| أفاق اسلامية
* الجزيرة خاص:
عدّ فضيلة الشيخ ابراهيم بن الأخضر القيم شيخ القراء بالمسجد النبوي الشريف منبر الجمعة أنه محصلة اسبوعية شرعية لتعديل مسار المجتمع، والتعرض للأخطاء الشائعة، ووضع العلاج الناجح للأدواء التي تظهر في المجتمع، مشيرا الى انه من هذا المنطلق كان الخطيب هو الطبيب الذي يحمل وصفة جميلة ومحددة لهذا الوافد الجديد على المجتمع، وهو كذلك الشخص الذي يشخص في دقائق أي علة تظهر في مسيرة المجتمع، ويضع لها الدواء المناسب دون ان يفوت هذه الدقائق التي يقضيها على المنبر في حشو الكلام الذي يضيع في تضاريس إلقائه وتعبيره حينما يكون على المنبر.
وأبان فضيلته أن وصف الدواء، وتشخيص الداء من الأمور التي انتهجها النبي صلى الله عليه وسلم حينما وضع اللبنة الأولى لأسلوب الخطابة، وقال: فإذا تتبعنا خطب النبي صلى الله عليه وسلم وجدناه يشخص كل ما يتطلبه لإصلاح مسيرة المجتمع ولبنائه، على ان الاصلاح يشتمل على جانبين مهمين: الجانب الأول هو وضع المجتمع في حالة استنفار لكل الحوادث التي تحدث قبل وقوعها والتحذير منها، وهو ما يسمى بالعلاج الوقائي في المصطلح، والثاني وضع العلاج المناسب للنازلة التي وقعت في دائرة هذا المجتمع.
ومضى الشيخ إبراهيم القيم يقول في السياق ذاته في حديث ل )الجزيرة(: ومن هنا كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الاختصار؛ لأننا نعلم بالاستقراء ان الطبيب حينما يكتب لك عشرة أنواع من الأدوية، فأنت تحس انه لم يعرف كيف يشخص المرض، ومن هنا حاول أن يغطي أكبر قدر من الوساوس التي وقعت في نفسه عن تشخيصه للمرض، ووصف لها أدوية بقدر الإمكان، لا يهمه إن كانت ستفيد أو ستتضارب مع البعض، أو سينسى بعضها، أو لا يشتري المريض منها إلا ما يعجبه.
وعن عزوف كثير من الدعاة وطلبة العلم عن المشاركة في وسائل الإعلام المتعددة لنشر الخير والفضيلة، واقتصار مناشطهم الدعوية على المسجد، أوضح الشيخ القيم أنه في المجتمع الاسلامي تتباين أحوال الناس واحوال طلبة العلم، وسرعة الرتم في الحياة وتحركها أصبح لا يعطي للإنسان فرصة أن يفكر، وهناك فئة من الناس دأبهم أن يتريث كثيرا، في تقبل الحوادث التي تطرأ على المجتمع، فلا يستطيع أن يفكر فيها، أو أن يبادرها بالتعامل المناسب لانصياعها لسنن الشريعة ومقاييسها، فيمضي وقتا طويلا إما أن يكون غير قادر على مجابهة الناس، وليست له القدرة على الحضور النفسي والاجتماعي في اماكن مختلفة، فيقتصر على جهد واحد وقد يكون مقصرا جدا؛ لأنه حتى هذا المكان الذي يأتي إليه وهو المسجد لكي يقدم نشاطه فيه قد لا يحظى في كثير من الاوقات بالمستمع الواعي المدرك للعلم الذي ينشره أو الثقافة التي يبذلها، ومن هنا كان هذا التقصير من الأمور التي حجبت انتشار العلم الشرعي، ونقله نقلا صحيحا أصبح البديل عنه هؤلاء الذين تقاعسوا ليس في مستوى المتقاعسين، ولكنهم ملئوا بالفراغ.
واستطرد فضيلته قائلا: حينما ننظر الى هذه القضية نرى أن الذين تقاعسوا واستبدلوا الجانب الثقافي والعلمي لكي ينشروا به الخير الى التركيز على جانب النقد اقتصروا على انهم يبذلون جهدا قويا وكبيرا في اساليب النقد، واضاعوا الفرصة بالنقد على الناس الذين حرموا من علمهم ومن ثقافتهم التي كان يفترض ان تصل الى الآخرين، فالذين تقاعسوا عن هذه المسيرة التي تتطور يوما بعد يوم، وتفتح لها ابواب كثيرة، مشيرا الى أنهم لو احتسبوا عند الله سبحانه وتعالى، واقدموا على هذه، وشغلوا فيها مساحة لكان فيها خير كثير لهم ولغيرهم؛ لأن الناس تحتاجهم، وتحتاج الى علمهم وصدقهم وأمانتهم وإخلاصهم في الدعوة؛ لكنهم اذا اقتصروا على المسجد، فقد يكون هذا المسجد يقع في حي لا يؤمه كثير من الناس بينما وسائل الإعلام المكتوبة والمقروءة والمصورة في كل الاماكن يطلع عليها الخاص والعام؛ بالاضافة الى ذلك هناك ثقة الناس بالمملكة العربية السعودية وبعلمائها اكثر من ثقتهم بعلمائهم في بلادهم، فأصبحت الحاجة الى هؤلاء اقوى وأقوى، وهم يسألون عن هذا في نظري، وان كان الظن بهم في نظري في قمة الإحسان لكنهم اذا حرموا الناس من علمهم وفضلهم، ولم يستغلوا هذه الفرص سيحاسبون.
واكد فضيلته في هذا الصدد أن ولاة الأمر في هذا البلد المعطاء وكل رجالات الدولة يقدمون كل ما من شأنه أن يدفع بهؤلاء الناس لكي يغتنموا الفرصة، ويبثوا مشاعرهم الطيبة تجاه النصح لأمة محمد، ويرتقوا بأفهام الناس وعقولهم وثقافتهم وإدراكهم العلمي.
وحول مناسبة إقامة مسابقة في السنة النبوية على غرار تلك المسابقات، قال فضيلته: كان لدى وزارة الشؤون الاسلامية توجه مثل هذا، وكانوا يريدون أن يقيموا مسابقة في السنة المطهرة، ولكن لا أدري عن الترتيب لها؛ لأنها ستكون عالمية فيما سمعت في السابق، ولابد أن يأخذ الترتيب لها وقتا للتفكير في إخراجها بصورة تتناسب مع هذا العمل المبارك.
|
|
|
|
|