| مقـالات
كان حديثي في الأسبوع الماضي عن كتاب فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وجهوده في القضايا العربية والإسلامية «1324 1395ه / 1906 1975م» لمؤلفه د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحصين، والصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، حيث استعرضت محتويات الكتاب بشكل عام وأشرت إلى بعض المعلومات التي وردت في التمهيد.
وفي هذه الحلقة أبين ما احتوته بعض فصول هذا الكتاب، فالفصل الأول الذي جاء بعنوان «جهوده العسكرية والسياسية قبل توليه الحكم» تحدث فيه المؤلف عن جهود الفيصل العسكرية المتمثلة في حملته على عسير والحجاز ودوره في حرب اليمن، وفيها تتبع لجهود الفيصل في هذه المهام التي تعد غير سهلة خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار ظروف هذه المناطق في تلك الفترة وموقف حكامها من الملك عبدالعزيز، وايضا سن الفيصل ومقدار تجربته في هذا الميدان، فهو مثلا في حملته على عسير لم يتجاوز العشرين من عمره، غير أنه أظهر براعة حربية شهد لها من كان معه من قادة عسكريين، وكذلك النتيجة النهائية التي تحصلت من مهمته وهي اخضاع عسير، ولعل من المفيد أن نشير الى مثال من امثلة عديدة لبراعة الفيصل الحربية أبرزتها هذه الحملة وهو نجاحه في اقتحام حصن حرملة المنيع الذي صمد سابقاً أمام محاولات العثمانيين، وعلى الرغم من تحذيرات بعض القادة في جيش فيصل من سلك هذه المخاطرة غير المأمونة الجانب إلاّ أنه أصر على رأيه، وهو إصرار مكَّنه من تحقيق هدفه، وفي ذلك يعلِّق المؤلف على هذا الحدث قائلاً: «في رأيي أن زحف الأمير فيصل إلى حصن حرملة هو في الحقيقة مغامرة، ولكن هذه المغامرة تعيدنا إلى مغامرة استرداد الرياض، فالإمام عبدالعزيز كان في مقتبل عمره، وهذا ابنه فيصل يقوم بمغامرة في حصن حرملة، وكأنه بذلك يعيد تلك الشجاعة التي مارسها والده عند استرداد مدينة الرياض».
كما أن إسهامه في توحيد الحجاز يعد من ضمن ما أراد الملك عبدالعزيز أن يلقنه إياه من تجارب عسكرية وسياسية من مثل إبلاغ الدول العربية والاسلامية موقف الملك عبدالعزيز من تقدمه في الحجاز، والمشاركة في حصار جدة حتى استسلامها.
أما مشاركة الفيصل في أحداث اليمن فكانت في عام 1352ه/ 1934م عندما تولى قيادة جزء من الجيش المتوجه إلى اليمن، ونجح هذا الجيش في دخول ميدي والحديدة وإخضاع بعض القبائل المتمردة في جنوب الحديدة، ورغم الانتصار فان الملك عبدالعزيز الذي عُرف بحكمته طلب من ابنه الانسحاب من اليمن، وانسحب الاخير على مضض،
ويورد المؤلف موقف الفيصل الذي قال: «قال لي والدي: اذهب حتى يهدأ روعك وفكِّر في الأمر أياماً وعد إلي. وعدت إليه متمسكاً بموقفي السابق، فقال لي: ليست اليمن أرض الغزوات السهلة ولقد مكننا الله من الانتصار بشكل يحفظ كرامتنا التي استفزت وليس لنا أن نضم البلاد اليمنية الآن ليس من الحكمة أن نستنفد طاقاتنا في حرب قد تستمر عشرات الأعوام، ولو كان غزو اليمن محمود العاقبة مأمون النتائج لكانت بريطانيا العظمى التي هي أقوى منا قد انساقت وراء مطامعها ومصالحها وحاولت غزو اليمن ويكفيك أنها لم تفعل».
وتمثل الدور السياسي للفيصل في هذه الفترة تمثيله لحكومة بلاده في مفاوضات معاهدة جدة التي وقعت مع بريطانيا في عام 1345ه/ 1927م، ويعتبر هذا أول عمل سياسي باشره الفيصل بعد توليه نيابة الملك في الحجاز، وفقاً لرأي المؤلف.
كما ناب الفيصل عن والده في عقد مجموعة من المعاهدات مع دول مختلفة منها معاهدة مع العراق عام 1349ه/1931م، كما شارك في مؤتمر لندن عام 1370ه/1951م.
واختص الفصل الثاني من الكتاب في توضيح جهوده في إدارة دفة الدولة، حيث ركَّز المؤلف على مناصب الفيصل قبل توليه الحكم والتي بدأت في عام 1344ه/1926م بتوليه الحجاز والتي قام بها على أكمل وجه، وفي ذلك يقول المؤلف:«لقد استطاع الفيصل أثناء عمله في النيابة العامة أن يقوم بأعباء الحكم خير قيام، ومضى في ترسيخ دعائم السلطة السعودية في الحجاز، عاملاً على رفع شأن المنطقة إدارياً وتنظيمياً وتعليمياً وصحياً، بل إن الفيصل أيقظ في العامة روح الجرأة الأدبية، ومعرفة حقوقهم على الخاصة، في حكم عادل وتنظيم سليم لكيلا تكون هناك مشكلات عالقة بين أفراد الشعب، وقد أصدر في هذا الصدد بلاغاًً رسمياً جاء فيه: «ليكن معلوماً لدى الجمهور أن من له قضية في إحدى الدوائر عليه أن يطلب إنهاء قضيته من قبل المأمور المختص، فإن لم ينه عمله حسب النظام أو تهاون في إنجازه فعلى المشتكي أن يرفع الأمر إلى رئيس ذلك المأمور فإن لم ينصفه هذا راجع النائب العام ثم جلالة الملك».
وسوف أكمل الحديث عن هذا الكتاب في الحلقة الثالثة والأخيرة إن شاء الله.
|
|
|
|
|