| مقـالات
** كم الانسان سعيد وهو يرى أن السعودة وتوظيف السعوديين لم يعد عبئا على بعض الشركات والمؤسسات بل مجال اعتزاز من ناحية، ومنطلق قناعة بهؤلاء الشباب وكفاءتهم، ومن ناحية أخرى أضحى مناط تقدير من قبل مسؤولي هذه الشركات..! وهذا «الاحساس» أحسبه جديداً ..!
وإذا كان البعض أو الكثير من رجال الأعمال مع الأسف لا يزالون يعتقدون ان توظيف السعوديين يشكل عبئا عليهم وعلى شركاتهم فلأنهم مع الأسف مرة أخرى لم يستطيعوا ان يهيئوا الجو المناسب لتوظيف ونجاح هذه الكفاءات لعدم القناعة بها أحيانا، أو على الأقل البخل على وطنهم وأبنائهم ببعض ما أفاء الله به عليهم من أرباح كبيرة كرواتب للشباب السعودي قد تزيد فعلا على رواتب الفئات الوافدة ولكنها هى الأبقى، وآونة أخرى يجيء تعليل عدم توظيفهم لتنطع بعض رجال الأعمال من كون الشباب السعودي غير جاد وغير عملي وهذا قد يكون صحيحا بعض الشيء قبل عشر سنوات ولكن هذا المنطق غير صحيح الآن لدى أغلب الشباب، فها نحن نرى هذه الكفاءات نجحت في البنوك والمستشفيات التخصصية وفي شركات سابك وغيرها رغم دقة العمل، وطول الوقت، وحساسية المهام الموكلة اليهم..!
***
ومالي أتحدث بشكل نظري فأمامي الآن تجربتان ناجحتان في توظيف الشباب السعودي وهما لشركتين ليس لهما علاقة بالبنوك او سابك او المستشفيات.. ونجاح هذه الكفاءات لم يأت شهادة مني ككاتب قد توجهه الغيرة، ولم تأت من هذه الكفاءات السعودية بل جاءت على لسان مديري شركتين سعوديتين: الأولى «شركة الاليكترونيات المتقدمة بالرياض» وهي شركة، أعمالها وصناعاتها دقيقة جدا، وقد قال مديرها العام م. عبد العزيز الصقير في حوار صحفي ناقلا تجربة شركته الناجحة في توظيف الشباب السعودي، ونجاح هؤلاء الشباب في الشركة، ودعوني أنقل لكم ما قاله في حوار نشرته صحيفة الرياض حيث قال: «انه تم سعودة 62% خلال الخمس سنوات الماضية وقد كان عد السعوديين عام 90 «25» وأصبح الآن عددهم «440» وعدد الأجانب 200 فقط وفي خلال أقل من ست سنوات.. وقال لقد أثبت الشاب السعودي انه لا يقل انتاجية عن العمالة الوافدة اذا هيئت له ظروف الانتاج، وتم تنمية الشعور لديه بالحماس والانتماء للشركة التي يعمل فيها»، لاحظوا يا بعض رجال الأعمال ان الذي يقول هذا الكلام ليس مواطنا يرغب في العمل او كاتبا يأخذه الحماس والتشجيع.. وإنما يقوله مدير شركة خاصة.. ولقد سئل عن تجربة شركته في توظيف الشباب السعودي فقال عن هذه التجربة : فكرنا في البداية في مدى قدرة وكفاءة الشباب السعودي وهل هو أقل كفاءة وتأهيلا من العمالة الأجنبية، ومن خلال التقصي الدقيق وجدنا ان الشباب السعودي لا يقل كفاءة علمية فنحن لدينا جامعات وكليات لا تقل مستوى عن الجامعات والكليات التي في الدول الأخرى اضافة الى ان لدينا شبابا يتميز بالحيوية والنشاط والأهم من ذلك الانتماء، لذا بدأنا في تنفيذ مخطط توظيف السعوديين بالشركة.. في بداية التجربة كان هناك مخاوف جديدة وهي ان العمالة الأجنبية التي تعمل لدينا قد لا تعلِّم هؤلاء الشباب ولا تدربهم خوفا من أن يأخذ الشاب السعودي مكانهم لذا أعدنا تعريف «السعودة» وتوصلنا الى أن السعودة تأتي ب«النمو» وليس بالاحلال بمعنى اننا نوظف السعوديين من خلال الدقة في الاختيار والتدريب الجيد والثقة والصلاحية واشعاره بأن مستقبل الشركة يعتمد على عمله من خلال جده واجتهاده».
