| تحقيقات
* تحقيق إبراهيم المعطش:
انتشرت في الآونة الأخيرة مراكز ومعاهد التدريب الأهلية في اغلب مناطق المملكة، ولعل مدينة الرياض كونها العاصمة وتزداد حركة العمل فيها من أكبر المدن التي تضم بين جنباتها عدداً كبيراً من هذه المعاهد الأهلية التي تتبع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والتي تقدم خدمتها للشباب من أجل تدريبهم وتطوير قدراتهم خاصة في مجال الحاسب الآلي ودورات الادارة والفندقة والطباعة واللغة الانجليزية وغيرها من الدورات التي يعطى المتدرب على اثرها شهادة تفيده في حياته العملية، في هذا التحقيق حاولنا التطرق الى ايجابيات هذه المعاهد والسلبيات التي اتضحت في ظل كثرتها وعن مدى الفائدة التي تقدمها هذه المعاهد للكوادر الوطنية، والمشاكل التي تواجهها، وهل أدت الدور المطلوب منها؟!..
سوق التدريب
من أكبر الأسواق
للحديث عن سوق التدريب في المملكة... يشاركنا الأستاذ أحمد الرميح مدير مركز «الأول» للتدريب الأهلي حيث يقول: يعتبر سوق التدريب في المملكة من أهم وأكبر الاسواق في الشرق الأوسط وذلك راجع الى بزوغه نحو الأفق خاصة في ظل الانفتاح على التقنية الجديدة، لذلك فهو قابل لتقبل أي شيء جديد خاصة في مجال التدريب الذي اصبح حجر أساس لكل بلد يبحث عن تطوير كوادر ابنائه، وفي ظل الطفرة التي نعيشها في المملكة ومحاولة التحول في هذه الفترة بالذات من الكم إلى الكيف وجب ان تكون السوق السعودية محل حفاوة كل من يبحث عن الاستثمار في مجال التدريب في جميع المجالات خاصة وأن المستقبل لذوي الكوادر المؤهلة تدريبيا، وأكبر الأدلة على ان السوق التدريبية في تنام هو أننا كنا نعاني منذ فترة من قلة المتدربين في المعاهد ومراكز التدريب الأهلية رغم ما يقدم من اغراءات ومع ذلك كان الاقبال عليه قليلا، وبعد مضي فترة وجيزة اصبح الاقبال يتزايد بشكل كبير على هذه المعاهد والمراكز، والسبب في ذلك وعي الكثير من الشباب أهمية التدريب والتعليم خاصة في بعض الدورات المهمة التي قد لا تخلو مؤسسة أو جهة حكومية أو أهلية إلا وتبحث عن مثل هؤلاء الفئة المدربة.
أسواقنا تقبل كل جديد
يقول ماضي القويفلي مدير وصاحب أحد المراكز الأهلية: هذه المراكز منتشرة في جميع مناطق المملكة وتخدم فئة كبيرة من الباحثين عن الدورات بأنواها القصيرة منها والطويلة، وخاصة في مدينة الرياض التي قد لا تجد مكانا أو حيا إلا وتجد فيه مركزاً أو معهداً للتدريب، وهذا ايضا من الادلة الواضحة على ان السوق السعودية لازالت تقبل كل جديد يكون في صالحها.
ويختلف الباحثون عن هذه الدورات والشهادات التي يحصل عليها المتدرب، فهناك من يتدرب من أجل فتح آفاق معرفية جديدة له كشخص، وهؤلاء نسبتهم قليلة، وهناك من يلتحق بهذه المعاهد من اجل الحصول على وظيفة بعد اجتياز دوراتها خاصة وأنها تمنح شهادات معتمدة من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وهذه الشهادات معترف بها في ديوان الخدمة ولدى الجهات الحكومية خاصة الدبلوم الذي تبلغ مدته سنتين أو شهادة الستة أشهر في مجال الكمبيوتر.
كما أن هناك فئة تبحث عن اجتياز هذه الدورات من اجل الترقيات وتحسين المستوى الوظيفي، وهناك فئة الطلاب الذين يبحثون عن هذه الدورات من اجل مساعدتهم في بعض الدروس ومن اجل فتح افق جديد وتوسيع مداركه.
