| العالم اليوم
* القاهرة مكتب الجزيرة علي السيد:
حذر مكتب مقاطعة اسرائيل التابع لجامعة الدول العربية من الخطر الذي يهدد القائمة السوداء التي ظل يستخدمها العرب طيلة العقود الخمسة الماضية لردع الشركات الدولية التي تدعم الاحتلال الاسرائيلي، كشف مكتب المقاطعة عن هرولة غربية غير مسبوقة للاستثمار في اسرائيل بصرف النظر عن انتكاسة السلام التي تشهدها المنطقة وذلك خلافا لقرار الدول العربية التي دعت فيه الى ربط التطبيع مع اسرائيل بالتوصل الى تسوية دائمة وعادلة للصراع العربي الاسرائيلي.
أكد مكتب المقاطعة العربية لاسرائيل الذي يعكف حاليا على رصد التحركات الغربية للتعامل مع حكومة آرييل شارون التي تتخذ من الحرب شعاراً لها وتهدد السلم والاستقرار في المنطقة، اكد تضاعف الاستثمار الاجنبي في اسرائيل في عهد الحكومات السابقة ومن بينها حكومة (ايهود باراك) التي تسببت في اندلاع شرارة العنف في المنطقة.
وقال مكتب المقاطعة في تقرير رفع الى الحكومات العربية ان هذا التحول الخطير في الدعم الغربي لاسرائيل سببه (تعليق) انعقاد مؤتمرات المقاطعة العربية لاسرائيل منذ اتفاق اوسلو عام 1993م الامر الذي ترتب عليه تآكل دور القائمة السوداء التي كانت تشهرها الدول العربية في وجه الشركات الاجنبية التي تصر على دعم الكيان الاسرائيلي بالمخالفة لقرارات المقاطعة العربية.
وفيما يلي نتيجة الرصد التي قام بها مكتب المقاطعة للاستثمار الاجنبي في اسرائيل رغم تراجع عملية التسوية السلمية.
على رغم العثرات التي تعترض مسيرة مفاوضات السلام بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية واستمرار تجميدها على المسار السوري تضاعف حجم الاستثمار الاجنبي في الكيان الاسرائيلي الى 5،6 مليارات دولار خلال فترة الثمانية شهور الاولى من العام 2000م مقارنة مع 3،3 مليارات في الفترة ذاتها من العام 1999م حتى انها تجاورت حجم الاستثمار في العام الماضي كاملا والبالغ 1،5 مليارات دولار.
هل يعني ذلك ان الاستثمار الاجنبي تجاوز انعكاسات عثرات مفاوضات السلام انه متفائل بنجاح هذه المفاوضات ولو بعد حين وهو مطمئن لتطورها؟
لاشك في ان حركة الاستثمار الاجنبي في اسرائيل تخضع لتقلبات مسيرة المفاوضات من الايجابية الى السلبية والعكس صحيح، هي تتأثر بها وتنعكس مؤثراتها على مختلف القطاعات الاقتصادية بدءا من الاسهم المالية وقيمة الشيكل مروراً بالقطاعات الانتاجية والخدماتية وانتهاء بفرض العمالة وأزمة البطالة وغلاء المعيشة.
لقد سبق للسوق الاسرائيلية ان شهدت تدفقا للاستثمارات الاجنبية اثر توقيع اتفاقية السلام مع الفلسطينيين في 1993م وحسب بيانات بنك (هوبو عاليم) بلغ حجم هذه الاستثمارات نحو 604 ملايين دولار عام 1991 ووصل الى 03،2 مليار دولار في 1955 وخلال الاشهر الثلاثة الاولى من 1996م بلغت الاستثمارات الاجنبية الفعلية 354 مليون دولار مع العلم ان قيمة الاستثمار الاجنبي في الاصول الثابتة وصلت الى 780 مليون دولار بعد ان كان هذا النوع من الاستثمار منعدما قبل اتفاقية السلام.
