|
| أفاق اسلامية
إن المتتبع للصحافة في الآونة الأخيرة يلحظ الكلام الكثير والحوار الواسع فيما يتعلق بقضية المرأة في مجالات عدة كقيادتها للسيارة وكشفها لوجهها ومشاركتها للرجل وغير ذلك وهذا الحوار والنقاش يتبناه فريقان أحدهما من يرى إبقاء المرأة على فطرتها وحفظا للمجتمع من الانحلال عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء( أخرجه مسلم.
وثانيهما من يرى أنه لا مانع من ذلك كله وهؤلاء في الحقيقة صنفان:
الصنف الأول: من يحكم النصوص ويعظم الحرمات وهو من أهل الدين والغيرة واجتهد فقاده اجتهاده الى تبني مثل هذا الرأي.
الصنف الثاني: من لا يحكم النصوص ولا يعظم الحرمات وعنده من التفلت والانحلال الشيء الكثير ففكره وعقله ليس بفكر وعقل مجتمعه المسلم ومع ذلك تجده يتحدث عن القضية ويستدل لها بشواهد وأدلة وأقاويل من السلف، وهذا الصنف إنما يتخذ مثل هذه المسائل والقضايا سلما لتحقيق غاياته ويجعلها مطية لما في هواه ونفسه فتجده يتحدث عن جواز كشف المرأة لوجهها ويستدل لذلك ومراده الوصول للتفلت والانحلال ويتحدث عن قيادة المرأة للسيارة ولديه هم التبرج الكامل.. ودواليك وهذا الصنف لا يفيده الحوار ولا النقاش لأنه صاحب هوى فيذكر بالله وبعظيم عقابه على الله أن يفتح على قلبه ولهم في ذلك أعاجيب ومغالطات كمثل من يجالس البغايا على الشواطئ فلما أنكر عليه قال: قد أجاز بعض العلماء كشف المرأة لوجهها!!
والعجب أنهم يتلونون في كل بيئة ومجتمع بما يناسب مستوى تمسك هذا المجتمع فإن كان محافظا أتوه من هذا الباب.. وهكذا.
فحديثنا ليس لهؤلاء وإنما حديثنا للصنف الأول أصحاب الدين والغيرة فأقول يا حفظكم الله ورعاكم إن وجوب ستر المرأة لوجهها والتزامها بالحجاب الكامل قد دلت عليه الأدلة الكثيرة من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وفي مثل هذا العصر لا يسع القول بغير هذا لما يلي:
1 ما سبق قوله من كثرة الأدلة على وجوب تغطية المرأة لوجهها وقد بينها العلماء.
2 أن العلماء الذين أجازوا للمرأة كشف الوجه قد شرطوا لذلك الأمن من الفتنة ونصوا على أنه إذا فسد الزمان وجب على المرأة تغطية الوجه)1( ولقد علمتم ما عليه حال المجتمعات الإسلامية إلا ما رحم الله من الفساد وانتشار المنكرات وشيوع التبرج والانحلال فكيف مع ذلك نقول: قد أمنت الفتنة فيجوز كشف المرأة للوجه!! فهذا مما يزيد الفساد انتشارا ويزيد الشباب ضياعا وانحرافا وهذه النقولات التي عن السلف في جواز كشف المرأة للوجه إنما كان في وقت كان المجتمع فيه في أعلى درجات المحافظة والصلاح وكانت العفة والحشمة لا غبار عليها فكيف ننزل هذا الكلام على واقعنا الذي لا يخفى على ذي عينين مافيه من التفلت والانحلال فلماذا ندس رؤوسنا في التراب ونغمض أعيننا عن هذا الفساد وسرعة انتشاره ثم نقول قد ذكر بعض العلماء جواز كشف المرأة لوجهها!!
3 إن من أعظم مقاصد الشريعة )جلب المصالح ودرء المفاسد( والحجاب الشرعي الكامل يحقق مقاصد عظيمة مع كونه يدرأ شرورا وبلايا عظيمة فسلوك الاحتياط في هذا الباب خير واتقى لله من الترخص والتجوز.