الخدمات والربح
وعن مدى الفائدة التي قدمتها هذه المعاهد والمراكز وهل أدت الواجب عليها، وهل اختلط المنظور الربحي لانشائها بمستوى الخدمات المقدمة، وهل تتقيد هذه المراكز بالشروط الواجب توافرها من اجل اعطاء شهادة الدورة، يقول الرميح: أعتقد ان هذه المعاهد في طور تقديم الهدف المنشود من تواجدها وانشائها خاصة وانها تسير إلى الأفضل في هذا المجال، وفي ظل الوعي الذي أخد يدركه الشباب بأهمية التدريب والبحث عن الجديد فيه كان لزاما على المعاهد ان تتطلع لتطوير ما تقوم بتقديمه من خدمات خاصة وان هناك اعدادا كبيرة تقدم خدمات ولكن أصبح البقاء للأفضل، ومنظور الربحية مرتبط بمستوى الخدمات التي تقدم للمتدرب، فمثلا المعهد الذي يبحث عن سمعة ويجذب المتدربين فلابد له ان يقدم خدمات متميزة من اجل كسب المتدرب.
وعن الربحية في هذه المعاهد ومدى تأثيرها في مستوى الخدمات يقول فهد الغنامي: ان السعي إلى الربح يطغى على أعمال المعاهد وهذا هدف لا غبار عليه لأن أي معهد يهدف الى الربح يجب ان تكون الجودة لديه مرتفعة، والجودة تحتاج الى مصاريف عالية، ولذلك نجد ان جميع المعاهد المتميزة في عملية التدريب وذات المستوى العالي هي التي تقدم خدمة عالية المستوى للمشتركين في هذه الدورات.
لذلك تستطيع ان تقول ان الربحية والجودة يسيران في خط متواز، ولذلك فكل معهد يعطي اسعاراً على قدر الخدمات المقدمة من الاجهزة والمدرسين والاثاث.
بحث عن الأرباح
فيما أكد أحمد العبدالكريم ان اي معهد أهلي تجاري لم يتم افتتاحه إلا بحثا عن الارباح والكسب المادي، ولكن ليس من حق صاحب المعهد ان يغلب جانب الربح على جانب الاهتمام بنوعية التدريب ونوعية العمل الذي يقدم، وان صح القول فإن اي معهد يبحث عن التميز فإنه لابد من ان يغامر ويستقطب كوادر تدريسية مؤهلة، والمتدرب سيرى بعينه المعهد وما يدور فيه، وسيأخذ فكرة عن ما يقدم فيه فإن كان ما يقدمه مميزاً فإن المتدربين سينقلون هذه الصورة، وبذلك يكسب سمعة جيدة.
كما يوافقه )الرميح( ويرى ان هناك تناسبا بين البحث عن الربحية ومستوى الخدمة المقدمة، فمتى ما قام المعهد بتقديم خدمات تجذب الباحثين عن الدورات فإنه بذلك سيضمن الربح من خلال ما يتم تقديمه، ولا يمكن زيادة الارباح إلا بتقديم التدريب الجيد والبحث عن ما هو جديد ومميز.
اختلاف الأسعار
وعن اختلاف أسعار الدورات من معهد إلى آخر رغم ان الشهادة هي نفسها واحدة ومصدقة من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني يقول القويفلي: كل معهد يختلف عن المعهد الآخر وفي أمور كثيرة فالاسعار يدخل فيها عوامل أهمها موقع المعهد، والذي على اثره يكون الايجار، نوعية الخدمات مثل الاجهزة الحديثة الاثاث المكتبي وكذلك كفاءة المدربين والمدرسين، اسم المعهد في السوق خاصة وانه يبني علاقة مع بعض الجهات التي تثق في ان اي خريج من هذا المعهد فإنه يعني قدرته الكبيرة في المجال الذي تدرب فيه، وأرى ان هذه الامور تتدخل في سعر الدورة ولها اثر في ارتفاع الأسعار.
ويضيف العبدالكريم عن هذا الموضوع: أعتقد أن الرسوم التي تقدم تتوافق مع ما يقدم من خدمات خاصة وان كل شيء محسوب وله وضع خاص، بل ان هناك بعض المعاهد تحاول ان تخفض قدر استطاعتها من اجل جذب المتدرب الذي بدوره يطلع على ما يدور وما يقدم في هذا المعهد من خدمات، هذا بخلاف ان بعض المعاهد تراعي ذوي الاحتياجات الخاصة وتقدم لهم أسعاراً مخفضة قد تصل الى اعطائهم الدورة مجانا.
رسوم الدورات
كما يتحدث «الرميح» عن الدورات ورسومها ويقول: الرسوم مناسبة مقارنة بالخدمات المقدمة للمتدربين واستقطاب كوادر متميزة ومؤهلة تأهيلا كاملا، وتجديد الأجهزة والايجار، يجعلنا ننظر الى الرسوم بعين الاعتبار بحيث نحاول ان نغطي كل المصاريف مع النظر الى ايجاد نسبة ارباح، والاختلاف في اسعار المعاهد يرجع إلى أمور كثيرة فكل معهد يختلف عن الآخر في مستوى المدرسين العاملين والموقع فمعهد يقع في أحد الشوارع المشهورة والمعروفة اعتقد انه لا يقارن في معهد يقبع في احدى الحارات او في شارع فرعي.
