أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th May,2001 العدد:10452الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,صفر 1422

الثقافية

أفضل قصة قصيرة
حلم عاثر
تتجلجل ركبتاي بجوف المكتب ليرتج كوب الشاي المنتصف.. فتتلاطم أمواج البحار التي جابها السندباد.. غير مستصاغة.. اياني ومكتبي على بساطه يكسوني لباسه المتزاخم بالتفاؤل..!
تريث فكري برهة.. «وعود السندباد بعد مرور عقدين من عمري تحقق ما كنت أصبو اليه، اني سندباد زماني كما قالها )لكل زمان سندباده(».
قبل الهبوط يلتف بساطي الى ان يبركني على حدبة جرداء البيضا تبرق بدكنتها السوداء.. )أسميتها قارة الأسرار كما أسماها قريني سلفا(..!
تنحنحت في صفو صامت بارتخاء فأحدثت جموع شتى أصواتا صداها يرتد اليّ بنبرة هادئة كصوتي،، عدت الفعلة كرتين فصوّغت اليّ كصياغتها الأولى..!!
في هذه المرة أمرت قدمي ان تعس على القاع، أهي صلبة أم سر ما يخفي صلابتها..؟! ذاك التساؤل أخفيته بسرعة لما دني بجواري ظل كجسدي مختطف كاختطاف البروق وسرعتها.. على إثره انزاحت جموع اركاني رعبا..
ضربت على صدري مهدهدة وجلي: لا عليك انفخي هواء السكينة حول جسدك، واذكري الله، إذ هي اضغاث من شياطين الجن تستمرقك لتهابي وترعبي، وفي زمرة ذاك الحديث مع نفسي عطسة جامحة خلفي تستوقف حديثي المختبىء لتكمله هي بنبرة متذمرة ساخرة: «جاء الليل وصقيع برده، ليبرغث بأنفي فيكثر عسطي»..! تتأوه لحظة لتسترد حديثها: فكرة سمجة تعلق بذهني، فمنذ أمد بعيد جدتي تحكي لي عن طائر آدمي.. ذي ألوان.. يتسلق الجبال.. ويختبىء خلف الصخور.. ثم يسرق أصوات الناس ليقلدها.. ولكنه.. ولكنه ليس بشبح..!! احدق بملء عيني علّ منقذاً ما ينقذني غير حجرها من روعتي المروعة وتهشم وجهي المتسائل:
)يتكلم وليس بشبح..؟!(
سري إذ يتعمق أكثر بعد وفاة جدتي فهي لم ترو، متى يستهوى المجيء.. وأي لحظة سيقحمني ليعبث بصوتي ويقلده..؟
حينها أعتدت السمر بعد حرصي المتوالي على انتظاره، مرارا ما عاودتني فكرة مجيئه.. بين فينة الشروق وفينة الغروب.. وحسبي ان ساعة الغبش أجدر بقدومه..!!
تلك الظنون طمست عقلي منذ وان كان جسدي الصغير يشدو بفضوليته اللحوحة.. كان لابد لي ان أعرف كل شيء وان اتقصى الحقيقة وإياها وإلا انطويت مفردة أساير نفسي واحابيها دون أن يرمقني أحد أو يعثر على ما أفكر..!! وبصوت خافت تهتف،، اليّ أتريدين الحقيقة..؟: ان هي إلا خرافة، خرافة عجوز أبلاها الزمان فوهن عقلها في منتهى أجلها لتروي ما يسحق عقلي وأصدق..
تتثاءب فتفرك وجهها برفق متجليا برمشيها النعاس.. وكأنه آخر ما ترمي اليه لتستأذني وتمضي.. توّقتني لسماع المزيد من مخدشات زمانها الفائت.. فأجرتها بالله ألا تمضي حتى توافيني حقيقة نفسها.. أما انها كطائر جدتها الآدمي تعبث بالأصوات لتقلدها، وأما انها الجدة الخرفة التي تروي لي بعد ان وهن عقلها لتشتت ذهني وأصدق محادثتها..؟؟!
وفجأة برقت من أمامي كبرقتها الأولى فانسلت قبل ان تجيب.. لأفعل فعلتها تقصيها لاخبار ما تريد أو مسايرتها لنفسها منفردة..؟! ولكن رسيس الغضب الذي ظل بعد رحيلها أثار أمواج البحار مرة أخرى لتتلاطم وينسكب كوب الشاي المنتصف لاستيقظ من غفوتي على أوراق مبتلة.. وحلم عاثر..!
فاطمة السلامي

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved