| عزيزتـي الجزيرة
هذه القصة ليست من نسج الخيال أو الأساطير القديمة وإنما من الواقع جسدت وفاء نادراً وعطاء وبذلاً كريماً في وقت طغت فيه الماديات وغلبت عليه المصالح والأنانية وفاء دفع إليه اخوة الإسلام والقربى قصة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى قصة شقيقين أحدهما وقع له حادث قبل 23 سنة تسبب بقدر الله عز وجل في اعاقة دائمة له ورغم وجود أبنائه الذين يقومون بشؤونه خير قيام ويرعونه في بر عظيم وصلة حميمة رائعة وكذلك خضوع عجيب رغم كل ذلك فإن اخاه لم يغفل يوماً ولم يترك اخاه رغم طول الزمن وتوالي الأشهر والسنين فقد كان يحرص على زيارة أخيه اسبوعياً ولثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة أي نهاية الاسبوع بعد انتهاء الدوام رغم بعد المسافة حيث يقطن أخوه في محافظة أخرى تبعد 80 كلم ومسؤولية أبنائه الذين يحتاجون للرعابة والمتابعة اضافة إلى شؤونه الخاصة والمناسبات الاجتماعية المختلفة التي لا يخلو منها مجتمعنا فقد كان يداوم على هذه الزيارة التي تستمر أياماً دون انقطاع يرى فيها أخاه ويقف إلى جانبه يخفف عنه الآلام ويملأ عليه الوقت بالأحاديث في الشؤون المختلفة استمر على ذلك كل تلك السنين دون أي تعب أو اجهاد أو توقف أو تردد حتى كبر به السن ولم يعد يستطيع السفر لوحده هذه المسافة الطويلة فغدا أبناؤه بعد أن كبروا يذهبون به يتعاقبون على ذلك في شعور بالفرح واحساس بالسعادة على هذا البر العجيب والصلة التي قلَّ مثيلها في هذا الزمن يوماً واحداً كاملاً واستمر على ذلك حتى اصابه المرض الخبيث مؤخراً والذي لم يستمر معه سوى عدة أشهر حتى فاجأه الأجل وتوفي رحمه الله وغفر له، بربكم كيف سيكون وقع هذه الوفاة على أخيه المريض المقعد لقد كان وقعها كبيراً وأثرها عظيماً جمَّله الله بالصبر وألهمه الثبات من عنده وخلف له بخير ورحمه الله رحمة واسعة هذا الأخ الوفي العجيب في وفائه القريب في صلته وبره والذي سعى فيه إلى تحقيق مرضاة الله عز وجل بصلة أخيه هذه القصة أنقلها للقراء الأعزاء تذكيراً بهذه الصفة العظيمة التي أصبحت نادرة في هذا العصر المادي.
منصور البراك
|
|
|
|
|