اتهام المدربين باطل
وعن مستوى المدرسين الذين يقومون بتدريب الكوادر خاصة وانها تقع في قفص الاتهام بأنها غير مؤهلة التأهيل المطلوب وتنقصهم الخبرة، يقول )الرميح(: أعتقد ان اي معهد يبحث عن الارتقاء بسمعته لابد ان يستقطب مدرسين على كفاءة عالية ولديهم القدرة على التدريب، وأي خلل في مستوى المدرسين بالذات فإني أعتقد انه سيؤثر تأثيراً كبيراً على الخدمة التي يقدمها المعهد، وعلى كل فهذا الأمر تتابعه المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني حيث انها لا توافق على مدرسين في هذه المعاهد إلا بعد ان تتوافر فيهم الشروط اللازمة.
ويؤكد الاستاذ فهد الغنامي بقوله: أعتقد ان هذا الموضوع في غاية الاهمية لأن المدرب هو المحور الاساسي في عملية الدورة، وأرى ان أي معهد لا يستقطب مدرسين لديهم القدرة الكافية على التدريس فإنه بذلك يضحي بالمعهد الذي قد يؤدي الى فقد الثقة بينه وبين المتدرب ومن ثم الانحدار في المستوى وقد يؤدي الى اغلاقه، لذلك فإن المعاهد التي تبحث عن مكانة متميزة من بين المعاهد لابد لها ان تتميز من خلال المدربين، وأعرف بعض المعاهد تستقطب مدرسين يحملون شهادات متقدمة في مجال الدورات التي يقدمونها مثلا أحد المعاهد جميع المدرسين فيه يحملون شهادة الدكتوراه في مجالاتهم وهي ميزة تجذب المتدربين وتميز هذا المعهد.
ويضيف: أي معهد يريد ان يكسب ماديا فعليه ان يجلب مدرسين ذوي كفاءة عالية لأن المردود الايجابي سيكون على المعهد أولا والمتدرب ثانياً ثم المدرس في المرتبة الثالثة.
متابعة وعقوبات
وبما أن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني هي المسؤولة لذلك توجهنا الى الاستاذ إبراهيم الشثري مدير عام المعاهد والمراكز الأهلية بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وهي الجهة المشرفة على هذه المعاهد، حيث أكد ان المؤسسة وضعت لوائح وقوانين لتنظيم تلك المعاهد والمراكز وتحكم سير العمل بها، وتتابع بكل دقة ما يتم فيها بدءا من الترخيص الى البدء في العمل ومتابعة سير العمل.
وأضاف ان المؤسسة لا تعطي الترخيص إلا بعد توافر جميع الشروط في المعهد لكي يتم افتتاحه من تجهيزات وكفاءات وأثاث، وتقوم المؤسسة بانذار أي معهد يخالف الانظمة وإذا تكررت المخالفة قد يصل الى سحب الترخيص.
وأبان أن المؤسسة تعكف حاليا على دراسة لتصنيف المعاهد والمراكز الأهلية يعتمد فيها على الموقع والتجهيزات وخبرات المدربين وشهاداتهم.
وعن بعض السلبيات يقول المتدرب عبدالعزيز النفجان: هناك سلبيات ملحوظة على هذه المعاهد أهمها عدم الالتزام ببعض الشروط التي يؤكد المعهد انه يعمل بها مثل التجهيزات فمثلا درست في معهد قرأت عنه في بعض الصحف انه يضع لكل متدرب جهازا واكتشفت انه يعمل على الجهاز الواحد أكثر من متدرب، كما اني لا أجد بعض الجدية في بعض المدربين الذين يقومون بتدريبنا حيث انهم غير ملتزمين معنا اعطاء الدروس وينتهي الشرح قبل انتهاء الوقت.
ويؤكد تركي العمري انه توجد سلبيات لكنها تختلف من معهد إلى آخر.. حيث يرى تركي انه اشترك في أكثر من دورة وفي اكثر من معهد ووجد ان هناك بعض الفروق ما بين معهد وآخر، ومن السلبيات التي يراها التباين الكبير في اسعار الدورات التي تمنحها بعض المعاهد وأنها تسبب اشكالية عند البعض.
|
|
|
|
|