| العالم اليوم
* الأمم المتحدة رويترز:
^^^^^^^^^^^^^^
ظن كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة ان مشاكله مع الولايات المتحدة على وشك الانتهاء بعد أن وعد الكونجرس بدفع جزء من دين الولايات المتحدة للمنظمة الدولية وبعد أن وافق الرئيس الامريكي جورج بوش على توليه لفترة ثانية.
لكنه كان مخطئا.
^^^^^^^^^^^^^^
فمع تزايد الغضب في الكونجرس بسبب إخفاق الولايات المتحدة في الاحتفاظ بمقعدها في لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة يوم الخميس قبل الماضي تحتدم الآن على أشدها لعبة الاتهامات بشأن ما حدث.. وربما تكون المنظمة الدولية التي تضم 189 عضوا هي الخاسر في النهاية.
قال ديك ارمي زعيم الأغلبية في مجلس النواب الامريكي وهو جمهوري من ولاية تكساس ان التصويت في لجنة حقوق الانسان «يجعل من الامم المتحدة مهزلة» على حد زعمه .. مشيرا إلى انتخاب السودان الذي تضعه الولايات المتحدة على قائمة الدول الارهابية في اللجنة.
وناشد عنان - الذي عبر عن صدمته من التصويت - الكونجرس الامريكي ألا يعاقب المنظمة باحتجاز المتأخرات المستحقة لأن أقلية من الدول صوتت ضد الولايات المتحدة في أهم لجنة لحقوق الانسان في الامم المتحدة.
وفي مقابلات مع دبلوماسيين وخبراء في دوائر التصويت أُلقيت المسؤولية على عاتق واشنطن نفسها لإثارتها سخط اصدقائها . وقالوا ان الدول الغربية استاءت بسبب رفض بوش معاهدة كيوتو حول ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض والخطط الامريكية لبناء درع دفاعي صاروخي.
كما احتارت كوريا الجنوبية التي ربما تكون صوتت او لم تصوت للولايات المتحدة من البيت الابيض عندما رفض بوش فجأة اجراء محادثات صواريخ مع كوريا الشمالية.
وجرى التصويت في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يضم 54 عضوا والذي تنبثق عنه لجنة حقوق الانسان التي تضم 53 عضوا والتي تتخذ من جنيف مقرا لها وتحقق في انتهاكات حقوق الانسان في انحاء العالم . وكانت الولايات المتحدة احتفظت بمقعد في اللجنة منذ انشائها في عام 1947 حين اصبحت اليانور روزفلت زوجة الرئيس الامريكي الأسبق أول رئيسة لها.
رسالة قاسية للغاية
ويرى ديفيد مالون وهو سفير كندي سابق في الأمم المتحدة ورئيس أكاديمية السلام الدولية وهي مركز أبحاث وثيق الصلة بالأمم المتحدة ان عوامل كثيرة كانت وراء خسارة الولايات المتحدة مقعدها.
قال مالون « الطريقة التي انسحبت بها الولايات المتحدة من اتفاقية كيوتو للمناخ وقولها بوضوح ان ما يهم واشنطن فقط هو الاقتصاد الامريكي وسلامته كان رسالة قاسية للغاية» معبرا علنا عما يهمس به الآخرون سرا.
وقال ايضا ان كثيرين وصفوا السلوك الامريكي في جنيف في دورة اللجنة في الشهر الماضي بأنه كان «مستبدا وباعثا على الفرقة» وضرب مثلا على ذلك بالتفاوض على نص قرار خاص بالشيشان ثم رفضه في اللحظة الأخيرة.
نزول متأخر للحلبة
لكن مبعوثين كثيرين قالوا ان الضغط الامريكي كان ضعيفا للغاية وفشل في ان يحشد دبلوماسيين من الوزن الثقيل . وبدلا من ذلك تركت ادارة الحملة بصورة رئيسية لبعثتها في الأمم المتحدة حيث انه لم يحل أحد محل كثيرين ممن عينهم الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون.
