أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th May,2001 العدد:10452الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,صفر 1422

شرفات

الشاعرة منى عبدالعظيم تقول لـ «شرفات»:
أشعر باليتم في مواجهة العالم ولا أملك سوى الحذر
في أعماق الدلتا تشكلت ملامحها الأولى، وفي القاهرة تكونت تجربتها الشعرية الخاصة.. تجربة تبحث عن الحب الرومانسي في عناصره الأولى وتفتقد الآخر الغائب وراء الافق.. تهرب منى عبدالعظيم من ضجيج القاهرة ولهاث العمل الصحفي وتسعى الى البحر البعيد.. الى مفردات مهمة تعيد تشكيل الأشياء وفق حقيقتها دون زيف أو ادعاء فهي لا تكتب لمجرد الكتابة، ولا تنغمس فيما يسمى بتيار النسوية وتفضل أن تبقى دائما على الحافة! وهكذا كان ديوانها الأول على حافة السماء».
القصيدة بنت اليتم
* في ديوانك تبدو القصائد منفصلة متصلة، كأنها تحكي عن مراحل في تجربة واحدة.. لماذا؟
- بالطبع هناك وحدة في التجربة تشمل الديوان، تتأتى فيما أعتقد، من رؤية واحدة، لا أريد أن أقول كلاماً كبيراً عن رؤية العالم أو الآخر، ولكنها على أية حال توضح كيف أرى العالم من حولي، وخاصة الحقائق الكبرى فيه مثل الحياة والموت والحب، ولعل ما يطرز هذه الرؤية هو الإحساس الفادح باليتم تجاه العالم، حدث هذا نتيجة رحيل والدتي وأنا في سن مبكرة، فشعرت أنني وحيدة في مواجهة العالم، ثم تأكد ذلك بعد رحيل الوالد، رغم أن الفارق الزمني بين رحيلهما يعد كبيرا، لكن ربما لكوني ابنة وحيدة فكان ارتباطي بهما قويا، المهم أن شعور الوحدة واليتم تأكد تماما مع رحيل والدي وشعرت أنني منذورة لحزن يكاد يكون ميتفافيزيقيا، حزن يغلف مشاعري تجاه الآخر، بل ويلونها بالشك أحيانا.
* أغلب القصائد لديك تأتي قصيرة كالدفقة أو كجملة موسيقية عابرة.. ورغم القصر إلا أنك تستخدمين أحيانا الحوار المسرحي أو تقنيات السيناريو وتعدد الأصوات؟!
- القصيدة الموجزة كالطلقة، إنها مباغتة كتابية لخاطر مباغت، وتجربة تقوم على الإيجاز والإيقاع السريع الذي لا يحفل بالشروح أو الهوامش، فما يمكن أن يكون كافيا لإثارة مخيلة القارئ هو الشعر، وما عداه طنطنة لا لزوم لها. وأعتقد أن عناصر مثل الحوار أو الحكي أو السيناريو طالما تم إدخالها في التجربة فقد أصبحت شعرية وفارقت وظائفها في الفنون الأخرى، هذا ما أعتقده خاصة إذا كنت تسلم معي بأن القصيدة مع دخول هذه العناصر جيدة.
* يلاحظ أيضا أن كثيرا من العلاقات داخل بنية القصيدة تبدو تجريدية وأحيانا تثير الدهشة؟
- كلامك عن التجريد هو تنويع على الإيجاز، هناك قصائد كبيرة لدى البعض، ولكنها كبيرة لأنها لا تخلو من الحشو تخليص القصائد من الحشو هو إحدى سمات تجربتي، عندما أقرأ قصائد لشعراء آخرين مسقطة هذا الحشو وساقطة على الخاطر الشعري الذي يكمن، متوهجا، تحت الركام، أشعر وكأنني أستخلص طفلة جميلة من تحت ركام بيت سقط توا.
هذا الخاطر الذي أراهن عليه هو الذي يكشف لي علاقات ووشائج بين الأشياء أو بينه وبين العالم. وهو ما يجعلك تقول بعدم التوقع أو الدهشة كما يقول الآخرون.
علاقة ملتبسة
* العلاقة بالآخر تمثل الهاجس الرئيسي في تجربتك الإبداعية.. ودائماً يسكنك إحساس بالفقد.. ما سر هذا الإحساس؟
العلاقة بالآخر، وهي هنا العلاقة بالرجل.. علاقة ملتبسة شائكة، مراودة حارة ولكنها منقوعة في الشكوك والريبة، من هنا قد تبدو لك متناقضة أحيانا، بل وعدائية، كما تبدو راغبة في تواصل لا سبيل إلى الاطمئنان إليه.