** وعندما سئل عن ما يردده أصحاب العمل بالقطاع الخاص بأن توظيف الشباب السعودي يفقدهم جزءا من أرباحهم من خلال زيادة تكلفة التشغيل.. اجاب: ويا روعة ويا جمال اجابته إنها بروعة هذا الوطن وأبنائه.
لقد كان السؤال: هل سعودة شركة الالكترونيات قللت من أرباحها.؟ فأجاب بإجابة كان الوطن هو المتحدث فيها، وليس بهرج المال او الركض وراء الربح فقط: «لا شك في ذلك، فالوظائف التي يشغلها الشباب لدينا يمكن شغلها بعمالة أجنبية بأقل تكلفة وبنفس الانتاج، ولن تركيزنا على «السعودة» هو ناحية وطنية، والسعودي بالنسبة لنا هو مجد أكثر من خلال الاستفادة من حماسه ووطنيته بالعمل على عكس العمالة الأجنبية، والسعودي لدينا انتاجيته اكثر من الأجنبي وذلك لشعوره بأن هذه الشركة هي شركته ويعمل من أجل التحدي وإثبات الوجود فهو ينتج ما ينتجه الأجنبي وأكثر خلال اليوم الواحد لدرجة ان ما ينتجه الأجنبي في ثلاث ساعات ينتجه السعودي في ساعتين وهذا نابع من الحماس واحساسه بالمسؤولية تجاه الشركة التي ينتمي اليها، وهذا الكلام لم يأت من فراغ ولكن من خلال واقع ملموس نتعايش معه يوميا فلم نبذل جهدا في تعليم الشباب السعودي معنى الانتماء».
ان هذا الكلام الواقعي الجميل لا يحتاج الى تعليق او اطراء مني، انه فوق كل تعليق وكل كلام.
***
** وقد ختم حواره الجميل هذا بدعوة الجهات الحكومية لتشجيع الشركات على توظيف القطاع الخاص ليس بالدعم المادي، ولكن بطلب منطقي وحوافز مشروعة حيث قال: «هناك حوافز تقدمها الدولة للقطاع الخاص من خلال مشتريات الدولة وتطبيقها في بعض الحالات يصعب من خلال تميز او تفاوت او تباين بعض المواصفات يعطي بعض الجهات المرونة في اختيار منتج أجنبي في ظل وجود المنتج المحلي، وتقديم الحوافز للقطاع الخاص أمر هام من أجل زيادة توظيف السعوديين في هذا القطاع الكبير لذلك أعتقد ان زيادة التحفيز أمر هام، اضافة الى ان بعض المسؤولين عن مشتريات الدولة لا يدركون أهمية دعم المنشآت السعودية من خلال تلك المشتريات، فكثير منهم يقول يهمني السعر فقط فالمنتج الأجنبي قد يتغلب في جانب السعر لأهداف معروفة وهي كسب حصة في السوق بعكس المنتج المحلي الذي يطالب بالسعودة وكسب مكانه في السوق لذا أتمنى التركيز على متخذي القرار في الدوائز الحكومية إدراك ذلك» أ. ه. إن تجربة هذه الشركة «شركة الالكترونيات الحديثة» تجربة رائدة ورائعة في توظيف الشباب السعودي، وهي تستحق كل تقدير وشكر من المعنيين والمهتمين بتوظيف الشباب السعودي، وفي مقدمتهم سمو الأمير نايف بن عبد العزيز الذي جعل من «توظيف الشباب السعودي» هاجسا له، وجعل من توظيف السعوديين «استراتيجية مستمرة» كما قال في احد تصريحاته وإنني أدعو ان يستفاد من تجربة هذه الشركة حيث نجحت في توظيف الشباب السعودي وفي وقت قياسي، وإن المسؤول عنها لم يقدم مجرد تنظيرات كما نقرأ من بعض أصحاب الشركات والمؤسسات بل تحدث عن واقع مبهج نجحت فيه شركته ثم نقل هذه التجربة بعد نجاحها الى الآخرين.