وينكر مسؤولون امريكيون ذلك قائلين انه جرى الاتصال بعواصم وأكد ذلك العديد من دبلوماسيي الأمم المتحدة، ومع هذا قال مبعوثون آخرون في الأمم المتحدة ان واشنطن لم تنزل إلى الحلبة لإحداث فارق إلا بعد فوات الأوان.
وقال جيمس كانينجهام الدبلوماسي الذي يحظى باحترام والذي يرأس الوفد الامريكي ويتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي «عملنا بجد حتى اللحظة الأخطرة كي نؤمن الأصوات».
وأضاف «كان انتخابا بالاقتراع السري ولا يمكنك ابدا معرفة كيف ستكون النتيجة؟!».
قتال بين الاصدقاء
والقى ريتشارد هولبروك رئيس الوفد الامريكي في الأمم المتحدة في عهد كلينتون بمسؤولية الهزيمة على عاتق الاوروبيين الذين تقدموا بثلاثة مرشحين فائزين من فرنسا والنمسا والسويد للمقاعد الثلاثة المخصصة للدول الغربية التي طرحت للانتخاب.
كما خسرت الولايات المتحدة مقعدها في تصويت يوم الخمس قبل الماضي أيضا في المكتب الدولي للرقابة على المخدرات لصالح فرنسا والنمسا وهولندا الأعضاء في الاتحاد الاوروبي.
وقال هولبروك في مقابلة «ما كان ينبغي للاتحاد الاوروبي ان يتقدم بمرشحين للمقاعد الثلاثة لأن ذلك كفيل بأن نتقاتل مع اصدقائنا والدول التي تشاركنا الرأي في العالم».
من أخلف وعده؟
وينكر الاوروبيون انهم نسقوا ضد الولايات المتحدة. وقال السفير البريطاني جيرمي جرينستوك ان هناك اتفاقا غير رسمي بين اعضاء مجلس الامن الخمسة الدائمين وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين على ان يصوتوا لمرشحي بعضهم البعض.
وقال السفير الفرنسي جان دافيد لوفيت انه التزم بذلك . كما قالت الصين وهي غالبا هدف للانتقاد الامريكي بسبب سجلها في حقوق الانسان انها أيدت واشنطن كذلك.
وقال شين جوفانج نائب مندوب الصين «اننا كعضو في مجموعة الأعضاء الخمسة الدائمين نحترم تعهداتنا ونتصرف بموجب الاتفاق غير المكتوب».
وقال مسؤولون امريكيون ان نحو 40 دولة كانت قد تعهدت بتأييد إعادة انتخاب الولايات المتحدة في لجنة حقوق الانسان لكن لم يفعل ذلك في الواقع سوى 29 دولة مما يدفعهم إلى التحري لمعرفة من منهم أخلف وعده؟
لكن باولو فولتشي السفير الايطالي السابق الذي ينظر اليه باعتباره مدبر الاستراتيجيات الانتخابية في الأمم المتحدة لديه قاعدة على أساس الخبرة تقضي بخصم نسبة عشرة في المائة من التعهدات الكتابية و20 في المائة من التعهدات الشفاهية.
وقال مالون في مقالة عن كيفية ادارة حملة كندا للفوز بمقعد مجلس الأمن في عام 1998 انه لاحظ ان سفراء كثيرين لا يهتمون باستشارة عواصمهم ويعقدون اتفاقات في نيويورك.
واسقط هولبروك في معظم العام الأخير الكثير من القضايا الأخرى كي يخوض حملة ناجحة من أجل تقليص الديون المستحقة على الولايات المتحدة مقابل وعد بدفع جزء من الدين الامريكي الضخم الذي يقترب الآن من ملياري دولار مستحقة للأمم المتحدة.
ولم يحل بعد أحد محل هولبروك كسفير دائم . وعين بوش السفير المخضرم جون نجروبونتي لكن اسمه لم يرسل بعد إلى مجلس الشيوخ للحصول على موافقته.