*المعجم الشعري لأي شاعر عادة ما يتسم بكلمات أساسية تلح عليه باستمرار.. وعلى سبيل المثال تتكرر لديك كلمات مثل: الحافة، السماء، الغيوم وغيرها.. فكيف تختارين معجمك الشعري؟
- مسألة المعجم الشعري هذه مسألة قديمة. ومعجمي هو عالمي، وكل تجربة هي في الحقيقة استدعاء للغة وتمحيص لها وكشف عن الطاقة الحية فيها.
على أية حال إلحاح بعض المفردات له دلالة بالقطع وكما تلاحظ أن مفردات السماء، الغيوم، الحافة، كلها تشير الى حالة من التوجس ومجابهة الخطر والمجهول. ولعل مفردات كهذه تنبع من إحساس بالوحدة في مواجهة العالم، اليتم الذي يجعل الإنسان لا يملك أي يقين تجاه العالم ولا سلاح له سوى الحذر، والمحاولة حتى وإن كانت محكومة بالخذلان.
روح التمرد
* برغم حالة اليتم كما تقولين لكن هناك بالمقابل روح متمردة تبحث عن المغامرة في فضاء مفتوح..!
- الروح المتمردة المغامرة، الشاكة التي سكنتني منذ طفولتي روح الابداع هي التي اختارت الشعر لي، لقد بدأت بالرسم، ثم داهمني الشعر، بل كتبت بعض القصص القصيرة، كل هذا كان خلال محاولاتي في الإمساك بلحظات الكشف هذه.. التي كانت تفاجئني ولم تكن الخيارات مرضية لي إلى أن استخلصني الشعر.
*وكيف توازنين بين الشعر والصحافة؟
- بالنسبة للتوازن بين الشعر والصحافة فلم يكن في حاجة الى مكابدة، بل لعل الصحافة قربتني من تجارب شعراء آخرين، وطريقتهم في الإفصاح عما يحاولون انجازه، او كيف يرون ذلك؟ ببساطة لم اجد تعارضا او تناقضا بين كوني صحفية وكوني شاعرة، اللهم إلا في الوقت الذي يستغرقه العمل الصحفي، على سبيل المثال كانت المحاورات مع شعراء مثل محمود درويش وسعدي يوسف، وأدونيس عبدالوهاب البياتي مفيدة بحق، واطلعت من خلالها على مكابداتهم ومشروعهم الشعري الذي ساهم في تأسيس ذائقة جديدة للشعر.
أزمة الشعر النسائي
* اصدارك لديوان واحد حتى الآن يوجد حالة الارتباك فيما يتعلق بالجيل الأدبي الذي تنتمين اليه؟
- في الحقيقية كان لي ديوان سابق على هذا الديوان بمثابة التجارب الأولى لي كشاعرة. أما مسألة الجيل الادبي فهي مسألة لم تعد مفيدة! عموماً انا من جيل الثمانينيات، جيل فاطمة قنديل وايمان مرسال وميسون صقر وخديجة العمري وظبية خميس، وفي الحقيقة تخونني الذاكرة لكنني اتابع أعمال هؤلاء باهتمام كبير، فالشعر النسائي بهن وبغيرهن من الشاعرات اصبح حقيقة فرضت نفسها.
طفلة جميلة
* بمناسبة الحديث عن الشعر النسائي.. هنك اتهام لهذا الشعر بأنه يتسم بالذاتية المفرطة والحديث عن اموروتجارب شخصية... ؟!
- هناك مساحة داخل النفس اعتبرها خاصة جداً، ربما من خلال الشعر يخرج بعض منها، لكن هذا لا يعني اطلاقا تعرية النفس تماما وبشكل فج..
أنا لست ضد احد، ولا اود ان اشبه احداً، وأحترم تجارب الآخرين واتابعها، ولكن.. ليس لمجرد ان تعرية النفس بشكل فج أصبحت «مودة» فعلي ان أفعل ذلك، لا أحب أن أكون سوى نفس، ولا أسمح لأي اعتبارات أن تخرجني عن طبيعتي، فأنا أقول كل ما أود أن أقوله بطريقتي.. ولا أعتقد ان الفجاجة لمجرد الفجاجة هي الشعر، ولا أعتقد أيضاً أن تجربتي تستغلق على الفهم، فأنا أعبر عن نفسي بطريقتي، وعلى من يريد الفهم ان يزيح الركام من فوق الطفلة الجميلة.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved