| الاخيــرة
الوطنية لا تتمثل في حالة وجدانية تنشأ عند نشيد وطني أو قصيدة تنظم في حب الوطن أو مقالة تكتب في صحيفة أو مجلة أو كتاب يجمع هذا كله إذا لم يترجم بأعمال وتصرفات تنم عن إحساس بالانتماء إلى أرض هذا الوطن فالموظف الذي يتعالى على المواطنين المراجعين ويتعامل بنرجسية الأمر ولا يراعي في ذلك صغيراً أو هرماً أثقل كاهله زحف السنين، ويضطر المراجع للجوء إلى البحث عن معين يتوسط لدى هذا الموظف الذي يجد في ذلك لذة تعوض النقص الذي يشعر به أو من يطلب رشوة لإنجاز عمل هو من صميم مسؤوليته التي يتقاضى مرتبه الشهري مقابل القيام بها، إن من كان هذا حاله فإنه في حاجة ماسة إلى دروس عملية في المواطنة.
وكذلك حال التاجر الذي يقوم بتقديم الرشوة للحصول على حق مكتسب لغيره، أو التاجر الذي يجعل المال نصب عينيه غايته الوصول إليه بأي وسيلة كانت فالغاية لديه تبرر الوسيلة بصرف النظر عن الحلال أو الحرام، وينضم إلى قافلتهم المواطن الذي يحسب أن الشارع ملك خاص له يلقي فيه النفايات، ويرى أن مسؤولية النظافة تقع على البلدية، والجيران، والشاب الذي يسير عابثاً مستهتراً بمركبته في الطريق وكأنه قد اشتراه مع المركبة فهو يقف متى شاء ويسير بسرعة متهورة معرضاً أرواح الآخرين للخطر أو الشخص الذي يتعامل مع أي معلومات قد تفيد الجهات الأمنية بسلبية خشية العناء.
إننا حين نستعرض بعض النماذج الشاذة في مجتمعنا نؤكد أنها محدودة ولا ترقى إلى حدود الظاهرة بل إنها حالات فردية أفرزتها عملية التغير الاجتماعي، إلاّ أننا نؤكد أيضاً أن سر المواطنة الحقة لا يكشفه إلاّ العمل المخلص الجاد النزيه الهادف إلى رقي المجتمع والمحافظة على أمنه وسلامته، وإظهاره بالمظهر اللائق في الداخل والخارج.
|
|
|
|
|