***
** أما الشركة الثانية فهي «شركة تكساكو العربية السعودية» صاحبة الامتياز لاستخراج وتكرير البترول بالمنطقة المحايدة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، والتي احتفلت بمرور «60» عاما على العمل بهذه المنطقة، وقد أجرت مجلة اليمامة لقاء مع رئيس اللجنة التنفيذية لهذه الشركة أ. سليمان الحربش ، وقد طرح عليه المحرر سؤالا قال فيه:
* هل لنا ان نتعرف على حجم العمالة والموارد البشرية المكونة للشركة؟ وعن نسبة السعوديين فيها؟.
فأجاب: «تقدر أعداد العاملين في شركة تكساكو ب 600 موظف بما فيهم العاملون في الادارة العليا وتبلغ نسبة السعودة فيهم نحو 90% وأعتقد انها نسبة كبيرة ومرضية».
ترى ...!
بعد رفع نسبة منسوبي هذه الشركة الى 90% من الأيدي السعودية، ألا يتوقف بعض رجال الأعمال عن تقديم الأعذار وتثبيط همم الشباب والعمل على الاسهام في توظيف أبناء الوطن الذي أعطاهم وملأ خزائنهم.. قد يقول قائل: ان عمر مثل هذه الشركة 60 عاما ولهذا ليس غريبا ان تبلغ نسبة السعوديين هذه النسبة، وأقول هذا صحيح لكن انظر الى مئات ا لشركات والمؤسسات الخاصة التي يفوق عمرها عمر هذه الشركة او يقاربه، ومع هذا فنسبة السعوديين لديهم لم تزد الا قليلا او هي تراوح مكانها، وأحيانا تنقص بكل أسف لأن أصحاب هذه المؤسسات لم يجعلوا «السعودة» هماً وطنياً.. ولم يشعروا ان عليهم ان يردوا بعض فضل هذا الوطن. أجل ان 90 بالمائة من موظفي هذه الشركة سعوديون على دقة عملها وفنية أعمالها فماذا يقول أصحاب شركات التجارة والتسويق والمكاتب بعد هذا؟ وهل لهم عذر في عدم توظيف أبناء الوطن الذين هم أبناؤهم واخوانهم؟ ثم سأل المحرر أ. الحربش عن زيادة هذه النسبة التي لو توقفت عندها الشركة لاستحقت الشكر والامتنان من هذا الوطن.. ولكن مع كل هذه النسبة وهذه الأعداد فالشركة لم يتوقف طموحها عند ذلك إذ كما قال مديرها التنفيذي بعد انشاء معهد للتدريب من أجل أن تكون نسبة السعودة لديها 100% بعدها طرح المحرر هذا السؤال:
* هل هناك نية لزيادة هذه النسبة في المستقبل لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الموارد البشرية السعودية؟.
وكان الجواب: «إن من الأهمية أن أذكر بأن السياسة البترولية للمملكة العربية السعودية تستمد أسسها من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز المفدى وولي عهده الأمين والتي تؤكد الأهمية البالغة لتنمية وتطوير الموارد البشرية وخاصة إحلال السعوديين في المراكز القيادية للصناعة على نحو يمكنهم من فهم واستيعاب التقنية المتقدمة وتطبيقها والتعامل معها في صناعة البترول وهو أحد الأهداف الرئيسية لخط التنمية السادسة ونحن على يقين من أن شركة تكساكو العربية السعودية على علم بهذا لذلك دشن خلال الاحتفال بالمناسبتين مركز التدريب والذي سيستقبل خريجي الثانوية العامة بسعة «150» طالبا كما تقوم الشركة باستقطاب الكفاءات الوطنية المميزة نحو أكبر قدر ممكن من السعودة، خاصة ان الكادر الوطني السعودي أبدى استعداداً ممتازاً للتعامل والتفاعل مع التقانة الحديثة».
***
** وبعد ...!
كما قلت إن هذه المعلومات الصادقة والجميلة فوق كل تعليق..! وتحية باسم الوطن لهذه الشركات والمسؤولين فيها ليس لوجود الحس الوطني لديهم فقط بل لنجاحهم في ترجمة هذا الحس الى عطاء وسعودة وتوظيف لأبناء هذا الوطن.!
***
وستكون أيهذا الوطن كما قال شاعرك «في كل حفنة رمل ساعد ويد».! وكم نسعد عندما نرى جباه أبنائك السمراء في كل مصنع. وكم يفيض الفرح في بيادر نفوسنا عندما نرى «الياقات» السعودية الزرقاء بين دخان المعامل، وممرات الشركات، وأروقة المنشآت ..!
****
** حوار الأمير نايف وحديث الصدق والمسؤولية
حديث وحوار سمو الأمير العزيز نايف بن عبد العزيز مع الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة الامريكية.. كان حواراً موفقاً ومؤثراً بصدقه، وبالمعلومات التي تضمنتها كلماته وانني أستشرف أن يتخذ الطلاب السعوديون في الداخل والخارج من حديث سموه منهجا لهم في دراستهم وحياتهم.. فقد أعطاهم سموه في هذا الحديث خلاصة تجربته، وسديد آرائه وصادق عاطفته.. وهو من هو حفظه الله حكمة ورأياً وتجربة. وقد كانت إجابات سموه على أسئلة الطلاب سديدة وبخاصة عندما تحدث عن موضوعين مهمين جدا ألا وهما: «حقوق المرأة» و«موضوع السعودة». لقد كان حديثه ضافياً وممتعاً. وكان رده قويا وحكيما وكم كان موفقا عندما أجاب على سؤال يتعلق على من يعترضون على نهج المملكة في موضوع «حقوق المرأة» فقد أوضح سموه: انه إذا كان الآخرون سوف يناقشون في موضوع تطبيق تعاليم الإسلام للمرأة فهذا النقاش غير مقبول.. أما إن كان الحوار حول التطبيق فهذا النقاش فيه وارد فنحن لسنا معصومين.. أما موضوع «السعودة» فالأمير نايف عندما يتحدث عن هذا الموضوع فالمستمع اليه عند حديثه عن هذا الموضوع يحس كأن سموه يتحدث عن جزء من داخل ذاته حتى تظن ان هذا هو «الهم الوحيد» لسموه، فهو يحمل همه مواطناً ومسؤولاً.. وإننا لواثقون إن شاء الله من نجاح أهداف هذا «ملف السعودة» الذي يحمله سموه هدفاً وبذلاً وجهداً بتوجيه ودعم القيادة الرشيدة.. وما أجمل رد سموه عندما أجاب في هذا الحوار حول موضوع السعودة عندما أشار بحكمة «الى ان السعودة ليست ضد الوافد لكن من البديهي ان يكون ابن الوطن هو الأولى بالعمل .. ونقولها بوضوح المواطن أحق بالعمل في بلاده أما الاستعانة بالآخرين في بعض المجالات فلا تتعارض مع الأولوية في العمل لأبناء الوطن.
حفظ الله هذا الوطن الغالي كياناً ورجالاً وإنساناً.
|
|
|
|
|