| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
يتهم البعض الشعر العربي الفصيح بالضعف والركود في عصرنا الحاضر، وأنه غير قادر على التعبير عن هموم المجتمع وآلامه ومشاعره، وما يختلج في نفوس الناس، ويرون أن الشعر العامي هو لسان تلك المشاعر والهموم وترجمانها.
وذلك لأنه أكثر وصولاً للناس لسهولة ألفاظه وقرب معانيه.
ولكن هذا الاتهام مخالف للحقيقة وبعيد عنها كل البعد، فالشعر العربي مايزال قادراً على الوصول لمشاعر الناس والتعبير عنها، واستمالة قلوبهم إليه ونيل إعجابهم به، والدليل على ذلك مانراه من تهافت الجماهير وازدحامهم لحضور اللقاءات الشعرية والأمسيات الأدبية لعدد من الشعراء المبرزين في وقتنا الحاضر أمثال الدكتور غازي القصيبي، والدكتور عبدالرحمن العشماوي، والدكتور حبيب بن معلا المطيري، وغيرهم من الأسماء اللامعة التي استطاعت كسب اعجاب الجماهير العربية بمختلف أجناسها ولكن المشكلة التي يعاني منها هؤلاء الشعراء وأمثالهم أن الفرصة لم تتح لهم للوصول إلى الناس في كل مكان، والسبب في ذلك ضعف الاهتمام الإعلامي بالشعر العربي، فنادراً مانشاهد برنامجاً تلفازياً، أو نسمع مقطعاً إذاعياً يعنى بالشعر العربي ويقدم انتاج الشعراء المميزين سواء كانوا من الأسماء اللامعة، أو من الشباب الذين ينتظرون من يأخذ بأيديهم ويقدم إنتاجهم للناس ويتناوله بالتحليل والنقد.
ونشاهد رفوف المكتبات والمحلات التجارية وقد أثقلت بالمجلات التي تعنى بالشعر العامي، وقل أن نجد مجلة أو صحيفة خاصة بالشعر العربي.
وإنني هنا لا أبرئ ساحة الشعراء أنفسهم، والذين نجد بعضهم يعتزل الناس ولايعرض إنتاجه الشعري أمامهم ويبخل عليهم بذلك، ونجد بعضاً آخر منهم اتجه إلى الغموض في شعره والتعقيد في أسلوبه، وأكثر من الرمز حتى أعطى للناس صورة سيئة عن الشعر العربي وأنه غير مفهوم للعامة.
وأن أساتذة الأدب والنقد في الجامعات يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية، فهم بعيدون عن وسائل الإعلام، ولم يأخذوا على عواتقهم حمل رسالة شعر العربية الجميل حيث إنهم أقدر الناس على معرفة مواطن الإبداع في الشعر وإيصالها للناس ومعالجتها بالتحليل والنقد، وذلك على غرار ما فعل الأستاذ فاروق شوشة في البرنامج المميز لغتنا الجميلة والذي قدمه في الإذاعة المصرية فترة من الزمن ، واستطاع ربط الناس بإبداعات لغتهم وأسرارها الجمالية حتى كون قاعدة جماهيرية عريضة في الوطن العربي حيث كان الناس ينتظرون ذلك البرنامج بلهفة وشوق ليستمتعوا بما يقدم فيه، وليتابعوا مايعقد من محاورات ومناقشات حول أسرار اللغة العربية الجميلة، وإن أمثال «فاروق شوشة» في وطننا كثيرون فكلنا أمل أن نرى في الأيام القادمة من يقدم الشعر العربي الجميل لمحبيه ومتابعيه حتى لا تتسع الفجوة بين العرب وديوانهم.
والله من وراء القصد
خالد بن زيد القحطاني
حوطة بني تميم
|
|
|
|
|