| محليــات
تلقيت رسالة هاتفية عاجلة بتاريخ 18/2/1422ه من الأخ العزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز «لحضور ندوة الأرشيف العثماني التي ستعقد على هامش اجتماع أعضاء الفرع الاقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف» التي تستضيفها الدارة مرفقا بهذه الدعوة برنامج ندوة الأرشيف العثماني الذي سيكون من خمس جلسات علمية يرأس أعمالها عدد من الاخوة العرب وتركي واحد وليس بينهم ولا سعودي واحد، أما المشاركون بأبحاث في هذه الندوة التخصصية فلم يشارك من السعودية سوى اثنين،
الأول ليس لورقته أو بحثه صلة بموضوع الندوة لا من قريب ولا من بعيد وذلك من خلال قراءتي لعنوانها إضافة الى كونه بعيدا كل البعد عن عالم الوثائق العثمانية لا من الناحية التخصصية الأكاديمية ولا حتى من حيث الاهتمام وأحس أنه أقحم في هذا الموضوع إقحاما، وإنما وضع فقط لسد ثغرة كان بالإمكان أن تسد بواسطة متخصص أو صاحب خبرة في التعامل مع الوثائق العثمانية،
أما المشارك الثاني فيوحي لي عنوان مشاركته بأنها تصلح لتكون عنواناً في ندوة تعالج نظرية النقد الثقافي وليس في هذه الندوة المتخصصة في مجال الوثائق العثمانية والبحث عن وسائل وطرق الاستفادة منها إلى أقصى حد لإثراء المعرفة التاريخية التي ما زال نصيب كبير منها مفقوداً طالما ظللنا بعيدا عن كشف أسرار وسبر أغوار دهاليز وأظابير الأرشيف العثماني، بمعنى آخر ما هكذا يجب أن تكون مشاركتنا في هذه الندوة المتخصصة والتي نستضيفها في بلادنا،
أما تجربة الدارة في تصوير الوثائق العثمانية وجمعها فقد أنابت الدارة في الحديث عنها في هذا المجال أحد الاخوة المتعاقدين المتعاونين وليس المتخصصين وهو حديث عهد بهذا المجال مع احترامي وتقديري للجميع، وتجربة الدارة مع الوثائق العثمانية تعود الى السنة الثانية من تأسيس الدارة عام 1393ه، وكان لي شرف أن أكون أول سعودي يشارك في هذا المجال ولم تنفك صلتي وعلاقتي بالأرشيف العثماني ووثائقه منذ ذلك الزمان الموغل في القدم والى هذا اليوم،
استغرابي من هذه الدعوة العاجلة وفي آخر لحظة من سعادة الأخ الدكتور فهد هو أني أعلم بأنه يعلم بأن هذا الموضوع في صميم اختصاصي ولا أدعى له إلا في آخر لحظة، وكمدعو عادي وليس متخصصاً، أنا لا أعترض على من يشارك ومن لا يشارك أو أن أدعى أو لا أدعى فالدارة كما هو معروف تدعو للمشاركة من تريد حتى وإن كانوا من غير أصحاب الاختصاص ربما لاعتبارات هي أدرى بها، ولكن طالما نحن لا ندري طبيعة تلك الاعتبارات فنمنح لأنفسنا حق إبداء وجهات النظر، وهي وجهات نظر لا نريد بها ولا منها إلا ما يخدم المصلحة العامة لهذا الوطن،
إن هذه الندوة التخصصية عن الوثائق العثمانية والأرشيف العثماني التي تعقد على هامش اجتماع الفرع الاقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف، فرصة يجتمع فيها المدراء والمسؤولون عن دور الوثائق العربية بمشاركة بعض المتخصصين الأتراك وعلى رأسهم مدير عام أرشيف الجمهورية التركية الدكتور يوسف سارين أي تعد خطوة متقدمة لفتح حوار بين المسؤولين والمتخصصين العرب والأتراك في مجال مهم هو أقوى عامل مشترك ظل وسيظل يربط العرب بالأتراك والأتراك بالعرب هو ذلك التاريخ المشترك الذي ربط بين الأمتين حوالي أربعمائة سنة ووثائق أرشيف رئاسة الوزراء بإستانبول التي تعد بعشرات الملايين حيث يعد أكبر أرشيف مركزي في العالم يجمع وثائق كافة البلدان التي كانت تتشكل منها الإمبراطورية العثمانية ولا يمكن لأي بلد من تلك البلدان أن يكتب تاريخه كاملا ودقيقا دون الرجوع الى وثائق ذلك الأرشيف،
وكنت أقول للاخوة الأتراك من العاملين والمسؤولين في هذا الأرشيف حينما كانوا يضعون العراقيل البيروقراطية في سبيل الباحثين العرب:
«لاتنسوا أن الشيء الوحيد الذي ما زلنا وإياكم شركاء فيه هو محتويات هذا الأرشيف ففيه يقع تاريخ أبي وجدي كما هو تاريخ أبوك وجدك لأنهم كانوا رعية واحدة لدولة واحدة صنعوا سويا تاريخ الدولة العثمانية مع الاختلاف من حيث البعد أو القرب أو المواقف والمواقف المضادة فكلنا كنا أمة واحدة»،
كنت وما زلت أقدر الجهود التي تبذلها الحكومة التركية من أجل الحفاظ على هذا الكم الهائل من الوثائق وفهرستها وجلب المعدات والوسائل لحفظها وتدريب الكادر الوظيفي الضخم لعمل الأرشفة والفهرسة والحفظ والصيانة وتقديم الخدمة للباحثين وإيجاد المكان وتوفير المناخ الأكاديمي والنفسي للباحثين،
وإذا كانت البلاد العربية تقوم بالمساهمة في ميزانيات اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية فإن المساهمة العربية مع الحكومة التركية في الحفاظ علي محتويات أرشيف رئاسة الوزراء في إستانبول يعد من الضرورات لأن في ذلك مساهمة في حفظ وسلامة وثائقنا الوطنية في ذلك الأرشيف ويجر منفعة على كل باحث عربي من خلال وضع برنامج عربي تركي مشترك للتعاون في هذا المجال ولعل في ندوة الرياض ما يمهد الطريق لخلق مثل هذا التعاون الذي نحن أحوج ما نكون إليه،
* جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|