| الثقافية
مدني الصديق تركي الماضي بقصاصات في )ملف( للقصص التي نشرت فيما يبدو في أزمنة مختلفة ولست ادري لماذا لم اخيب ظنه واعتذر..؟
ويبقى السبب الوحيد لدي اني احب ان أقرأ النصوص القصصية الجديدة والنبض الوعد، وحينما فتحت القصص التي يود تركي ان اطلع عليها واكتب تعليقاتي ولست اقول نقدي فلكل صوت نقي له رائحته وخطابه ولغته وفنه ووعده ايضا.
عشرون نصا لاكثر من ستة عشر اسما، ما بين الجنسين استبعدت بعضها من البدء، وخصوصا النصوص التي لقصاصين ذيلت نصوصهم بملاحظات سابقة من قبل المحرر. وبعضهم له اكثر من نص..
ولذا حاولت الاختيار بعد ان استبعدت النصوص التي اعتقد انها اقل جودة، وتحتاج الى قراءة أدبيةمكثفة، فليس اي كتابة توصف بأنها قصة، لان الكتابة لها شرطها وللقصة شروطها والنصوص التي بين يدي واشعر بأنه يمكن التداخل معها، ،التي ينتظر منها ان تهجس بفن السرد ولها اشارات جميلة وجيدة ، وهي اثنا عشر نصا بقيت بعد الفرز، يمكن تجزئتها من حيث التجربة والتقنية واللغة والهم وفن السرد، الى ثلاث مجموعات لتسعة كتاب جاءت كالتالي:
أ( اربع نصوص قصصية هي:
1- اختلاجات السحر - سفيان الاحمدي.
2- المقص الاسود - شموع الزويهري..
3- الخوف - صدى الذكريات..
4- مطعم الاخلاص - احمد موسى الطيب..
5- كابوس - منصور عبد العزيز القدير..
ب( قصتان وهما:
1- الحب.. خلف أذناب البقر - محمد علي البريدي..
2- غرفة الحجز - ابراهيم محمد شيخ مغفوري..
ج( ونصوص أخرى هي:
1- خلف اسوار المدينة - عبد الله محمد القرني..
2- الجريمة البيضاء - عبد الله محمد القرني.
3- علب الحب الفارغة - عبد الله محمد القرني..
4- البرواز الذهبي - عمر المحيميد..
5- خواطر دامية - أحمد موسى الطيب..
القصة الاولى من قصص المجموعة الاولى )اختلاجات السحر( لسفيان محمد الاحمدي من القصص الواقعية كتبت بلغة شعرية وفيها جمال التصوير والتأمل، وتلك من الجماليات التي تضفي على القصة القبول، ونص سفيان محمد الاحمدي مقنع الى حد كبير خصوصا انه يعي اللحظة السردية، ويحسن الامساك بالحدث الى النهاية، وهو في ذات الوقت نوع من الأحلام التي تحمل هما مشرعا يضفرها في ثنايا الحدث..
وفي القصة الثانية )المقص الأسود( - شموع محمد الزويهري ، اجادت الكاتبة في طرح قصتها بواقعية وفي لغة سهلة وبسيطة، وتنم عن قدرة على الالتقاط والتعبير..
وما يلاحظ على هذا النص الذي صنفته ضمن هذه المجموعة التي من اولى صفات نصوصها التماسك ان هذا النص نجح في طرح قصة تعني بهم خاص، ليتم تحويله الى هم عام والسيطرة انسيابيته والنهاية الجيدة ويمكن القول ذاته عن نص )الخوف( لصدى الذكريات ولست ادري الى متى يكتب بعض الذين لهم مساهمات باسماء رمزية ما دام هناك هم ووعد جميل واسهام مستمر اجمل.
