي، من الفصيلة القرنية، مُعمَّر، ويسمِّيه بعضهم البرسيم الحجازي، وهو بالفعل: البرسيم المعروف لدينا بالحجاز الآن.
يقمُص: ينفر* ويضربُ برجليه.
* مضربه: يضرب لمن يصنع المعروف في غير أهله.
71 (أهون من ذنَب الحمار على البيطار):
البيطار: معالج الدواب، ويسمى: بَطيراً أيضاً.
* يضرب في التهوين من الشأن، والحط من الأقدار.
72 (كذنَب الحمار):
* يضرب لعدم الزيادة والنقص.
73 (ليس للحمار الواقع كصاحبه):
* يضرب في بيان الأرأف يمدّ يد المعونة.
74 (أندُّ من حمار الوحش):
* يضرب في الاستعصاء عن التوادّ والمؤانسة.
75 (برئت من ربٍّ يركب الحمار):
* أصله أن أحدهم ادّعى الألوهية وكان يركب حماراً، فرآه أعرابيٌّ، فلم يعجبه ذلك فقال بفطرته: (برئت من ربٍّ يركب الحمار).
* مضربه: يضرب في التهوين من شأن المتعاظمين.
|
|
|
|
|