أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th May,2001 العدد:10452الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,صفر 1422

شرفات

الإعلامي جورج خوري في حوار لـ «شرفات»:
التواصل الثقافي هو الحل الوحيد للقضاء على سوء التفاهم بيننا وبين الغرب
الخبير الإعلامي جورج خوري واحد من أبرز المساهمين في مد الجسور بين الثقافتين: العربية والألمانية، من خلال عمله كمحرر ثقافي بقسم الشرق الأوسط في إذاعة وتلفزيون صوت ألمانيا ومن خلال دوره البارز كممثل للثقافة العربية في معرض فرانكفورت الدولي - أكبر معرض دولي للكتاب على مستوى العالم - كما أنه يبذل جهداً دؤوباً وأميناً لاطلاع الجمهور الألماني على المشهد الثقافي العربي أولاً بأول، سواء من خلال الصحافة أو الإذاعة.
ومن تلك المساحة المشتركة بين الإعلام والصحافة وصناعة الكتاب يكتسب الحوار مع جورج خوري أهميته الخاصة:
تبادل ثقافي
* كيف تُقيم الصلة حاليا بين الثقافتين العربية والألمانية؟
- أعتقد أن الاهتمام بالثقافة العربية ازداد بعد حصول نجيب محفوظ على نوبل في الآداب عام 88م، فانتبه العالم إلى أن هناك أدباً عربياً يستحق الاهتمام. هذا لا يعني أنه لم يكن هناك أدب عربي منقول إلى اللغة الألمانية أو اللغات الأوروبية الأخرى ولكن ليس بهذه الكثافة. كذلك من جهة أخرى هناك تطور له علاقة بالثقافة والسياسة أيضاً، فالأوروبيون خاصة وألمانيا كجزء من الاتحاد الأوروبي اكتشفوا أن العالم العربي هو الجار الطبيعي والتاريخي لأوروبا، وبالتالي فإن مصيره وحياته لهما علاقة قوية بمصير أوروبا.
كل ما يحدث في العالم العربي يؤثر سلبا أو ايجاباً على الوضع في أوروبا، وانطلاقاً من هذا الوضع أسس ما يعرف بمنبر حوض البحر الأبيض المتوسط فيما بين أوروبا والدول العربية المطلة عليه.
ثمة اهتمامات مختلفة أدت في مجملها إلى ازدياد محاولات الاهتمام الثقافي ومد جسر ثقافي بين الجانبين: العربي والألماني. على سبيل المثال إذاعة صوت ألمانيا تهتم اهتماماً خاصاً بالتبادل الثقافي ولا تقتصر رسالتها على توصيل المعلومات الهامة إلى مستمعيها في جميع أنحاء العالم. وإنما نحن نؤمن بأن الجسر الثقافي هو أمتن جسر قد يقرب جهة من جهة أخرى أو يعرف بثقافة شعب آخر وحضارة أخرى، وانطلاقاً من هذا الإيمان ركزنا على الحوار وعلى التبادل الثقافي. ومما يدل على اهتمام الإذاعة بهذا الموضوع أن لدينا مسابقة للأدب جرت مراراً وفي كل عام تخصص لجزء أو لبلد أو لمنطقة من العالم، وبالفعل خصصنا احدى السنوات للعالم العربي وكان لي شرف الاشراف عليها وبالفعل تلقينا )1100( مساهمة وكان من بين الفائزين الروائية المصرية سلوى بكر، ونشرنا كتاباً يضم مختارات من الأعمال الفائزة باللغتين: العربية والألمانية.
