|
| مقـالات
الله أكبر كم في شهود صلاة الفجر من خير عظيم! وكم فيها من منافع لا تحصى! وكم هم الذين يفطنون لذلك ويغتنمونه! إنها اللحظات الأخيرة من الليل، واللحظات الأولى من النهار، زمن سريع التحول، لايمسك به إلا كل غنَّام حريص على الخير، متهيىء له، قد انتواه من أول ليله، وأعد لموعده عدته!
إنها معيار الفضل، ودليل الإيمان والقوة الروحية وبرهان على أن هذا الإنسان قد غلب هواه، وانتصر على شيطانه ، وقبض على زمام أمره!
ومن نام عن الفجر، وغفل عنها، وكرت عليه الاسحار وهو لايعرفها، فهو دليل على ضعف وفوضوية هذا الإنسان، وغلبت هواه عليه، وأن أمره فرطا، وأنه لايقبض على زمام نفسه ، ولايملك من تنظيم وقته شيئاً! الذين ذاقوا نعيم شهود قرآن الفجر عرفوا مافي هذا النعيم من سعادة وسرور وانشراح صدر وقربى من الله وصلة به وقوة لنفوسهم، وأبدانهم وعون لهم على مقارعة الحياة في سائر نهارهم! والذين ناموا عنها ماعرفوا من هذا النعيم شيئاً ومافطنوا له، فغاب عنهم السر، وظلوا في نومهم سادرين!
القيام لصلاة الفجر وشهودها مع جماعة المسلمين علامة فلاحك، ومعيار نجاحك، ودليل عندك أمام نفسك على انتصارك على أعداء كثيرين يُخذلونك ويثبطونك لتنام فتنسى! القيام لصلاة الفجر وشهودها، شهادة على الإيمان القوي بالله ودليل الصلاح، وبيان على قوة النفس، وتمام الشخصية، وملاك الإنسان لقيادة نفسه وخطمها إلى تزكيتها!
جاهد نفسك لحضور صلاة الفجر جماعة مع المسلمين، وأنصت لقرآن الفجر، فإن حلاوة آياته لاتنسى، وإن معانيها في هذه اللحظات أصغى إلى أذنك، وأقرب إلى قلبك، وأحرى أن تفهمها وتتأثر بها! جاهد نفسك على طرد النوم، وقل «لا إله إلا الله» وتوضأ، واسلك طريقك في الظلام، وستخرج بقبس من النور، وتظل سائر يومك مشعا بالسرور، مشرقا بالحبور حتى يقترب منك موعد النور مرة أخرى!
الوقت مؤشر على شريط الزمن!
صلاة العيد لا تستغرق سوى بضع دقائق فإن فاتتك فقد حرمت من غنيمة لاتؤاتيك إلا بعد عام!
وصلاة الفجر جماعة لا تأخذ من الزمن سوى دقائق معدودات إذا نمت عنها لايعود لك وقتها إلا بعد أربع وعشرين ساعة!
ومع هذا ترانا نفرط كثيراً وتفوتنا الفرص الثمينة والغنائم القيمة، فلا نكسبها بل نلهو عنها نوما أو انشغالاً بغيرها!
الناجحون في الحياة الذين كسبوا خير الدنيا والآخرة هم الذين عرفوا للوقت قيمته وقدره وأهميته، فتعاملوا معه على أنه شيء ثمين ومهم لايعوض فاقده ولا تسترد فرصته!
ولهذا ترى أولئك الناجحين الذين تحصلوا على حسنة الدنيا والآخرة هم الذين رافقوا الزمن ولم يتخلفوا عنه مقدار لحظة، استفادوا من أوعيته ومراكبه وكسبوا منه واكتسبوا خير الدنيا والآخرة، فلم يعرفوا في خواتيم عمرهم مشاعر الحسرة والندامة وتمني العودة، ذلك لأنهم بذلوا الجهد واستفرغوا الوسع وسألوا الله العون وحسن العاقبة!
ولانجد ل )لفظة( الزمن ذكر ولاتردد في كتاب الله، بل جاء لفظ )الوقت( ومشتقاته، ذلك لأن الزمن على إطلاقه ليس هو الهدف؟ بل إن الهدف هو )الوقت( الذي يعني مؤشراً محدداً من الزمن يقع فيه الهدف المقصود المطلوب استهدافه لإصابة الغرض وكسب الغنيمة!
الزمن يجري سريعاً، والفرص تدور مع )الوقت( والسعيد من عرف مواقيت الفرص فحفرها، ونال خيرها وأدرك ثوابها، والمحروم من غفل عنها وأضاعها غيرمدرك لقيمتها الوقتية المتلاشية سريعاً!
فإن أردت النجاح فاعرف قيمة الوقت، وسر عبوره، ومواقع إشاراته وعلامات إرشاده، ثم اركبه مصاحباً ومرافقاً، فإن الخير والنجاح بإذن الله وتوفيقه قبضة يمينك، وحوزة رصيدك، ودليل فلاحك وسعادتك!
الصباح الذي عشقته الطيور!
يبدو هذا الصباح جديداً بعد عودة، وأبيض بعد ظلام، وبارداً بعد حرارة، وهادئاً بعدصخب! فهل يمكن للإنسان أن يتجدد كل صباح بروح أنقى، ومشاعر أرقى، وروح محلقة مع الأمل الجديد، لحياة سعيدة ينشدها!
لاشك أن الصباح بإذن الله هو بعث جديد لحياة جديدة، من حق الإنسان أن يحس بالبعث فيه، ومن الواجب عليه أن يطرح ثوبه القديم ليلبس لصباحه المختلف ثوباً آخر، وأن يصحح كثيراً من أخطائه، ويصوب الخاطئ من أفكاره، ويتخلى عن كثير من عاداته، ويتطلع إلى استعادة زمام نفسه! ويتشوف إلى يوم متميز يكون فيه أكثر صدقا مع عقله وقلبه.
الصباح ولادة للأمل، ومبعث للتفاؤل ومشرق للعمل، لاتدري به إلا إذا استيقظت فيه، ولاتحس به إلا إذا شاهدت بياضه وشممت هواءه، وملأت أجواء روحك بصوت عصافيره ونقاء أساريره وصمت هدوئه.
النوم المبكر هو الذي يجعلك تتمتع بالصباح فتراه على حقيقته، وتتذوقه بطعمه الجميل، وتنال من نعمه الظاهرة والباطنة التي اكتنزها الخالق فيه هبة من هباته الكثيرة لمخلوقه الإنسان!
الذين لايعرفون الصباح هم الذين سهروا في الليل فضيعوا الصباح، عشقوا السواد فتنكر لهم البياض! ومرت عليهم الاصباحات الجميلة وهم في نوم طويل لايحسون بالصباح المضيء الذي بدد الظلام وأشاع البياض،
لقد تركوه للعصافير السعيدة التي أنشدت فيه بلغاتها المتنوعة: )أنشودة الصباح الجميل( وكأنها أكثر من الإنسان إدراكا للصباح وأشد إحساساً به وأكثر تمتعاً بجماله ذلك لأنها أحاطت بأسراره علماً فجاءت منها بالنبأ اليقين!
* الأخ العزيز الأستاذ عمر الربيعان وصلت رسالتك المؤرخة في 10/2/1422ه، شكرا لتواصلك، بعثت لك يوم 20/2 ردها وبرفقها كتابي )طين يحن إلى طين( الذي صدر مؤخراً، وفقك الله
بريدة ص.ب 10278
ASBT2HOTMIL.COM.
|
|
|
|
|