غير أن تدفق الاستثمارات الاجنبية توقف منذ فوز بنيامين نتنياهو في انتخابات 1996م وتسلمه السلطة في اسرائيل ورفضه تطبيق بنود اتفاقات السلام مع الفلسطينيين وبعض البلدان العربية المجاورة مما ادى الى توقف المفاوضات السلمية على المسارين السوري واللبناني وقد حذر المستثمرون في ذلك الوقت من ضياع ثمار السلام التي جناها الاقتصاد الاسرائيلي.
وفي مطلع العام 1999م لفت تقرير لصندوق النقد الدولي الى ان النمو الاقتصادي الاسرائيلي تباطأ بشكل حاد منذ 1996 وعزا هذا التباطوء الى اسباب عدة منها الآثار الناجمة عن النكسات في عملية السلام وتلاشي قوة الدفع للنمو الاقتصادي والتي نجحت عن الهجرة الكبيرة من الاتحاد السوفيتي.
وبعد فشل نتانياهو في طمأنة المستثمرين الاجانب بالتزامه سياسة التحرير الاقتصادي وتطبيق الخصخصة لانقاذ الاقتصاد الاسرائيلي المتدهور واستغل خصومه هذا الفشل وحملوه مسؤولية نتائجه في الانتخابات التي جرت في ايار مايو 1999م واسفرت عن هزيمته وفوز زعيم حزب العمل ايهود باراك.
وبلغ حجم التدفق الاستثماري الخارجي الى اسرائيل نحو 3،8 مليارات دولار في 1999م لكن معظم هذا المبلغ سجل خلال الاشهر الخمسة الاخيرة من العام المذكور وفي بداية عهد باراك الذي تسلم الحكم في تموز (يوليو) في اجواء متفائلة خصوصا بعدما اعلنت حكومته عن السعي الى تأسيس السلام على الاحترام المتبادل فمن المصالح الحيوية وعلى تطوير منظومات تعاون سياسي واقتصادي وعلمي وثقافي بين شعوب المنطقة.
واذا كان الاستثمار الاجنبي يكون العنصر الاهم في حجم التدفق الخارجي وبلغ نحو 1،5 مليارات دولار اي ما يعادل 4،61 في المائة فإن حركة تدفق الاموال تشمل انواعا عدة مثل التبرعات الخارجية وهي تدفع بطرق مختلفة وابرزها من الممولين اليهود في العالم، واموال التعويضات، ولا سيما التي دفعت لاسرائيل من المانيا تعويضا عما يسمى المعاناة التي تسببت فيها النازية لليهود ابان الحرب العالمية الثانية والاموال التي جلبها المهاجرون اليهود فضلا عن المساعدات الامريكية التي تبلغ ثلاثة مليارات دولار سنويا.
بدأ العام 2000م بمؤشرات ايجابية سادها تفاؤل كبير سيطر علي الحركة الاستثمارية في الربع الاول وقدر حجم الاموال التي دخلت اسرائيل خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) بأكثر من مليار دولار حتى مصادر البنك المركزي في اسرائيل توقعت ان يبلغ حجم التدفق الاستثماري خلال العام 2000م أكثر من 9 مليارات دولار في حال استمر خلال الاشهر المقبلة على الوتيرة ذاتها للشهرين الاولين من العام.
ووفق بيانات المصرف المركزي الاسرائيلي بلغت قيمة الاسهم التي اشتراها مستثمرون اجانب في سوق تل ابيب في آذار/ مارس ملياري دلار ووفق مشترياتهم في السوق الاولية الاسرائيلية في الخارج نحو 1،4 مليارات دولار.