أدب الآخر
*لا شك أن عملك يتيح لك أن تتابع الثقافة العربية عن كثب.. فكيف ترشح الأعمال الابداعية للإذاعة أو للترجمة؟
- لي حظ طيب في معرفة الثقافة العربية وكذلك إلمام لا بأس به بثقافة الغرب، وأحاول قدر امكانياتي أن أعطي صورة عن الثورة الأدبية التي يعيشها العالم العربي حالياً. وأعرف الكثيرين من الأدباء العرب، وإن لم تكن معرفة شخصية فعلى الأقل من خلال أعمالهم أو التواصل معهم عبر الهاتف، فمن خلال ما أقدمه من برامج اتصل بالكثيرين منهم كي يتعرف عليهم الجمهور الغربي قدر الامكان، لكي تصبح هناك صورة متكاملة عن مجتمع المفكرين أمثال أدونيس ومحمود درويش ونجيب محفوظ ونزار قباني وادوار الخراط والغيطاني وآسيا جبار التي حصلت مؤخراً على أهم جائزة ألمانية والتي يمنحها اتحاد تجار الكتب الألماني. على صعيد آخر نهتم كذلك بالحوار مع الأدباء الشبان الذين يبشرون بالخير.. وأرى أن هناك زخماً وحرية في التعبير عن الآراء.
ربما يكون هناك أدب لا يعجبني لأنه يعود بنا إلى القرون الوسطى ولكن هذا لا ينفي أهمية الاطلاع عليه، باعتباره جزءاً من هذه الفورة الكبيرة التي نترك الحكم عليها للزمن لنرى من ستثبت أقدامه.
أشكال التحيز
* لكن هناك احساس بالتحيز ضد بعض الأدباء العرب في أوروبا بوجه عام.. فمثلاً لا يعقل أن يحصل أديب عربي واحد فقط على نوبل!! وعلى سبيل المثال أىضاً حرمت أهداف سويف من احدى الجوائز في بريطانيا لأسباب لا علاقة لها بالأدب.
- هذا نقاش دائم ومستمر.. وعادة لجان التحكيم التي تمنح هذه الجائزة أو تلك تنفي التحيز دائماً وتعلن الموضوعية.. لكن الاختيارات الآن تحاول أن تنتقي أدباء من جهات مختلفة من العالم لتلافي هذا الاتهام، حتى لا يقال إنهم يركزون فقط على الأدباء الغربيين، وفي الفترة الأخيرة لم يعد الأمر على هذا النحو لدرجة أن بعض الأدباء في الغرب حالياً يتهم لجان الجوائز بأنها تختار مناطق بعينها لتمنحها الجوائز وليس أدباء.
هذه الاشكالية قديمة قدم الجوائز ذاتها، فمثلاً الأديب السويسري الأكبر دورينمات لم يحصل على نوبل، ولا كازنتزاكميس اليوناني وغيرهما الكثير.. ربما يكمن السر في ذلك إلى عدم وجود موضوعية مائة بالمائة خاصة أن الأدب بطبعه ذاتي وليس عملية حسابية بسيطة والفيصل الوحيد بين جميع الأطراف هو التاريخ.
* البعض يرجع أسباب التحيز إلى رؤية العالم الغربي للعالم العربي، فهي إما ناقصة أو مشوهة.. هل هناك محاولة من خلال نشاطكم الثقافي والإعلامي لتغيير هذه الصورة ... ؟
- من خلال التواصل الثقافي، والتواصل الثقافي فقط.. فهذا المجال وحده هو القادر على القضاء على الأحكام المسبقة وعلى كثير من سوء التفاهم.. أقمنا ورشة عمل لبحث مسائل ومشاكل الترجمة الأدبية والتبادل الثقافي بين العالم العربي من جهة وألمانيا من جهة أخرى، وفوجئت بواحد من أبرز النقاد العرب يحتج على أن الأوروبيين والألمان بالتبعية لا ينتقون للترجمة إلا أدباء أو أديبات يسيئون إلى المشرق أو الشرق، وذكر هذا الناقد عدداً من الأدباء المهمين الذين لم يترجموا، وكانت الحقيقة أن الأسماء التي ذكرها ترجمت بالفعل. بما يعني أن هذا الناقد الكبير قد كون حكماً مسبقاً ومغلوطاً عما نقوم به من جهد. والعكس هو الصحيح، فأنا كعربي مازلت أفخر بعروبتي وأغار عليها وأحرص على تقديم أدبها في أفضل صورة ممكنة.
