| الثقافية
*كتب المحرر:
تواصل «مجلة الآطام» الأدبية والتي تصدر عن نادي المدينة المنورة الأدبي في عددها «الثامن» والذي صدر حديثاً مشتملاً على العديد من الإبداعات والدراسات والمتابعات النقدية والمقالة.
جاءت افتتاحية الآطام «مبتدأ» بقلم المشرف على التحرير، رئيس النادي تحدث فيها عن مسيرة الأندية الأربعة الأولى في التأسيس مكة، والمدينة، والرياض، وجدة مؤكداً على أن ربع قرن من الزمان اسهمت في ترسيخ مفهوم الأدب لدى رواد هذه الاندية..
وتستهل الآطام فيضها الإبداعي بخمس قصائد هي:
عزاء لامرأة وحيدة.. سعاد الكواري، قصيدتان.. وعبدالرحيم لحمين، المؤقت والبديل.. أحمد عبدالرحمن العرفج، كان مني.. زينب أحمد حسين، مزاح الشعر.. محمد ابراهيم يعقوب ، وجاءت هذه القصائد في أفق شجني واحد تحفه الرؤية الواعية، وتجسد اتساعه اطلالة الشاعرة سعاد الكواري على ذلك العمق الوجداني الذي يأسر الأنثى ويكبل أحلامها:
«لتكن الريح أول المسافرين.. لن
أسابقها، سأكتفي بمراقبة..
.. مراكب عابرة في رأسي.. أنا
المدفونة وسط أغطية من الحرير..»
وترانيم عبدالرحيم لحمين في نصه الثاني يجسد هموم السفينة.. لكن في قلق فاضح لا يتفق مع تهادي مركب الشاعرة «سعاد الكواري» ليأتي هذا التعالق مجسداً صورة هذا الشحن المملوء بوعي الشاعر.
وتتعاضد في هذا المشهد رؤية الشاعر أحمد العرفج لذلك الافق الموغل في عتقه، ودأبه على مواصلة الغناء وضخ اصناف عديدة للحياة «المقلوبة» تلك التي تضع المجد كاملاً للاقدام.. تلك التي تجعل الأعمى يقود المبصرين:
«جئنا بذاكرة الرمال نزورها
.. يا موت يكفيني اذا كنت البديل!!
ويأتي نص زينب حسين مقتضباً يسير على حافة الارض لكنه سير يرقب مدار الافق، وحدود الشفق.. وللشاعر محمد ابراهيم يعقوب تداخل في هذه الهالة التي تسمو الى الآهة في سفر وابحار محدود سيعود هذا المنهك من سهر البحر الى مرفأ.
«الشعر ابحار وطيف مرافىءٍ
لا تنجلي الا بشهوة سلبه»
وفي الدراسات تقدم «الآطام» للقارىء اضمومة قرائية استنطاقية لمفهوم الصيغة السردية يقدمها الدكتور عبدالعالي بوطيب.. ودراسة ثانية حول «اسوسيولوجيا الرواية» للدكتورة خيرة حمر عين.. والدراسة الثالثة بعنوان «التفكيكية من الفلسفة الى النقد الادبي» لممدوح الشيخ.. وتجمع هذه الدراسات فيما يبدو للقارىء لأول وهلة انها ذات رابط عضوي يجسد مفهوم السرد من منطلق نقدي نظري يحاور النموذج السردي «الرواية والقصة» ولا يدخل في تفاصيل وظيفتها.. الا اننا نقف من الدراسة الثالثة والتي انصرفت الى شرح مناهج النظريات النقدية حول الادب وعلاقته بالفلسفة.
وتفرد «الآطام» فصلاً كاملاً للقصة القصيرة ليستهل القاص احمد زين نصه الموسوم بعنوان شعري «جسد يفرع الى اعالٍ ظليمة» برؤية سردية غاية في الحبكة والنحت اللغوي الفاتن.. ليأتي الراوي في القصة مولعاً في رصف الكلمات والأوصاف الدقيقة لأبطال يسجلون حضورهم بعدة هيئات هي «خائط، بلل،فاطمة، أرواح تغتبط، هوّام» وهي مقاطع تجسد رؤى متباعدة في حيزها «الزمكاني» وفي احداثها المتباينة الا ان القارىء يقف على لغة واحدة تجسد توجد الابطال في هاجس عام يشكل هذا النص السردي.
وورد في الآطام نص قصص مترجم عن اللغة الكونغولية فيما يبدو جاء بعنوان «حكايتان من الكونغو» لمؤلفه أو ليفييه دو يوفنيو وترجمة د. محمد احمد طجو.. جاءت فضاءات السرد بها على شكل فضائين منفصلين في نطاق حديثي واحد..
وجاء نص «عبث» للقاصة صالحة السروجي مقتضباً جداً يميل الى التصوير المباشر لأحداث متوامضة..
فيما جاء نص «مسكونة بالرفض» للقاصة فردوس ابو القاسم معالجاً لحالة شعبية تسيطر على الانسان العادي في المجتمع لتحاول القاصة ومن خلال استهلال يصور لنا حجم مأساة الانثى امام «المشعوذ» الذي يتصرف بطريقة تثير الدهشة من كذبه، ونفاقه.. وتصديق البسطاء له..
قصة «مسكونة بالرفض» متكاملة في بنائها الحدثي ومختصرة في سردها حتى ان القاصة برعت في رسم صورة المكان الذي يعيشه هذا المشعوذ.. واتقنت وبطريقة راقية ومتميزة تصوير الجو العام لحالة المرض الاجتماعي الذي يسكن هؤلاء.. فيما ظلت البطلة في النص مسكونة بالرفض الذي يشبه الجنون حتى انها اجهزت على بعض تلك المحاولات الفاشلة من قبل اهلها وضحكت بصوت عال يفضح ادعاءات من حولها.
وجاءت المتابعات في الآطام على شكل قراءة في قصيدة شجر الفحشاء للدكتور يوسف العارف وقراءة اخرى في ديوان «حداء الصحراء» بقلم الدكتور عبدالعزيز اسماعيل احمد..تظهر في هذا العدد من الآطام جهود اسرة الآطام.. اقطاب تحريرها كل من الاستاذ الشاعر محمد هاشم رشيد، والاستاذ الدكتور محمد العيد الخطراوي والاستاذ محمد الدبيسي والشاعر عيد الحجيلي وآخرين يسهمون في خروج «الآطام» إلى القارىء محملة بالود.. والرغبة القوية أن تكون الأعداد القادمة أقوى.. وأشمل.
|
|
|
|
|