فهذا النص بالذات مميز ذاته )الخوف!( من المستقبل، ثم انه يجاري التجارب الجديدة التي تطرح نفسها ولديها القدرة في التعبير عن ذاتها دون مبالغات، ويحمل نص احمد موسى الطيب الذي له نص آخر سيرد ذكره ضمن الفئة الثالثة، وبذات الهموم نجد نص سفيان محمد الاحمدي، الذي يتميز نصه باللغة الشعرية والنهاية المحكمة كما يتميز بذلك نص احمد موسى الطيب الذي يمازج بين الواقعية واليومي والحلم، ويجيد كتابة نهاية قصته دون تجاهل الاشارة التي سترد حول نصه، سبق وذكرت بأن له نص آخر )خواطر دامية( في الفئة الثالثة، فلديه إفلات وترهل، اذ شعرت أن احمد لم يسيطر على نصه، ويبقى أخيراً من نصوص الفئة الأولى نص )الكابوس( - منصور عبد العزيز القدير وهو نص يحتشد في لحظة أسطورية، أجاد منصور التقاط لحظة الحدث وكثف اللغة وهنا اريد ان اقول ان الكاتب أي كاتب، هو الناقد الاول لنصه وكلما امتدت تجربته ودربته الكتابية، واكتشف قوة او ضعف نصه وعرف الأخطاء بالقراءة والمتابعة الدائمة، ولذا فان نوعية الحلم وهم الخطاب، يبقى شيئا مهما لقاص كلما أراد ان يتطور، ونص )الكابوس( نص جيد لولا النهاية المتوقعة والتعليمية، ويحسب للنص تماسكه والقدرة على السرد في لغة محايدة، لولا النهاية التي لا تعطي تأويلا غير متوقع، ويستمر القول في القصص من الفئة الثانية، أولها قصة )غرفة الحجز( للكاتب ابراهيم محمد شيخ مغفوري التي يحسب لها أشياء كثيرة منها الجراءة في طرح هم ما يريد طرحه، بضمير )الأنا( الراوي ويتناول قضية خطيرة أكل )القات( وتوحي بنهاية اكثر خطورة! في هذه القصة تقتلها المباشرة لو لم يحسن الكاتب بذات الحرارة وقوة السرد والعفوية، وأحكام النهاية التي لم تفسدها الاشارات التعليمية واللغة المباشرة، وينطبق هذا الرأي على قصة )الحب.. خلف أذناب البقر( للكاتب محمد على البريدي تحمل هما وحدثا، للاسف تنهى نهاية غير محكمة ولا تنقذها الاشارات الغاضبة، لان الفن إذ اشار فلا يجب ان يكون تعلميا مسؤولية الفنان الاشارة كما هي كمسؤلية الطبيب والمصلح الاجتماعي والمدرس وغيره من فئات المجتمع والحب قد يتحول الى غضب نتيجة الوعي بحال المحبوب، لكن في البداية على الفنان ان يحسن التعبير عن الحالة بالتأمل وليس الغضب، ويمكن اضافة قصة )البريدي( مع قصص الفئة الثالثة، لأنها تحمل فضاء اكبر ودربة كنصوص عبد الله القرني الثلاثة )الجريمة البيضاء - خلف اسوار المدينة - علبة الحب الفارغة( ونصين آخرين لكل من عمر المحيميد )البرواز الذهبي( ومن قبل كما ذكرت نص )خواطر دامية( للقاص احمد موسى الطيب، والغريب هنا بغض النظر عن التصنيف الذي وضعته مع اهميته بالنسبة لي اكتشفت ان هذا النص للطيب ولست ادري هل كتب او نشر كتجربة قبل او بعد النص السابق له )مطعم الاخلاص( حيث يعد اقل جودة لان القاص فقد الامساك بالحكاية وترهل النص ولو حذفت كثيرا من الجمل لما حصل هناك اي خلل ولوصل المعنى الذي يريد خطاب القصة ان يقوله، والنص على كل حال ينبىء عن طاقة فنية لم تمتلك بعد أدواتها كاملة، وقد حددت لها فضاءات سردية واشارات تنبىء بكاتب يعد بالمزيد ، فقط عليه ان يبتعد عن الخطابية في نصه التي تتضح في النص الاخير له، واستطيع القول بتجرد ان نص )البرواز الذهبي( للقاص عمر المحيميد الذي شعرت بقدرته في هذا النص على امتلاك ادواته الفنية وقدرته على الاستفادة من التجارب الاخرى لحرق الاوراق والتجارب والمراحل، فلديه تجربة ودربة لكنه، في هذا النص ترهل مما افقده حرارة السرد وليقع في المباشرة، وعمر كاتب قادم لديه وعي بشرط القصة القصيرة، وينتظر منه الكثير بلاشك ينتظر ذلك من صاحب النصوص الثلاثة عبد الله القرني، الذي له نصوص تحمل دلالة غريبة، ولست ادري اذا كان عبد الله يؤسس لفضاء بهذه المسميات )الجريمة البيضاء - خلف اسوار المدينة - علب الحب الفارغة(، وهي نصوص لست متعجلا للحكم عليها، وان كان ذلك ممكنا من خلال الاشارات ومفاتيح وأضاءت تشير اليها النصوص، لكنها تجربةتستحق الانتظار حتى تكتمل، ليصبح الحكم النقدي لها وعليها مكتملا، وهي تجربة مع تجارب المحيميد والطيب تعد الاكثر نضجا والاكثر تشكلا وبناء وتجربة للامساك بتلابيب الحكاية والسرد، وفي نهاية هذه المداخلة السريعة التي ورطني بها تركي، لا أخفي سعادتي بما قرأته من نصوص أستبعدت أكثر مما داخلته هنا، ودون الجزم بأن أحكام هذه المداخلة قطعية ونهائية، فالقصة بالذات هي فن التأويل والقراءة، وتعدد مستويات الكلام والشخوص والابنية والضمائر والأمكنة والأزمنة، في نسيج محكم ولغة موحية وما هذه المداخلة غير تحية لجيل واعد على الدرب لنظل كل يوم نهجس به وبحلم كتابة قصة جميلة.
|
|
|
|
|