وقال هولبروك «انني واثق من أننا سنعود في العام القادم.. لا استطيع ان أتصور بعد هذه الصحوة ان يحدث هذا ثانية . ان الامم المتحدة اضرت بنفسها كمؤسسة نتيجة هذا الفعل».
دفع المستحقات بشروط
هذا وقد عبر الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان عن ارتياحه من تحويل واشنطن على الأرجح لجزء كبير من متأخراتها المستحقة للمنظمة الدولية كما وعدت هذا العام رغم خروج واشنطن من لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة.
لكنه أطلع الصحفيين قبل مغادرته نيويورك متوجها إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات حول مرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» او وضع شروط للوفاء بمستحقات الامم المتحدة أمر غير مقبول.
وقال «على الدول الاعضاء دفع حصصها بالكامل وفي حينها ودون شروط».
ورد مجلس النواب الامريكي الغاضب يوم الخميس على خروج الولايات المتحدة من لجنة حقوق الانسان بتجميد الدفعة الثالثة من المتأخرات المستحقة على الولايات المتحدة للمنظمة الدولية العام القادم وتقدر بنحو 244 مليون دولار لحين استعادة واشنطن لمقعدها الذي فقدته في اللجنة التي تتخذ من جنيف مقرا لها.
لكن يبدو أن واشنطن ستحول مبلغ 582 مليون دولار وعدت بدفعه للامم المتحدة في يناير كانون الثاني هذا العام.
وقال عنان «من الواضح ان هناك بعد الاقتراع قدرا من الاحباط والغضب وأتمنى ان تهدأ الزوبعة وان نتطلع إلى المستقبل» وأضاف انه «ليس لديه أدنى شك» ان الولايات المتحدة ستستعيد مقعدها في اللجنة الدولية العام القادم مشيرا بذلك إلى تصويت لجنة حقوق الانسان.
وعبر عنان عن خيبة أمله لقرار مجلس النواب تجميد مبلغ يصل إلى 244 مليون دولار.
لكنه عبر عن ارتياحه من عدم وضع شروط على دفع واشنطن للمبلغ الأكبر وهو 582 مليون دولار من مستحقاتها للمنظمة الدولية والذي اتفق على دفعه في إطار اتفاق وقع في شهر ديسمبر بمقر الامم المتحدة ونتج عنه تخفيض حصة الولايات المتحدة التي تدفعها للامم المتحدة للانفاق على عمليات حفظ السلام.
وقال عنان ان اي انتهاك لاتفاق شهر ديسمبر الذي وافقت عليه الجمعية العامة المكونة من 189 دولة «ستنظر اليه الدول الأعضاء على انه نقض للعهد».
وطبقا لقانون اتخذته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي منذ عدة سنوات وضعت الولايات المتحدة عدة شروط لدفع بعض من ديونها المستحقة للمنظمة الدولية والتي تقارب الآن ملياري دولار لعمليات حفظ السلام والتكاليف الإدارية فقط.
ودفعت الولايات المتحدة قبل عامين 100 مليون دولار . وفي أعقاب الاتفاق حول مستحقات الامم المتحدة في شهر ديسمبر كانون الأول وافق مجلس الشيوخ هذا العام، ومن المتوقع ان يحذو مجلس النواب حذوه على الافراج عن مبلغ 582 مليون دولار من متأخراتها لعمليات حفظ السلام التي تبلغ مليار دولار.
ومن المقرر ان يجري تحويل الجزء الثالث البالغ 244 مليون دولار المستحق العام القادم إلى الوكالات التابعة للامم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية.
وقد قابل عنان الرئيس الامريكي جورج بوش والرئيس النيجيري اولوسيجون اوباسانجو أمس الجمعة في واشنطن لدعم صندوق اقترحه عنان للانفاق على مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» والرعاية الصحية . وقال انه يأمل في أن يؤدي ذلك إلى التحرك «في الاتجاه الصحيح وان يدعم زعماء آخرون تلك الجهود».
|
|
|
|
|