| مقـالات
تقول العرب إن «أعضل المعضلات توضيح الواضحات!»، بيد أنهم لم يوضحوا لنا معايير ما هو معضلة؟ ومقاييس ما هو واضح؟ عليه متى تكون المعضلة معضلة؟ وطبقا لقاموس وفهم من؟ وهل من الضروري أن ما يبدو معضلة عند هذا يصبح معضلة لدى ذاك؟ بل هل ما هو واضح لك واضح لغيرك وضوحه لك؟! ألا تشمون في العبارة السابقة ـ وأخواتها ـ احتكاراً وانتقائية، واستحواذاً على سلاح «تعريف الحقيقة» ودعوة مبطنة لتسطيح الأشياء من خلال أخذها على علاتها، وقبولها على عواهنها بدون تمحيص أو تدقيق أو تحقيق، مما يعني صرف الأنظار عن غربلة المألوف وصدها عن اختبار صلاحيته زمانا ومكانا؟! الغريب أنهم في الغرب يحثون على النقيض مما )تشع!( به العبارة السابقة! إنهم يقدرون )الفضول العلمي(، ويحبذون استجلاء الجلي واستيضاح الواضح كما يدل عليه منهجهم المعروف بـTesting the Obvious، وذلك تأثرا منهم ـ ربما ـ بالعرب الأوائل التي تعارفت على أن «النار من مستصغر الشرر»، وأن للأسباب الكبرى أسباباً صغري وان «معرفتك للشر حري ألا تقع به»، خصوصاً في ظل حقيقة أن «ما كل ما يلمع ذهبا!»، وهذا هو سر استخفاف وازدراء )أبوعرب!( بالباحث الغربي حين يعتكف بمعمله، أو يجوب الصحراء ممضيا أياما وليالي يرقب حشرة من الحشرات، ويدون عنها كل معلومة مهما تضاءلت، إنه كذلك سر لجوئنا ـ منهجيا ـ إلى الارتماء في أحضان الحقائق الكبرى كما هو ماثل في العقلية البحثية الضحلة التي لا تفتأ )تفرمل!( على أعتاب الظواهر الملتهبة، بل إنه السر وراء ما لدى الغرب من اكتشافات علمية وتقنية بدأت أول ما بدأت عن طريق التمعّن بأصغر الأشياء )كالتفاحة وعفن الخبز( ، وأخيرا إنه سر اعتمادنا عليهم مَرْكبا ومأكلا وملبسا، وحتى )فياجرا!(.
|
|
|
|
|