| العالم اليوم
* رام الله نائل نخلة:
^^^^^^^^^^^
إيمان حجو رضيعة من حي الأمل في خانيونس، لم تبلغ بعد شهرها الخامس، تشبه أطفالا عديدين هنا، وفي كل مكان في العالم. حملت على سرير من نوع خاص، تنام عليه ملء جفنيها، وقد فعلت القذائف الاسرائيلية الامريكية بجسدها اليانع الطري ما دفع البابا يصلي لروحها من أطلال كنيسة أثخنت القذائف نفسها جسدها هي الأخرى قبل ثلاثين عاما .
^^^^^^^^^^^
إيمان حجو، ملاك صغير، لم تلبث ان فتحت نفسها على الدنيا حتى سارعت اسرائيل الى إغلاقها والى الأبد، عمها وائل يقول ساخرا «إيمان كانت تحمل صاروخا، وكانت ذاهبة لتقصف معسكرا للجيش الاسرائيلي، واستشهدت في المعركة»!!!!
استشهدت إيمان يوم الاثنين 7/5 بعد سقوط قذيفة مدفعية من إحدى الدبابات الاسرائيلية المتمركزة في المستوطنات المحيطة بمدينة خانيونس وهي بين أحضان والدتها خلال زيارتها لمنزل جدتها بحي الأمل.
والدة إيمان التي أصيبت ايضا في الحادث الإجرامي إصابة بالغة خرجت غير آبهة بجراحها الخطيرة تهرول من منزل عائلتها والدماء تنزف منها تحمل بين يديها فلذة كبدها تطلب المساعدة وإنقاذ حياة ابنتها خوفاً من أن تفقدها ونقلت الى مستشفى ناصر بالمدينة الذي أكد استشهاد الطفلة.
لقد كانت في تلك اللحظة تمارس حقها الفطري في حضن والدتها تتلمس الدفء والحنان، قبل أن تغفو على لحن طعم حليب الأم وتقول، أردت ان أدثرها على سريرها في بيت جدها الذي كنا نزوره ولكن كانت القذيفة التي مزقت أحشاءها.
لم تنعم بعد بوجبة الغداء التي أخذته دونما اكتراث بالتفويض الذي منحه شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي لجيشه، كي يبادر ويقصف ويقتحم ويتصرف وفقا لما يقتضيه الموقف على الأرض وطالما هناك فلسطينيون على وجه الأرض فالموقف دائما يقتضي المبادرة والقصف دون هوادة حتى لو كان الضحية من الأطفال الرضع.
جاء أطفال مخيم خان يونس ، تركوا مدارسهم وألعابهم واصطفوا في طابور طويل، لا لكي يداعبوها ، لكن لإلقاء نظرة الوداع الأخير وهي ترقد في كفنها الصغير الذي انطلق في عرس جنائزي مهيب دفع محمد حجو 20 عاما والد إيمان الذي هو أيضا أصيب برصاصة اسرائيلية في ركبته قبل خمسة شهور في مدينة أريحا أثناء عمله في أحد الأجهزة الأمنية الفلسطينية للقول وهو يبكي «لست حزينا، طفلتي نعمت بعرس كبير».
والدة إيمان طفلته البكر وهو في محافظات الضفة الغربية، لم يشهد ولادتها ولكنه كان سعيدا بها مع زوجته اللذين حلما ان يرياها عروسا تزف الى عريسها وسط الزغاريد ولكنه ودع رضيعته قبل حتى ان تنطق بكلمة بابا او ماما،كان شبه منهار ، الدموع لم تفارق عينيه، وعند رأسها توقف قليلا قبل أن يخر باكيا على وجهها ويلثمها بعشرات القبل لآخر مرة، وقال باكيا «إن استشهاد ابنتي هدية لكل العرب»!!!
في المستشفى كانت سوزان، الأم المنكوبة بطفلتها الوحيدة، تصرخ: إيمان جميلة، أريد إيمان، احضروها لي..» ولكنها لم تستطع ان تشارك مراسم الوداع الأخير مع آلاف الرجال والنساء والأطفال الذين حملوا نعش إيمان واخترقوا به أزقة المخيم وتحت حرارة الشمس.