4 ومن مقاصد الشريعة كذلك )سد الذرائع( والقول بوجوب ستر المرأة لوجهها فيه سد لذرائع كثيرة:
أولا: سد لذريعة توسع من لا يخش الله فلا يتوقف عند هذا الحد بل يتبعه بالتكشف الكامل.
ثانيا: سد لذريعة استغلال أصحاب الصنف الثاني لمثل هذا في التوصل لمقاصدهم الرديئة.
ثالثا: سد لذريعة استغلال المفسدين والمنحرفين لذلك وإيذائهم للنساء المسلمات الطاهرات.
5 إن المجتمعات المسلمة التي انتشر فيها التبرج والانحلال كانت البوابة الأولى لذلك هي كشف المرأة لوجهها فلما بدأوا في ولوج هذا الباب تحطم الحجاب بالكلية فلماذا لا نذكر ونستفيد من أخطاء من سبقنا ولا نقع في مثل ما وقعوا فيه «فاعتبروا يا أولي الأبصار(.
6 إن مجتمعنا ولله الحمد مجتمع محافظ ومتمسك في الجملة والمرأة المسلمة متمسكة بحجابها الكامل ونحن بحمد الله نعيش بكل راحة وأمن وقد ضيقت مجالات الفتنة بسبب احتجاب المرأة المسلمة وبعدها عن الرجال فليت شعري ما الغرض من إثارة هذه المسائل وتكرار طرحها المرة بعد المرة والمجتمع ليس بحاجة لها فإن كان ولابد من طرح هذه المسائل فلتطرح في مجتمع لا يرى كشف الوجه حراماً أما أن نأتي الى مثل هذا المجتمع المحافظ الذي لا يشكو من شي ثم نعيد ونكرر طرح مثل هذه المسائل فهذا من العجب العجاب!
وختاما فإن هذا المجتمع المجتمع السعودي يعيش في جو محافظ ومحتشم ولا زالت نساؤه يحافظن على تعاليم دينهن ويغطين وجوههن، فاحمدوا الله ربكم على هذه النعمة واستديموها بشكرها تدم لكم ولا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا يلج به عليكم بمثل هذه الأمور فتكونوا ممن يخربون بيوتهم بأيديهم «فاعتبروا يا أولي الأبصار».
والله يحفظ المصلحين بحفظه،،
هوامش:
من ذهب من العلماء الى جواز كشف المرأة لوجهها اشترط لذلك الامن من الفتنة فاذا غلب على الظن وجود الفتنة وجب على المرأة تغطية وجهها وعليه ففي هذا الزمن ليس في كلام الائمة المتقدمين ما يدل جواز كشف المرأة لوجهها وهذا شرط متفق عليه بين الائمة الاربعة، راجع ان شئت )المذهب الحنفي( حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح )161(
مجمع الابهر شرح ملتقى الابحر )1/81( الدر المختار هامش حاشية ابن عابدين )3/188( البحر الرائق شرح كنز الدقائق )1/284( الهدية العلائية )244(
)المذهب المالكي( شرح الزرقاني على موطأ مالك )2/234( تفسير القرطبي )12/299( الشرح الصغير )1/289( جواهر الاكليل شرح مختصر خليل )1/186( الشرح الكبير هامش حاشية الدسوقي )2/54(
)المذهب الشافعي( فتح العلام بشرح مرشد الأنام )1/41( كفاية الاخبار في حل غاية الاختصار )1/181( نهاية المحتاج الى شرح المنهاج )3/333(
)المذهب الحنبلي( مغني ذوي الافهام عن الكتب الكثيرة في الاحكام )120( وفي وجوب الستر الكامل في المذهب يكفيك ما نقل عن الامام احمد زاد المسير )6/31(
وهذه النقولات انما هي في اقوال العلماء الذين اشترطوا الامن من الفتنة واما النقولات التي توجب على المرأة ستر الوجه مطلقا فكثيرة.
|
|
|
|
|
