| العالم اليوم
ليس جديداً سعي الانظمة والحكومات والساسة الى الهروب بالمزايدة لارتكاب الاكثر عنفاً او سلوكاً وحتى في الموقف السياسي حينما يواجهون مأزقاً لايجدون له حلاً او قدرة على التعامل معه في الحيز الزمني الذي يضعونه في «أجندتهم» التكتيكية ونهجهم السياسي.
أرييل شارون لم يختلف عن هؤلاء الساسة، وحكومته لم تأت بجديد حينما سلك وسلك وزراؤه معه اسلوب الهروب للامام بالتصعيد في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية التي تكتسب كل يوم زخماً جديداً، وتنوع اساليبها في مواجهة التصعيد الاسرائيلي.
وشارون ووزراؤه مثل من سبقوهم يتوهمون انهم بالتصعيد الارهابي القمعي للشعب الفلسطيني واللجوء الى تدمير البنى التحتية لمقومات الدولة الفلسطينية التي تعد امراً واقعاً رغم عدم اعلانها، من خلال تدمير المواقع والمراكز الأمنية والمكاتب الادارية للسلطة الفلسطينية والتي ستتزايد الى حد التعرض حتى الى مقرات ومكاتب الرئيس الفلسطيني ومساعديه ووزراء السلطة. كما ان الخروقات والاجتياحات المكررة والتي تكاد تكون يومية للاراضي الفلسطينية، كل هذا نوع من الهروب الى الامام بالتصعيد الارهابي القمعي للفلسطينيين توهماً من شارون وحكومته انهم بهذا سيجبرون السلطة الفلسطينية والفلسطينيين على الرضوخ لما يقدمه شارون.. وهو الذي لايقدم شيئا بقدر ما يسلب اشياء كثيرة منها القضاء على الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة واسترجاع نصف الوطن ومعهما الكرامة والعزة.
الفلسطينيون سلطةً وتنظيماتٍ وشعباً جميعهم يعرفون مخططات شارون الخبيثة فتاريخه اسود لايمكن ان تبيض بعض صفحاته ادعاءات وعروض مبهمة ودعاوى غير واضحة لما يسميه بمبادلة الامن بالسلام، وطلبات اعطاء الفرصة لتحقيق تلك الدعاوى لم تنطل على الفلسطينيين الذين فرض عليهم ان يواجهوا شارون وحكومته وجنوده الذين يقودهم رئيس اركان اكثر ارهابا من شارون نفسه، فرض على الفلسطينيين ان يواجهوا كل هؤلاء لوحدهم لان التصعيد الارهابي القمعي الذي ينتهجه الاسرائيليون منذ اكثر من شهر لم يجد من يواجهه سوى ادانات شفهية من الدول العربية وبعض الاعتراضات الوقتية من الاوربيين.. ونصائح امريكية لاتستمر طويلا، لذا فإن المتابعين لما يجري في فلسطين يتوقعون مزيداً من اعمال القمع والاختراقات الاسرائيلية للاراضي الفلسطينية، في المقابل فإن الفلسطينيين سينوعون سبل المواجهة وقد تدخل أسلحة جديدة واساليب سيتفاجأ بها الاسرائيليون الذين تزداد نسب الاحباط لديهم بعد عجز حكومة شارون عن مواجهة الانتفاضة الفلسطينية وزيادة الخسائر الاسرائيلية سواء في الارواح اذ لايمر اسبوع الا ويسقط قتلى منهم وهذا لم يتعودوه، واذ ما استمرت وتيرة تصاعد الارقام حيث تقترب قائمة قتلاهم منذ بدء الانتفاضة من المئة قتيل كما ان التأثيرات السلبية على الاقتصاد الاسرائيلي اخذت في التزايد مما جعل وزير المالية الاسرائيلي سيلفان شالوم يلجأ الى استقطاع من موازنات في قطاعات التعليم والرعاية الاجتماعية لتحويلها الى وزارة الحرب الاسرائيلية لتمويل الحرب التي يشنها الاسرائيليون على الفلسطينيين.
وهكذا بقدر ما يمثل بقاء شارون وحكومته واعماله القمعية من تدمير للسلام ومآسٍ للشعب الفلسطيني، فإن للإسرائيليين ايضا نصيبهم من لجوء شارون للهروب الى الامام بارتكاب مزيد من الآثام والارهاب في سعيه لفرض استسلام مرفوض على الفلسطينيين.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|