شاب يصرخ والغضب باد على وجهه «القذيفة التي قتلت إيمان أثقل من وزنها عدة مرات»، أين دعاة حقوق الانسان؟ أين الأمم المتحدة؟ هل كانت إيمان تعد عبوة ناسفة أو تطلق صاروخا على المستوطنة؟ وهناك أمام منزل أبو جبر حجو جد الشهيدة تظهر بقع الدماء التي نزفت من سوزان وأمها وأخويها محمود ودنيا.. كذلك بقيت بعض قطع صغيرة من أشلاء الشهيدة الرضيعة إيمان كلها شاهدة على عظم الجريمة وظلم العالم الصامت على قتل الطفولة.
وفي عائلة حجو إيمان ليست الطفلة الشهيدة الأولى فقد استشهدت بنت عمها بثينة 5 سنوات في الانتفاضة الأولى برصاص قوات الاحتلال وكأن الذكرى بعد العشر سنوات التي انقضت على وفاتها ماثلة أمامهم اليوم باستشهاد إيمان التي جاءت مع أمها من دير البلح الى خان يونس كي تطمئن عليهم بعد تعرضهم للقصف الاسرائيلي لتقتلها قذيفة اسرائيلية بلا رحمة بعد أن تفجرت شظاياها في جسدها الصغير.
ومنذ ساعات صباح يوم الثلاثاء سادت حالة الحداد جميع أنحاء مدينة دير البلح على الطفلة الرضيعة إيمان حيث رفعت الأعلام السوداء فوق المنازل وأغلقت المحال التجارية أبوابها وغادر الطلاب مدارسهم ليتسنى لهم المشاركة في تشييع الطفلة إيمان كما انتشر المواطنون في شوارع المدينة للمشاركة في التشييع.
من جانبه دعا المركز الفلسطيني لحقوق الانسان المجتمع الدولي والأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف بالخروج عن صمتها والتدخل العاجل من أجل وقف جرائم قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم وإرغام الكيان الصهيوني على الامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب الاتفاقية.
كما أكد ان الوضع الراهن في جميع أنحاء الأراضي المحتلة يدعو أكثر من أي وقت مضى الى ضرورة الاستجابة الدولية الفورية للمطالب الفلسطينية بتوفير حماية دولية فعالة للمدنيين الفلسطينيين أما استمرار آلة الحرب الصهيونية في إلحاق المزيد من الضحايا والمعاناة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وأدانت مؤسسة الضمير لحقوق الانسان جريمة قتل الطفلة إيمان واعتبرتها جريمة بشعة اهتزت لها قلوب الملايين من العالم، حيث أكد شهود عيان لها بأن قوات الاحتلال أطلقت خمس قذائف مدفعية من دبابة كانت تتمركز على مسافة 250 متر فقط الى الغرب من منزل الطفلة إيمان حجو حيث بدأت هذه الدبابة ودون أي مبرر بإطلاق القذائف باتجاه السوق المركزي والمنازل السكنية المجاورة مصحوبة عملية القصف بإطلاق نار مكثف من أسلحة رشاشة من جنود الاحتلال، وأضافوا بأن الطفلة استشهدت من شظايا المدفعية الثانية عندما كانت تحملها أمها بين يديها وتهم بالهروب شرقاً من القصف وأصيبت والدة الطفلة وجدتها وخالتها وأخاها الأكبر.
ولم يتأخر التبرير الاسرائيلي على هذه الحادثة وجاء المرة على لسان رئيس الوزراء أرييل شارون الذي قال للتلفزيون الاسرائيلي: «إنني على ثقة بأن قواتنا لم تكن لديها النية لفعله»!!.
فيما أعرب شمعون بيريز وزير الخارجية في بيان عن «أسفه العميق» لمقتل الطفلة إيمان حجو» التي تعتبر أصغر ضحايا الانتفاضة، وقال «هذا الحادث الأليم يفرض على جميع الأطراف بذل أقصى جهد ممكن لوقف العنف و«الإرهاب» والعودة الى طاولة المفاوضات».
لكن وزير الصحة الفلسطيني الدكتور رياض الزعنون اتهم الحكومة الاسرائيلية بتصعيد خطير وغير مسبوق ضد الأطفال الفلسطينيين.
وقال «قتلت اسرائيل منذ اندلاع انتفاضة الأقصى قبل سبعة أشهر أكثر من 130 طفلا فلسطينيا دون الثامنة عشرة أصغرهم الرضيعة إيمان حجو أربعة شهور، إضافة الى قصف المدارس ورياض الأطفال في حرب معلنة ضد الطفل الفلسطيني.
|
|
|
|
|