بين الفصيح وصنوه الشَّعبي

بين الفصيح وصنوه الشَّعبي

للأدب الشعبي مكانة سامية وقدر عال كيف لا وهو الناطق باسم المجتمع لأنه يصور لنا المجتمع تصويراً صحيحاً ويعكس لنا في مرآته الواضحة الجلية التي لا يتعذر فهمها على كل الطبقات لأن هذا النوع من الأدب ينطق باللهجة العامية التي هي سبيل التفاهم بين مختلف طبقات المجتمع فيه سهلة التناول سريعة الفهم ميسورة المعنى. وهذا النوع من الأدب يشتمل على جميع الأغراض التي توجد في الشعر العربي الفصيح فإذا هو لا يقتصر على غرض معين فنجد فيه الحكم والأمثال وجميع الأغراض من مدح وهجاء ونسب.. إلى غير ذلك من الأغراض.
لذا يسرني أيها القارئ الكريم أن أقدم لك هذه المقارنة بين الشعر الشعبي والشعر العربي من خلال أبيات منتقاة من الشعر الشعبي وكذلك من الشعر العربي فلكل منهما أبياته النادرة فإذا كان للشعر العربي أبياته النادرة فكذلك للشعر الشعبي أبياته النادرة التي قد تتفق مع أبيات الشعر العربي من ناحية المعنى ولكن تختلف طريقة المعالجة، ولن أقول بأن معالجة الشعراء الشعبيين للمعنى أبلغ من شعراء الفصحى ولكن سأكتفي بضرب الأمثلة لتطابق المعنى مع اختلاف طريقة المعالجة والحكم للقارئ الكريم:
يقول الشاعر العربي زهير بن أبي سلمى:

وكأن ترى من صامت لك معجب

زيادته أو نقصه بالتكلم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده

ولم يبق إلا صورة اللحم والدم

يماثله قول الشاعر الشعبي محمد العبدالله القاضي:

الياجل رجل في عيونك فما له

واوزن ثقل عقله بعقلك بمثقال

ويبين لك فضل الرجل في مقاله

لاجا مجال فيه فض للإشكال

ويقول الشاعر العربي:

وإذا المنية أنشبت أظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع

يماثله قول الشاعر الشعبي بديوي الوقداني:

إن المنايا إذا مدت مخالبها

تدرك لو كنت في جو السما العالي

ويقول الشاعر العربي:

ومن يصنع المعروف في غير أهله

يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر

يماثله قول الشاعر الشعبي:

أشهد إنه من يبذل الجود باللي ما يجود

مثل من حجج على غاربه ذباح أبوه

ويقول الشاعر العربي أبو العلاء المعري:

إن حزنا في ساعة الموت

أضعاف سرور في ساعة الميلاد

يماثله قول الشاعر الشعبي محمد بن لعبون:

ضحكتي بينهم وأنا رضيع

ماسوت بكيتي يوم الوداع

ويقول الشاعر العربي:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

يماثله قول الشاعر الشعبي محمد القاضي:

كل ابن أنثى وإن طاول سليم

لازم يشرب بكاسات الحمام

ويقول الشاعر العربي حاتم الطائي:

خلقت أحب السيف والضيف والقرى

وورد حياض الموت والموت أحمر

يماثله قول الشاعر الشعبي تركي بن حميد:

بالليل أصالي حاميات المحاميس

والصبح اطارد كل قبا قحومي

ومن لا يقدم شذرة السيف والكيس

تبدى عيه من الليالي ثلومي

يقول الشاعر العربي :

هي الدنيا تقول بملء فيها

حذار حذار من بطشي وفتكي

فلا يغرركم مني ابتسام

فقولي مضحك والفعل مبكي

ويقول الشاعر الشعبي عبدالعزيز بن عيد:

لا تأمن الدنيا ولا ترتهي به

تقبل وتعطي عند الاقفاي عرقاب

إن ادبرت قصت محوص قطيبه

وان اقبلت فادنى شريط لها جساب

يقول الشاعر العربي ابن يسير:

قدم لرجلك قبل الخطو منزلها

فمن علا زلقا عن غرة زلقا

يماثله قول الشاعر الشعبي عبدالله بن سبيل:

إليا عزمت فحط للرجل مرقات

من قبل يدريبك خطات الربادي

ختاماً : أيها القارئ:
أقول هذه أمثلة لتطابق المعنى بين الشعر العربي والشعر الشعبي، وإلا فكل منهما مليء بالأبيات النادرة التي يستمتع بقراءتها والتي لايستطيع المجال لذكرها، ولكن أرجو أن أكون قد وفقت في اختيار هذه الأمثلة وتقديمها بالصورة المطلوبة ، هذا ما أرجوه والله الموفق.

صالح عبدالله الزرير التميمي - الرس

أعلـىالصفحة

رجوع