أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 18th May,2001 العدد:10459الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,صفر 1422

الاخيــرة

دوافع النوازع
الشهرة والنوال
د. محمد بن عبد الرحمن البشر
تتعدد أسباب الشهرة ومبرراتها، وتختلف عبر الأزمنة والأمكنة، لكنها تظل جسر عبور إلى نيل المنال أو سوء المآل. ففي الماضي كان الإقدام في ميادين الوغى مجالاً لنيل الشهرة والتفوق على مستوى القبيلة والقبائل المحاذية، وكان خلقاً سامياً نبيلاً ينشده الفرد منذ نعومة أظافره، فهكذا كان عنترة العبسي وعمرو بن كلثوم ودريد بن الصمة وغيرهم من أبطال العصر الجاهلي.
أما في العصر الاسلامي فكانت الغاية نشر الدين الحنيف والدفاع عنه، ومن أولئك الأفذاذ على بن أبي طالب، كرَّم الله وجهه، وخالد بن الوليد، وأبي عبيدة عامر بن الجراح.
والشعر كان أداة هامة وفعالة في الشهرة وبلوغ المرام وهكذا كان أصحاب المعلقات في العصر الجاهلي، وجرير والفرزدق وسواهم في العصر الأموي. وفي العصر العباسي وما بعده أضيفت أدوات جديدة للشهرة مع بقاء سابقتها فكانت العلوم الدينية، وعلم الكلام، وعلم النفس والطب وغيرها من العلوم. وفي مجال الشعر في ذلك العصر اشتهر في الشرق المتنبي بطموحه ونهمه وتفانيه في حب المال والجاه، فكان الغرور ديدنه، وبه كان مقتله، فهو القائل:


أنا الذي نظر الأعمى إلى قلمي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
أنامُ ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الناس جرَّاها ويختصمُ

وأحسن من قال فيه:


أي فضلٍ لشاعرٍ يطلب الفضل
من الناس بكرة وعشيّا
عاش حيناً يبيع في الكوفة الماء

وأحياناً يبيع ماء المحيّا
وفي الأندلس كان ابن زيدون طالباً للشهرة والمال والمجد، فأبدع في مدحه، وحنكته السياسية حتى بلغ شأوه عند أبي الحزم بن جهور، ثم ما لبث أن أودعه السجن مدة غير قصيرة، ومرة أخرى يخرج الى الشهرة على يد المعتمد، ولأنه كان يكذب في شعره وكان يستخدمه وسيلة لنيل شأوه، فقد قال في سجنه متوجهاً بشعره للوزير ابن عبدوس:


قل للوزير وقد قطعت بمدحه
زمني فكان السجن منه جوابي
لم تخط في حقي الصواب موفقاً

هذا جزاء الشاعر الكذاب
أما في زماننا الحاضر، فالشهرة التي جلبت المال والمجد تنوعت مشاربها ومذاهبها، فقد أصبحت الآن لدى مايكل جاكسون المطرب المشهور والتي من خلالها أثرى ثراءً عظيماً، وميشيل جونسون صاحب الرقم القياسي في سباق مائتي متر ومايكل جوردان لاعب السلة الذي بلغت قيمة احترافه مائة مليون دولار. وفي الجانب الاخر أهدى المضيء بل جيت للعالم برامجه الكمبيوترية، فنال شهرة وثروة بلغت 67 مليار دولار خلال بضع سنوات ليصبح أغنى رجل في العالم وهو في مقتبل العمر. وهكذا تعددت المشارب والمذاهب في عالم الشهرة.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved