|
| مقـالات
الوافدون والمقيمون في بلادنا يحولون سبعين مليار ريال سنويا خارج المملكة.. وهذا ليس تخرصاً أو تقديرات عابرة أو معلومات غير دقيقة، بل هو ما كشف عنه وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وما نشرته عنه هذه الجريدة الغراء في عددها رقم 10424 الصادر بتاريخ 19/1/1422ه الصفحة الأخيرة. ولك أن تتصور عزيزي القارىء عزيزي المواطن حجم وضخامة هذا المبلغ الفلكي وكم يمثل من دخلنا القومي/ الوطني السنوي.. هذا بالنسبة إلى التحويل النظامي للعمالة المقيمة بصورة مشروعة، وهو بالتأكيد سيزداد تصاعدياً كل عام مع كثافة عدد العمالة الوافدة بمختلف مهنها وتخصصاتها، وضعف تطبيق برنامج السعودة الجادة من قبل مؤسساتنا وشركاتنا وعدم تجاوبها مع النداءات الخيّرة والمخلصة من قبل المسؤولين.. والمعادلة الأخرى التي تلتهم البقية الباقية من دخلنا السنوي هي ما تمثله السياحة خارج المملكة والتي وصلت في العام الماضي إلى أكثر من خمسين ألف مليون ريال تم بعثرتها واراقتها في رحلات سياحية في أرجاء المعمورة دون أن نلحظ أي ترشيد أو تخفيف لزيادتها قياساً بالأعوام الماضية رغم التوجه السياحي المدروس والفعال الذي بدأت تخطوه بلادنا ويلاقي اهتمام ومتابعة المسؤولين عن السياحة وحرصهم على أن تكون السياحة الداخلية في المقام الأول لمردودها الاقتصادي والاجتماعي بما يعود على بلادنا ومواطنينا بالخير والنماء. وما لنا نذهب بعيداً في تصوير النهم والتهافت السياحي الخارجي ونحن نلاحظ عيانا اغتنام الفرص وأيام الإجازات الطويلة والقصيرة في السفر خارج الحدود جماعات ووحدانا فاق عددهم الأربعة ملايين مسافر في العام الماضي.. ولنأخذ مثلاً إجازة عيد الأضحي المبارك قبل شهرين فربما قرأتم معي ما صرح به مدير عام الجوازات بالمنطقة الشرقية اللواء عبدالعزيز البعادي في جريدة الرياض بتاريخ 18/12/1421ه بأنه خلال إجازة عيد الأضحى الماضي غادر بلادنا إلى دولة البحرين الشقيقة أكثر من نصف مليون مسافر يعني أكثر من سكان البحرين جميعاً وأنه تبعاً لذلك تم تحويل مسارات القدوم في جسر الملك فهد إلى مسارات للمغادرة لكثرة ازدحام المسافرين إلى هناك.. وأن مديرية الجوازات بالشرقية استنفرت كافة طاقاتها وامكاناتها لمواجهة مئات الألوف من المسافرين، هذا بالنسبة للبحرين وحدها. ولكن ماذا عن الأعداد الهائلة التي ذهبت بالطائرات وبالطرق البرية إلى دبي التي غصت فنادقها وشققها وشواطئها بالسعوديين فرادى وعوائل.. ولا تسأل عن المسافرين إلى مصر وسورية ولبنان والمغرب على سبيل المثال ناهيك عمن ذهب إلى دول جنوب شرق آسيا أو إلى أوروبا وأمريكا.. فإذا كانت هذه الجموع الهائلة التي يصل تعدادها إلى خانة الملايين في إجازة قصيرة لا تزيد أيامها على عشرة أيام فكم سيصل العدد يا ترى في إجازات الصيف الطويلة؟ وكذلك في إجازة منتصف العام الدراسي إجازة الربيع وأيضاً في إجازة عيد الفطر؟.. وكم من المليارات سوف تراق وتهدر هناك؟.. فما السبب لهذا التهافت الملتهب والمخيف للسفر خارج الحدود في كل مناسبة وإجازة طالت أم قصرت؟.. هل بلادنا في تصور البعض شحيحة وعقيمة إلى هذا الحد في توفير سبل الرفاهية والترويح والاسترخاء للأفراد والعائلات في جو آمن ومريح؟ وما هي المعوقات والأسباب التي تحول دون إقامة مشاريع عملاقة متنوعة تتيح للمواطن والمقيم قضاء إجازة سعيدة في ربوع بلادنا وتؤمن للمستثمر مردوداً مناسباً لقاء جهوده ومساهمته في انعاش السياحة الداخلية؟ وهل هناك ضغوط نفسية واجتماعية تحول دون نجاح ذلك وما هي؟ وهل عالجنا الأسباب ووفرنا الحلول المناسبة بإرادة وتصميم إدراكاً منا لمصلحة الوطن وراحة المواطن؟ إن أصحاب المليارات من بني جلدتنا أو من الذين أثروا من مشاريع التنمية في بلادنا من المستثمرين الكبار ها نحن نراهم يقيمون المشاريع السياحية في مشارق الأرض ومغاربها ومن حولنا وآخرها ما تقوم به شركة دلة البركة من اقامة أكبر مدينة سياحية متكاملة في منطقة الشرق الأوسط في البحرين تبعد عن المنامة 25 كيلومتراً وعلى مساحة تقدر بعشرين مليون متر مربع على ساحلها الجنوبي، تساهم في اقامتها دولة البحرين وتكاليفها مليار ومائتا مليون دولار يعني حوالي خمسة مليارات ريال تقريباً كما هو موضح بالعدد 210 من جريدة الوطن السعودية في تاريخ 3/2/1422ه وما دام الأمر كذلك وبهذه الطموحات وبهذا السباق الحثيث على إقامة المشاريع السياحية الكبرى لجذب السياح فلماذا لا يكون لبلادنا وهي التي تنبع منها معظم مصادر التمويل للمشاريع السياحية خارج الحدود.. لماذا لا يكون لأرضها المعطاء نصيب من ذلك من باب الوفاء لها ورد الجميل لشعبها المستهدف في جميع الحالات؟.. والله الموفق.
للتواصل: فاكس 4786864 الرياض
|
|
|
|
|
