|
| مقـالات
لا يخفى على أحد ما للأوقاف، والمساجد في الاسلام، من مكانة رفيعة، ومنزلة سامية، فالأوقاف هي من أعظم وجوه الصدقة الجارية التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم-:«إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
وأما المساجد فقد أمر الدين الاسلامي بأن تنال كامل العناية والاهتمام، ومنتهى الخدمة والرعاية من الطهارة، والنظافة، والتطيب؛ لأنها بيوت الله تعالى التي يقام فيها الركن الثاني من أركان الاسلام، وهو الصلاة، وفيها يذكر اسم الله تعالى، ويتلى القرآن الكريم، وتقام فيها دروس الوعظ والارشاد، كما قال تعالى:«في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه»، وجعل الله تعالى اقامتها واعمارها من علامات الايمان فقال تعالى:«إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله».
وإذا كانت المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمسك بالاسلام، وتحكم كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- في جميع شؤون حياتها كبيرها وصغيرها، وعلى ذلك تأسست قواعدها، وارتفع بنيانها.
إذا كان الأمر كذلك فلا غرابة أن نجد المملكة في مقدمة الدول التي تعنى بأوقاف المسلمين،وتهتم ببيوت الله تعالى أيما اهتمام.
وقد بدأ هذا الاهتمام الكبير بالأوقاف والمساجد منذ تأسيس المملكة - على يد الامام المجاهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله - الذي أولى المقدسات الاسلامية كل عناية واهتمام، واستمر هذا الاهتمام والعناية في تصاعد على مرور الزمان حتى وصل الى أعلى مستوياته في عهد خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني - حفظهم الله ورعاهم- فقد تطورت الأوقاف في هذا العهد الزاهر، وساهمت في تطور المجتمع ورقيه، حتى ان المملكة تعد الدولة الأولى في العالم الاسلامي من حيث كثرة الأعيان الموقوفة، وغزارة ريعها ودخلها الذي ينفق بكل عناية ودقة في أوجه الخير والاحسان التي يحددها الواقفون. ولا أدل على هذه الحقيقة من وقف الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي وقفه الملك المفدى على الحرم المكي، ويعد أعظم الأوقاف الاسلامية، إذ تقدر قيمته وما يستثمر فيه بمليارات الريالات.
وأما المساجد - وفي مقدمتها الحرمان الشريفان- فقد نالت كل عناية وخدمة ورعاية، حتى زاد عددها على خمسين ألف مسجد موزعة في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها ومدنها وقراها وهجرها.
ونظرا الى كثرة المساجد، واتساع مساحة المملكة فقد كان هناك كثير من أعيان الأوقاف، والمساجد غير مسجلة، ولا مثبتة بحجج استحكام، مما يعرضها للضياع، أو التصرف فيها في غير ما أنشئت له، وقد بذلت وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، بقيادة وزيرها الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ - وفقه الله - كثيرا من الجهود والدراسات في هذا المجال، حتى توج ذلك بموافقة مجلس الوزراء يوم الاثنين 13/2/1422ه برئاسة خادم الحرمين الشريفين على نظام جديد يتعلق بالأوقاف وصرف تعويضات المساجد، ويستجيب لمتطلبات أكثر من 40 ألف مسجد في جميع أنحاء المملكة، وذلك بالموافقة على سلسلة من التنظيمات التي تستهدف توثيق هذه الاوقاف والمساجد بحجج استحكام، ولاشك ان لهذا النظام الجديد فوائد كبيرة، ومنافع كثيرة لمصلحة الأوقاف والمساجد لا يتسع المقام لشرحها وتفصيل الكلام فيها، فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: حفظها من الضياع وضمان عدم التصرف فيها في غير ما أنشئت له، واعطاء صلاحيات للوزارة في الصرف من تعويضات المساجد التي أزيلت، على بناء مساجد، أو مشاريع وقفية أخرى بما يوافق شروط الواقفين، وكذلك اعطاء المرونة والسلاسة في تحريك أموال الأوقاف والمساجد، والاستفادة منها بالطرق الشرعية، الى غير ذلك من المصالح والفوائد.
وهذا يدل على مدى العناية والاهتمام اللذين توليهما حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، للأوقاف والمساجد،
نسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم، وأن يجزل لهم بذلك الأجر والمثوبة، وأن يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها، ورخاءها.
وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية
|
|
|
|
|
