| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
بعد التحية
قبيل اجازة عيد الاضحى المبارك وفي البرنامج الشهير، «حوار العمر» المبثوث اصطناعيا من قناة «LBC» اللبنانية، تحدث الاستاذ الصحافي عثمان العمير عن كثير من المراحل والمحطات المهمة في حياته، وحيث كنت وقتها خارج البلاد فلم اتمكن من مشاهدة البرنامج حياً على الهواء، لابعث برسالتي هذه الى الاستاذ عثمان العمير حية على الهواء!! ولكن بعد عودتي من سفري أمدني الصديق المهندس عبدالله المسعود، بنسخة مسجلة من البرنامج، وكنت قد سمعت عن الحوار من كثيرين، لذلك استمتعت جدا بمشاهدتي اياه، وبما دار من مداخلات ومناقشات جانبية اثرَت الحوار وزادته سخونة، ولعلي اتجاوز كثيراً مما دار في «حوار العمر» من موضوعات فكرية مهمة تناولها الصحافي عثمان كاللغة العربية واعتزازه بها والشعر النبطي وصاحبه الشاعر الجواهري وصحيفته الالكترونية «إيلاف» التي يرأس تحريرها والتي سيتم تدشينها قريباً على شبكة الانترنت العالمية وغير ذلك الى موضوع اراه اكثر اهمية، اضمنه رسالتي هذه التي ابعث بها الى الاستاذ عثمان العمير، وهو يغرد خارج الوطن، اتوجه بها اليه سواء اكان في عاصمة الضباب لندن يمارس اعماله المالية والتجارية ام في مراكش الحمراء يمارس هواياته وقراءاته، ابعث بها اليه عبر صحيفة الجزيرة الغراء التي احتضنته ذات يوم ونمَّت موهبته وعركته في مطبخها الصحفي، لتدفع به الى الامام، كما دفعت بغيره، اتوجه بها اليه كي اخاطب من خلالها عقلاً اثق في رجاحته، وضميراً اعرف مدى حسه ووجوده ومدى حبه لوطنه ووفائه له، اتوجه بها اليه وقد سعدت جدا بما قاله في الحوار وما كان دائماً يقوله عن محافظة الزلفي «مسقط رأسه ومرتع صباه» والتي دوت صيحاته الاولى في مسمعها، فحفظتها الى اليوم، كما أنشأته وعلمته في مدرستها الاولى «القدس»، اتوجه بها اليه وقد غاب عنها طويلا، فاضناهما البين وارقهما الوجد!! على عظيم لوعته وكثير سؤاله عنها، وهو بها ادرى!! يقول المتنبي:
كم سألنا ونحن أدرى بنجد
أقصير ليلنا أم طويل؟!!
وكثير من السؤال اشتياق
وكثير في رده تعليل!! |
اتوجه بها اليه، مخبرا اياه بان مدينته الاولى الزلفي، قد شملتها مظاهر التنمية الشاملة، بعد ان امطرتها ديمة الخير والنماء في هذا العهد الزاهر، فتغير وجهها الذي كان يعهده، وتاه كثير من معالمها التي وقف عليها طويلا، واكاد اجزم ان عثمان ستخونه ذاكرته فيما لو مشى في ازقة الزلفي وشوارعها دونما دليل او مرشد، وكل ما اود قوله في هذه الرسالة هو ان المنطقة المركزية بالزلفي «البلاد» التي ولد فيها عثمان وبها نشأ قد لبست ثوبا جديدا، بعد ان طالتها يد التغيير والبناء، فالجامع الكبير الذي درس فيه عثمان على يد والده وابن عمر، قد اصبح اليوم معلمة اسلامية ناشطة بعد ان تعالت مآذنه في سماء المحافظة، وشهد مؤخراً بناءة عظيمة اكتست بالرخام وتوشحت بالزخارف، واحتوت في كثير من حناياها وأفاريزها على نقوش ابدعتها أنامل مغربية كما تضاعفت مساحته عشرة اضعاف ما كان يعهده عثمان، فالبيت الذي ولد فيه عثمان ذات يوم اصبح اليوم جزءاً من المسجد، وحوانيت السوق المحيطة بالجامع والتي طالما طارحها اشواقه، لم تعد كما هي، اذ تضاعف عددها، وتزاحم بالمناكب زوارها، واضحت المنطقة المركزية اليوم بعد هذا الاخضرار، هي القلب النابض بالمحافظة، اذ تلتقي فيها كل شرايين واوردة وطرق المحافظة، ولم يعد ينقصها الا ما نتقدم به الى الاستاذ عثمان العمير، من خلال هذه الرسالة، مؤملين ان يحققه، لينعش مسقط رأسه فكريا وحضاريا، ذلكم هو «مركز عثمان العمير الحضاري» الذي نأمل من عثمان ان يتبناه وينشئه النشأة الاولى، وان يتجاوز بمفهومه من مكان التقاء وتجمع، الى مركز انطلاقة فكرية، من مهامه اثراء المنطقة فكريا، واحياؤها آثاريا، والحفاظ على موروثها، ومد يد العون الى الجيل الناهض من البنين والبنات، ليجدوا فيه ما يحقق تطلعاتهم ورغباتهم في مجالات البحث العلمي والتطور التقني وسرعة الحصول على المعلومة من خلال الربط بمراكز عالمية متخصصة، وما الى ذلك من امور جدّت واستجدت في هذا الزمن الالكتروني المذهل!!.
قلت : قد يقال ولماذا عثمان العمير بالذات؟! فاقول ان الدوافع وراء توجيه هذا المقترح الى عثمان العمير عدة من اهمها: ان عثمان واحد من ابناء المحافظة المنشغلين بالشأن الفكري، فهو اول سعودي يرأس تحرير صحيفة يومية خارج البلاد، كما انه ساهم بفاعلية في تقعيد وتأسيس الصحافة السعودية المهجرية وادار بكل اقتدار اكبر صحيفة عربية، ونشر اكثر من كتاب منها كتاب «ذاكرة ملك» و«كتاب» «رنات المثالث والمثاني من روايات الاغاني» «وكتاب» «مقابسات نهاية القرن» وقام بتنظيم ملتقى المعتمد بن عباد في طنجة، والى ذلك فهو عضو الاكاديمية الملكية المغربية وعضو مجلس الامناء بجامعة الاخوين بالمغرب، اضف الى ذلك ان عثمان العمير من رجالات الاعمال القلائل الذين جمعوا بين الفكر والمال!! فعلى الرغم مما حققه من نجاحات في إدارة الأموال فهو يدرك أهمية العمل الفكري في المجتمعات، ويعي مسؤوليته الفكرية في مجتمعه، لاسيما وهو يرى ويسمع مساهمات رجال الاعمال في هذه البلاد ووقوفهم جنبا الى جنب مع ما تقدمه حكومتنا الرشيدة، وقبل ان اختم مقالتي هذه اود ان ابين للقارىء ان عثمان بعث ذات مرة الدكتور محيي الدين اللاذقاني الى الزلفي للوقوف على اطلال الشاعر الحطيئة، وعندما وقف الدكتور اللاذقاني على رمال جزرة شمال الزلفي اغراه الموقع واسره المكان فنسي لندن وكتب يقول« إن من يقف مثلي على رمال جزرة يدرك السر وراء اختيار امرىء القيس لمصطلح «سقط اللوى» في مطلع معلقته الشهيرة، ولقد وقفت بنفسي والكلام للاذقاني على تلك الرمال التي تتغلغل في مسامات الروح قبل الجسد!!» قلت: اتمنى ان يعيد الدكتور اللاذقاني الكرة ويزور الزلفي ليقف على منزلة مالك بن الريب «السُّمينة» شمال الزلفي، ولكن بعد ان يكون المركز قد شبَّ عن طوقه، وبلغ مبلغ الرجال، فهل يحقق عثمان العمير هذا المطلب؟!!
محمد بن عبدالله السيف
عثمان العمير
|
|
|
|
|