ولكن بعد فشل قمة جنيف بين الرئيس الامريكي بيل كلينتون والرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في 26 آذار/ مارس والاجواء السلبية التي سادت نتائجها . سجلت الحركة الاستثمارية تراجعا كبيراً في الربع الثاني من العام 2000 نيسان حزيران وقد انخفض الاستثمار الاجنبي في الاسهم المتداولة في سوق تل ابيب الى 225 مليون دولار واكتفى المستثمرون الاجانب خلال تلك الفترة بشراء ما قيمته 211 مليون دولار من الاسهم الاسرائيلية المتداولة في الاسواق العالمية وبما قيمته 500 مليون دولار في الاسواق الاولية الاسرائيلية في الخارج وهي مبالغ قليلة جدا مقارنة مع حركة الاستثمار خلال شهر آذار وحده ولم يقتصر هبوط الاستثمار الاجنبي على السندات المالية بل تعداه الى الاستثمار المباشر في الصناعة والعقارات فبلغ 128 مليون دولار في حزيران و102 مليون في ايار و701 مليون في آذار.
وللتحسن الكبير الذي شهدته الحركة الاستثمارية في الربع الاول من العام 2000 وعلى الرغم من تراجعها الكبير في الربع الثاني فقد وصف الاستثمار الاجنبي خلال النصف الاول من العام 2000 بأنه كان قويا بالمقارنة مع النصف الاول من 1999م.
وتدل الاحصاءات على النتائج التالية:
بلغ الاستثمار الاجنبي في العقارات والصناعة والسندات 73،4 مليارات دولار اي ضعف ما استثمر في الفترة المماثلة في 199م والبالغ 69،2 مليار دولار.
بلغ حجم الاستثمار الاجنبي في السندات الاسرائيلية المتداولة في اسواق العالم 5،3 مليارات دولار اي ثلاثة اضعاف ما استثمر في الفترة المماثلة في 1999م والبالغ 1،1 مليار دولار.
تضاعف حجم الاستثمار الاجنبي في اسهم شركات التكنولوجيا الاسرائيلية في الاسواق الاولية العالمية خلال فترة المقارنة من 22،1 مليار دولار عام 1999 الى 53،1 مليار دولار في النصف الاول من العام 2000م.
ووصف المراقبون الاقتصاديون النشاط الاسرائيلي الاقتصادي خلال العام 2000 بأنه نشاط قوي ويبشر بالخروج من حالة الانكماش التي استمرت ثلاث سنوات لكنها استبعدت الاستمرار في نسبة النمو التي سجلت في العمل الاول.
وبلغت 6 في المائة مع العلم ان بعض المؤشرات توقعت ان تكون في حدود 5 ،4 في المائة واذا كانت وزارة المال توقعت أن ينمو الاقتصاد الاسرائيلي بنسبة 5 .4 في المائة كذلك في عام 2001 فقد توقعت في الوقت نفسه ان تتباطأ وتيرة النشاط في بعض القطاعات مثل التصدير والاستثمار على الاخص بالمقارنة مع وتيرتها العام الحالي.
واشارت توقعات المسؤولين في وزارة المال الى استمرار ارتفاع الصادرات الاسرائيلية بنسبة 5، 6 في المائة في 2001 يتراجع عن نسبة الارتفاع المقدرة للعام 2000 (7 .15) في المائة وكذلك الى احتمال خفض نسبة نمو الواردات باستثناء الواردات الدفاعية التي ستزداد بنسبة 5. 6 في المائة مقارنة مع 1،8 في المائة خلال العام.
يمكن القول: ان ارتفاع نسبة النمو المتصاعد في الاستثمارات الاجنبية المتدفقة على اسرائيل خلال الفترة السابقة تعود الى اطمئنان المستثمر الاجنبي على امواله في ظل مسيرة السلام وتراجع الدور الفعال الذي أدته اجهزة المقاطعة العربية التي كانت تمثل كوابح فاعلة لدى المستثمرين الاجانب خوفا من ملاحقتهم وحرمانهم من الاستفادة من الاسواق العربية الواسعة والمغرية لهم.
|
|
|
|
|