وفي ألمانيا تبذل جهود كبيرة للقضاء على الأحكام المسبقة ضد العرب أو ضد أية جهات أخرى، فنحن نطمح للتعريف بالآخر بموضوعية وتفان دون انتقاص من حق هذا أو ذاك، ولا بأس من تقييم التجارب لكن بعد معرفة أبعاد الموضوع بالكامل بدلاً من الأحكام المسبقة والتعميم.. فمن المؤسف أن تنتشر هذه الأحكام حتى بين كبار المثقفين أنفسهم.
هواجس العولمة
*ربما يكون لهذه الأحكام المسبقة ما يبررها من هواجس بسبب الدعاوي البراقة واللافتات المضللة. فمن حق البعض أن يخشى من أن تكون العولمة مجرد أَمْركة للعالم، وأن تكون عملية التبادل الثقافي ذات ظلال وأبعاد لا تدرك.
* هذه الموضوعات تناقش منذ الثمانينيات وازدادت حدة النقاش بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبقاء دولة عظمى وحيدة تهتم بمصالحها بالدرجة الأولى.. وهذا التوجس من العولمة قائم في أوروبا نفسها.. في رأيي العولمة هي فرصة سانحة قد تكون لمصلحة الجميع وهي خطر إذا استغلت لمصلحة طرف واحد على حساب الأطراف الأخرى.
وقد أتيت إلى القاهرة منذ فترة لالقاء محاضرة عن العولمة والثقافة وكانت ندوة دولية شارك فيها علماء من أربع قارات ونظمتها جمعية الفلسفة الأفروآسيوية ومعهد جوته وكان الرأي المطروح بوجه عام أن العولمة موجودة منذ بداية التاريخ من خلال الاتصال بالآخر سواء عن طريق التجارة أو الثقافة أو غير ذلك. فجميع الحضارات أخذت من بعضها البعض وتطورت من خلال التقارب. والموضوع الشائك والحساس هنا هو الاستغلال الاقتصادي بالدرجة الأولى لحساب طرف بعينه وهناك جهات متعددة تعرف هذا الخطر ونتائجه الوخيمة وتعمل على تلافيه. أتصور أن أي سياسي واع بإمكانه أن يدرك أن التعاون أفضل من الحب. فإذا تعاونا معاً نستفيد نحن الاثنين أما إذا تعاركنا نخسر جميعاً، الجميع يعي هذا جيداً، وقد يكون في هذا تفاؤل كبير يجعلني أنظر إلى العولمة في تجلياتها المختلفة - بما في ذلك الثقافة - كفرصة وليست كخطر يفرض سيطرة طرف ما علينا جميعاً كبشر.
* بحكم دراستك للعلوم السياسية بالأساس وعملك الثقافي العام، هل يمكن أن نستشرف المستقبل وأن نضع أمام المثقفين العرب متطلبات اللحظة الراهنة؟
- أقول بصراحة.. الوضع في ألمانيا به جهات معينة تهتم بالأدب العربي أكثر من اهتمام جهات كثيرة داخل الوطن العربي.. هناك تجارب كثيرة عايشتها عن قرب مثل محاولات معرض فرانكفورت للكتاب، فمدير المعرض السابق كان مهتماً للغاية بالأدب العربي ويحاول أن يترجمه إلى الألمانية، وبذلت جهود مختلفة لجعل الثقافة العربية مركز ثقل في معرض فرانكفورت الذي قدم كل التسهيلات لإتمام هذا الأمر، لكن للأسف الأمر لم يتم بالصورة المرجوة لأن الطرف الآخر أعني العرب أنفسهم لم يتجاوبوا بما يكفي، فنحن بحاجة إلى مؤسسات ودور نشر عربية تهتم بترويج الأدب العربي إلى الآخر.. فلماذا لا توجد لدينا شركات تجارية أو صناعية تقدم بعض الدعم لنقل الأدب العربي إلى اللغات الأخرى.. فلا يمكن أن ننتظر حتى يعمل الآخرون نيابة عنا لأن يداً واحدة لا تصفق كما يقولون ..!

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved