| مقـالات
ما أسوأ أن يكون الصراخ لغة الحوار الدائرة داخل جدران البيت، يتحول في كل اللحظات التي تتمشى في قلوب أفراد الأسرة إلى صفعات لحظوية دائمة.. وثمة بلادة في الشعور تهيمن وتعلو فوق كل تلك المشاعر الأسرية الحميمة والرائقة.. وعندما يكون الأب أو الأم دائم الاشتعال بالصوت العالي يتكهرب جو المنزل.. وتولد الفوضى الشعورية في نفوس الابن المراهق خاصة يأخذ جانباً معادياً يدافع من خلاله عن حالة الهدوء والسكينة التي يحب أن يتلبسها ويأنس إليها كلما دلف من باب البيت مما يؤدي إلى نشوب التصادم بينه وبين من يتولى عملية الصراخ داخل المنزل والذي ربما من دون قصد منه يشعل حرائق صغيرة في جوانبه هذه الشعلات الصغيرة تكبر مع مرور الأيام ويصير من الصعب السيطرة عليها. أما البنت فتسكن إلى غرفتها وتغلق بابها عليها، ترحل مع أحلامها البعيدة، تغلق أذنيها عن صوت الصراخ العالي خارج غرفتها، تدير قلبها عن الشحنات العصبية المتوترة التي تنطلق دون هوادة.. تسرح مع أفكارها إلى البعيد وتشكل عالمها الخاص بها، تتآلف مع هذه اللحظات بكل ما فيها من إرباك، يزيد الضغط، تتوتر الأعصاب، تهرول المشاعر الحنونة خارجاً.
يحتاج كل من الأب والأم إلى ضبط الأعصاب، ومراجعة النفس، والتفكير في طرق تربوية صحيحة يعالجان فيها ما يريانه سلوكاً خاطئاً قد صدر عن أبنائهما، فالصوت العالي في البيت معول تهبط به فوق مشاعر الأبناء الدافئة والضامنة إلى الحنان دائماً.. ويولد لدى الابن الشعور بعدم الرضا وأنه ليس كما يحب والداه أن يكون عليه، لكن دون أن يفهم حقاً لم هو غير مرض لوالديه؟! .. فهو لا يصغي سوى لصراخ يشتعل من حنجرة حانقة.. تتلوى بالغضب.. وتهوي بسياطها فوق مشاعره الآمنة دون أن يكون هناك تفسير أو شرح أو لغة حوار متفهم!! المواجهة التي لا تخلو من الحكمة والتعقل والاتزان مع جرعات من الحنان هي أفضل السبل للوصول إلى لغة تفاهم مقروءة بين أفراد الأسرة الواحدة.
التعود على الحوار الهادئ والمثمر والمصارحة الجميلة عما يعتمل داخل النفس يصل دائماً بالأبناء إلى بر الأمان، وأن يتفهم الآباء أنه من الصعب عليهم أن يرغموا الأبناء على أن يفعلوا دائما ما يريدون منهم!.. فللأبناء أيضاً حرية الحياة داخل حدود القيم والمبادئ التي نستمدها من شريعتنا السمحاء لهم حرية أن يحتفظوا بخصوصياتهم وأن يعيشوا كما يريدون. داخل كل منا حياة خاصة لا يحب أحد أن يمد أحد ما مهما كانت قرابته إليه يده إليها ليرتبها بطريقته .. نحب أن نرتب أمورنا الخاصة بطريقتنا نحن، والأبناء أيضاً يريدون أن يحتفظوا بمساحة حرية خاصة يتنفسون عبرها اللغة الداخلية لأعماقهم والتي يرغبون في قراءتها بطريقتهم ويصيغون أسلوبها بالحروف التي يجيدون رسمها داخل حياتهم، على المقربين منهم أن يحبوهم دون أن يطالبوهم بقتل تفاصيلهم الصغيرة الحميمة ثمناً لهذا الحب.. عليهم أن يحبوهم بينما يهرول الأبناء باتجاههم بكل الثقة والود والمحبة التي يتعلمون مع مرور الأيام كيف يزرعونها داخلهم.
ص.ب 101741 الرياض 11665
Wialomair@yahoo.com
|
|
|
|
|