أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 12th May,2001 العدد:10453الطبعةالاولـي السبت 18 ,صفر 1422

العالم اليوم

التاريخ.. عبر ودروس
وذهب الوعد هباء ...
د. اسكندر لوقا
تقول حيثيّات الوثيقة المؤرخة في 7 تشرين الثاني عام 1918 «ان السبب الذي من أجله حاربت فرنسا وبريطانيا في الشرق، تلك الحرب التي أهاجتها مطامع الألمان انما هو لتحرير الشعوب التي رزحت اجيالا طوالا تحت مظالم الترك تحريراً تاماً نهائياً، وإقامة حكومات وادارات وطنية تستمد سلطتها من اختيار الأهالي الوطنيين لها اختيارا حرا».
الى هنا ينتهي نصْ الوثيقة، ولكن ماذا عن حقيقة الأمر كما ترويه لنا صفحات التاريخ المعاصر؟
ان ادعاء كهذا الادعاء اذا كان قابلا للتصديق في يوم صدوره، فإن شيئاً من هذا القبيل لا يمكن القبول به في الوقت الراهن، وحتى في السنوات التي أعقبت ظروف الحرب العالمية الثانية تحديداً، وقبل ذلك الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، حيث تنامى جشع الاستعماريين الفرنسي والبريطاني، الى حدّ التهام ارض الشام، فجرى اقتسامها بعد تجزئتها الى مناطق ذات الوان حمراء وزرقاء كما هو معروف، الأمر الذي جعل الأمة العربية في المراحل التي سبقت اعلان استقلال أقطارها تكتشف زيف وبطلان هذا الادعاء وما ماثله من ادعاءات لاحقة، حاول المستعمرون من خلالها تحقيق أهدافهم في استثمار ثروات الأرض العربية، وبشكل خاص في شرق الوطن العربي، حيث كانت المواجهة بين القوات الفرنسية والبريطانية وبين القوات العثمانية اكثر وضوحا وأكثر حضوراً على سطح المنطقة.
وكما يلاحظ المراقب ان صدور هذا الادعاء جاء بعد مضي عام واحد على صدور وعد بلفور في الثاني من شهر تشرين الثاني من العام 1917 لتكريس الحضور الاستعماري في المنطقة بالتنسيق بين الاستعمار وأطماع الحركة الصهيونية وتوازع الأدوار فيما بينهم.
ومعروف ان المنطقة العربية وبصورة خاصة منطقتنا في الشرق الاوسط، عانت من نتائج الوعود طويلا وربّما كان موضوعيا القول بأنها لا تزال تعاني الى أيامنا هذه . نقول ذلك لأن «العقلية» التي تتحكم بالمستعمرين جددا كانوا ام قدامى، تبقى كما هي، ولكن مع اختلاف الوسائل المستخدمة والطرق المؤدية الى أغراضهم.
هذه «العقلية» التي تستند الى «قناعة» الغرب بشكل خاص ، بأن الذاكرة العربية في حالة السبات، تحاول اقتناص أية فرصة كي تدغدغ نفوس العرب من خلال القول بأن المساعي قائمة لتقصي الحقائق وصولا الى إعادة الحقوق العربية الى أصحابها.
وربّما كانت قناعتهم صحيحة في مكان، ولكنها بالتأكيد غير صحيحة في كل الأمكنة. فلقد خبر شعبنا العربي السوري تحديدا ان عناوين الدغدغة هي مجرد أدوات لتغطية الأهداف المبيتة لتمرير مخططات التوسع والسيطرة على مقدرات الأمة، ولهذا قدّمت وتقدم سورية في كل وقت جملة من التضحيات بهدف تحصين الموقف العربي الموحد، حفاظاً على هويّة الانسان العربي وأرضه وتاريخه.
لقد ذهب الوعد هباء، والحقيقة دائماً تبقى ناصعة.
samerlouka@net.sy

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved